نصيحة الى المقامرين الامريكان .. من يبدأ العد التنازلي؟ سورية الله حاميها

مشكلة الامريكان انهم يحسبون كل شيء بدقة متناهية ويقتنعون ان عقلهم لايخطئ الحسابات .. وتحس كما يقول المصريون انهم يضعون مخططات ليس فيها ثقب واحد ومخططاتهم ما (تخرّش المية) .. ولكن مع هذا تصاب مخططاتهم بالزرب وكل الماء الذي يضعونه في خططهم يتسرب كأنهم يسكبون الماء في سلة .. والسبب هو ان لهم عقلية المقامر والمغامر .. وفي القمار دوما حسابات وأمنيات ولكن دوما تأتي مفاجآت ..
ذهبوا الى فييتنام ومعهم كل عنجهية النصر الثمين على المانيا النازية وسيطرتهم على معظم اوروبة وثقتهم المطلقة بالتفوق العسكري لسلاحهم الفتاك وانهم أصحاب العزيمة النووية التي شم الكون رائحتها في هيروشيما .. ولكن كل حساباتهم أخطأت في توقع الروح العنيدة للفيتناميين الفقراء الذين حاربوهم في الادغال.. وإغفل الامريكان العامل الشيوعي القريب .. فتحطموا في فييتنام وأدغالها .. وفي الصراع العربي الاسرائيلي خططوا بدقة متناهية هزموا ناصر واقتلعوا أهم قلعة عربية هي مصر من قلب العرب واخذوها الى كامب ديفيد ولكن غاب عنهم انه اذا كان لاحرب الا مع مصر فانه لاسلام الا مع سورية .. وان المعركة لاتحسم الا بعد ان يقتلعوا قبر وروح صلاح الدين من أهل دمشق .. فلم يكن هناك سلام ولامن يحزنون ..


وفي حرب العراق الاولى كانت حساباتهم دقيقة للغاية ونصبوا الكمين للعراقيين ووقع العراق في كمين الكويت وتم تدمير الجيش العراقي ونجحت الخطوة الاولى لاحتلال العراق والشرق الأوسط التي بدأت في الكويت لأن الكويت كانت معركة واحدة في سلسلة معارك قادمة .. وكانت حساباتهم أدق بكثير في الخطوة التالية وهي حصار العراق في غياب الاتحاد السوفييتي وغياب العرب والعروبة حتى صار مثل الثمرة الناضجة في آخر الصيف .. فسقطت الثمرة عندما هز الجيش الامريكي جذع النخلة العراقية عام 2003 .. وهنا بدأت الخطوة الثالثة في الخطة وهي التحرك نحو سورية من لبنان عبر سيناريو الحريري .. وعندما خرجت سورية من لبنان .. تصافح الامريكيون وتبادلوا التهاني وشربوا الأنخاب .. وتواعدوا على اللقاء في دمشق .. فخطتهم التي (ماتخرّش المية) نجحت .. ولكن فجأة بدأت السلة الامريكية والخطة الامريكية تسرب الماء بغزارة .. والامريكي يسد الثقوب .. ولكن كلما سد ثقبا انفجرت ثقوب أخرى .. فصار يزيد ملأها بالماء ولكن هيهات .. لم يبق ماء في السلة الامريكية ..


فما لم يحسبه الامريكي هو ان السوريين وجدوا ان ظهرهم صار للحائط .. العدو من أمامهم والعدو من ورائهم والعدو في شمالهم والعدو في يمينهم .. فهو في العراق الذي سقط بيد الجيش الامريكي ولبنان الذي سقط بيد عملاء اميريكا وصارت اسرائيل حائرة في اي الطرق أقصر الى دمشق كي تسلكه .. هل هو بغداد دمشق أم مارون الراس دمشق؟؟


يومها توجس أحد التقارير الامريكية من ان الضغط على السوريين بوقاحة مفرطة سيجعلهم يقاتلون بشراسة وطلب من الديبلوماسية الامريكية اللجوء الى اللين ومتابعة ارسال المراسيل على غرار كولن باول حتى وان كان كمنتصر قد أهين في دمشق وخرج شبه مطرود من القصر الرئاسي عندما رفض الاسد بهدوء قائمة الطلبات والاوامر .. ولكن غرور المخططين كان فوق كل نصيحة وأنهم اليوم لايغلبون وانهم لن يرسلوا الا الدبابات والموت الى دمشق .. ولاغالب لهم حتى الله ..


ولكن تلك النصيحة الثمينة في ذلك التقرير التي احتقرت كانت هي مايجب ان يصدقه من يظنون ان لاغالب لهم حتى الله .. فقد قرر السوريون وفي ذروة النصر الامريكي حيث لايجرؤ عاقل في العالم ان يفكر ان يتحدى المحافظين الجدد بسلاحهم الفتاك وشراهتهم للقتل واللارحمة التي ظهرت في الاسراع بالاجهاز على الرئيس صدام حسين وأبناء عائلته لارعاب كل من تسول له نفسه ان يتحدى .. وحدهم قرروا المواجهة وظهرهم الى الحائط .. فالحسابات الامريكية كانت دقيقة للغاية وتعرف اين تسقط القذائف واين يموت كل عراقي .. ولكن الثقب في هذه الحسابات هو ان الامريكيين لم يفكروا ان السوريين سيهدمون المعبد على رؤوس الجميع لان السوريين قرروا أن لاغالب لهم الا الله وأن (سورية الله حاميها) وليست أمريكا ولاروسيا .. ولو سقط المعبد على رؤوسهم .. فأخرج السوريون من خزائنهم خطة بسيطة وهي نشر فكرة المقاومة اللبنانية لتعمم على كل العراق وبنفس الطريقة .. ولكن على مستوى كل العراق .. وابرموا اتفاقا مع الايرانيين لاعودة فيه ان لايستريح الجندي اليانكي الا في القبر والنعش .. وبدأ الامريكي يحاول ان يصلح في جردة الحساب التي جاء بها وان يسد الثقوب في السلة وأن يعدل في المعادلة فقتل الحريري وجهز اسرائيل للفتك بكل من اعترض على كولن باول .. ولكنه لم يحسب حساب مفاجأة حزب الله التي سحقت الجيش الاسرائيلي عام 2006 .. وبدا الجيش الامريكي ينتظر معجزة توقف هذه المذبحة للجيش الامريكي في العراق .. وكان الحل هو دفع الحرب نحو سورية ومن العراق .. ولكن في حساباته خطأ بسيط جدا هو ان ظهره مكشوف في العراق وهناك الحرس الثوري الايراني لم يكن في الحسبان وقد يدخل المعركة .. وتبين ان الحسابات الدقيقة نسيت ان الانكسار في العراق قد يعني ان حربا على سورية ستكون أقسى وان الجيش الامريكي الذي لم يقدر على ضبط العراق ستكون امامه مساحة سورية والعراق ولبنان كي يضبطها وسيحتاج الى 750 ألف جندي .. وهذا الرقم لن يفيد اذا دخلت ايران وصار عليه ان يضبط ايران .. وعندها سيحتاج الى مليون ونصف جندي في هذا المشروع الخاطئ .. انها غلطة صغيرة في الحسابات كلفتهم فشل البقاء في العراق لمئة سنة كما كان المخطط حيث سيسقط الدومينو العربي وأول دومينو في سورية ولبنان .. فقرر الامريكان في تقرير بيكر هاميلتون تصحيح الحسابات .. والتحاور مع سورية وايران كما كانت نصيحة ذلك التقرير الديبلوماسي الامريكي في اول الامر .. من أجل اعادة عقارب الساعة الى الوراء قليلا فقط ليتم تأمين الانسحاب المشرف ..


وهنا بدات حسابات امريكية جديدة فائقة الدقة ومحسوبة بالقلم والورقة والكومبيوتر .. وهي ان هذه المفاجأة المسماة سورية يجب ان تدمر بمشروع من الداخل .. وكانت حساباته هذه المرة أكثر من دقيقة .. فقد جمع لهذه الخطة المحسوبة بدقة الغرب والشرق .. والشمال والجنوب .. وجمع العرب .. وجمع المسلمين .. وجمع الاسلاميين .. والطوائف والحقد الطائفي .. وحقن نزعات مذهبية اسلامية كانت عظما رميما .. وأحيا جثث الخلافات الدينية .. ونبش رفاة الجمل الذي ركبته السيدة عائشة وأخذ منه (الدي ان ايه) وبعثه من جديد كما فعل ستيفن سبيلبيرغ في الحديقة الجوراسية عندما أعاد احياء المخلوقات المنقرضة والديناصورات المتوحشة .. فقد عاد الجمل وجمع الامريكيون السقيفة واعادوا عرض فيلم الصحابة وخلافاتهم .. وجاؤوا بالديمقراطية والبكائيات العالمية من أجل الانسان .. وجاؤوا بكل مافي هوليوود من خيالات وقصص لاتصدق ونشروها في كل وسائل اعلام الدنيا .. ثم قدموا للاخوان المسلمين وللأتراك ثمنا يسيل له لعاب اي مجنون .. وعندما اكتملت التحضيرات .. تبادل الامريكيون النظرات فيما بينهم .. وتصافحوا .. وتبادلوا التهاني .. واشتروا الانخاب التي سيشربونها في دمشق وفي كؤوس عثمانية .. والبعض اعتذر عن أخذ الكؤوس لأنه سيشرب الانخاب في جماجم أهل هذا النظام العنيد ..


وسرت الخطة بنجاح غريب .. كالنار في الهشيم وأحيانا بأسرع مما توقعه الامريكان .. سقطت ليبيا ومصر واليمن .. ودرعا أعلنت شارة البداية .. وتوالى سقوط المدن والارياف .. سقطت حلب .. وسقطت الغوطة وقصفت دمشق ..وذبح الجنود والضباط السوريون وسحل الموالون في الطرقات وكانت الكف الامريكية تلتقي بالكف الاسرائيلية في نشوة لاتصدق من السعادة ان الخطة نجحت ولم يتسرب الماء منها هذه المرة لانها كانت ملئية بالدماء المتخثرة .. واذكر يومها ان احد المسؤولين السوريين الكبار قال لي .. النظام ساقط ساقط ولا شك في هذا المصير .. وكان المجنون في العالم هو من يصدق ان النظام السوري سينجو من هذه الخطة الجهنمية .. فالنظام أعد له قبره وكتبت عليه الشاهدة وسيارة دفن الموتى تنتظر وينتظرها عمال النظافة القطريون وحفارو القبور السعوديون .. وينتظر ان تصل الجثة لردمها في اية لحظة ..


ولكن من جديد خرجت الحسابات الامريكية عن سكة الحديد وانقلب قطار الاحداث وثقبت السلة بشكل مفجع .. فلم يضع الامريكيون في حساباتهم ان هذا الذي يحدث لم يشق الجيش السوري الذي تماسك كالمعجزة .. ولم ينشق الجسم الديبلوماسي .. وفجأة ظهرت القوة الشعبية الكامنة الجبارة التي توقع الامريكان انها مشلولة ومصدومة من الروع والرعب وخائفة او حائرة .. ثم خرجت مفاجأة حزب الله الذي دخل سورية .. ثم دخلت ايران .. ثم دخلت روسيا المنسية الغائبة منذ عقود والتي كانت نائمة في الكهف والتي ايقظتها الهزة السورية وأحست ان الموجة ستهز روسيا نفسها اذا سقطت دمشق .. وبدأت السلة الامريكية تسرب الماء بغزارة .. ورغم كل الماء المسكوب وداعش والقاعدة وجيش الاسلام فقد تسرب كل الماء .. وسقطت كل السلة من يد الامريكان ..


وبنمفس الحسابات الدقيقة وضع الامريكي سلته المليئة بالماء في اوكرانيا وظن ان روسيا ستقع في شهرين من العقوبات وان الشعب الروسي سينتفض بالدعاية الامريكية .. ولكن الروبل الروسي صار أقوى وبدأت اقتصادات اوروبا تتآكل بسرعة .. واكتشف العالم انه يأكل من روسيا لا من امريكا وأن العناصر النادرة في كل الصناعات تأتي من روسيا .. وان الغاز من روسيا وان اقتصاد العالم يتآكل لأنه لايتفاعل مع المواد الخام الروسية .. واكتشف العالم ان روسيا ليست فقط وفق حسابات امريكا بانها اقتصاد ضعيف لايساوي اقتصاد اسبانيا .. بل اقتصاد روسيا قوي جدا لأن اقتصاد العالم كله يعتمد على مواد روسيا الخام .. اي ان روسيا لاتملك دولارات ورقية لاقيمة لها .. ولكنها تملك القمح والنفط والغاز .. وعلى الموائد لن يأكل العالم اوراق الدولار بل يريد ان يأكل القمح .. والمقاهي لن تقدم القهوة الباردة والحلوى اذا لم يكن فيها كهرباء وطاقة وغاز .. وهنا عبقرية الاقتصاد العيني مقابل الريعي .. وبدأت السلة الامريكية تهرب الماء في اوكرانيا ..
فتعود امريكا الى سورية وتقرر الحسابات الامريكية ان الاستيلاء على الخبز السوري والمحروقات واقامة كيان كردي انفصالي .. وضرب ميناء بيروت وسرقة دولارات وودائع السوريين واللبنانيين عبر عميلها رياض سلامة وأعوانه اللبنانيين سيكون الضربة القاضية .. فالجوع سيضرب الموالين للدولة والحاجة ستغير وطنية السوريين ..


وبعد نضوج قيصر وضرب الليرة وازدياد الحصار .. بدأ الاميريكي يفرك كفا بكف ويستعد لشرب الانخاب وهز الشجرة السورية التي نضجت ثمرتها أخيرا .. فالجوع والحرمان وشلل الاقتصاد سيؤتي اكله .. وسيأكل السوريون السوريين .. وبدأت عملية تحريض للشعب وتمثيلية ثورة الجوع الاردنية للقول للسوريين ان كل شيء ينفجر من اجل الجوع .. وهناك اليوم عد تنازلي وساعة صفر للانفجار .. ولكن هناك غلطة بسيطة امريكية في الحسابات كالعادة ..وسينفجر اللغم في وجه اميريكا نفسها .. فهناك من يقول في قلب البيت الابيض وينصح ألا يزداد الضغط الاقتصادي لأن هذا سلاح بيد السوريين اكثر من كونه سلاحا بيد الامريكان .. لأن القيادة السورية سيكون من مصلحتها اليوم تفجير وخلط الاوراق .. وسيشاركها هذه الرغبة الايرانيون الغاضبون من خيبة املهم من المفاوضات النووية ومن محاولة تفجير الداخل الايراني .. وسيشاركهم الرغبة الروسية في الانتقام من الامريكان .. وكل هؤلاء ينتظرون ساعة صفرهم هم ولن يتركوا الوقت لصالح العد التنازلي الذي بدأه الامريكيون .. فالسوريون ان وجدوا ان ظهرهم للجدار فلن يموتوا الا وهم يسقطون على رؤوس اعدائهم .. وسيهدم كل المعبد الذي يحضره الامريكيون .. وساعة الصفر لانقلاب الساعة تقترب .. والسلة الامريكية سيتسرب الماء منها كما لم يتسرب من قبل .. وسيغرق الامريكي في ماء سلته .. انها نفس النصيحة التي قدمت للديبلوماسية الامريكية بعد غزو العراق وان لايضغطوا كثيرا على السوريين لأن هؤلاء قوم ان وجدوا ظهورهم للحائط سيقلبون كل اللعبة .. وسيهدمون المعبد على رؤوس الجميع .. فهلاء لايؤمنون ان لاغالب لامريكا الا الله .. بل يؤمنون ان لاغالب الا الله .. وان سورية الله حاميها .. وفيها قبر صلاح الدين بكل مايختزنه من معنى العناد والشكيمة في نفوس السوريين ..


فلا تنتظروا ساعة صفر امريكا .. ولاتسمعوا لجنرالات الفيسبوك .. بل نحن من نعد العد التنازلي .. والامريكيون هم في حالة ترقب من حركتنا القادمة .. وان الثقوب في السلة الامريكية وخططها الاقتصادية والحصار الخانق ستتفجر قريبا جدا كما تفجرت قبل ذلك .. انه عام صناعة الثقوب في جسد اميريكا وسلالها .. فلاغالب لنا الا الله .. وسورية الله حاميها ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to نصيحة الى المقامرين الامريكان .. من يبدأ العد التنازلي؟ سورية الله حاميها

  1. رائد زياد كتب:

    مقالك ينعش القلب وينثر الأمل بالنصر القريب
    أسعد الله أوقاتك أستاذ نارام، وكل عام وأنت وسوريتنا بخير.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s