لم يهز الزلزال قطعة في شوارع أوروبة او أبنيتها .. ولم يهز ضميرها السياسي والديني .. ولطالما في لحظات غضبي من هذا البرود الاوروبي كنت اشتهي أن تهتز اوروبة بزلزال لا يقتل أحدا ولايهدم بيتا بل يدخل ساسة اوروبة في لحظة الهلع علهم يفيقون من تحت ركام الثلج والجليد الذي غطى مشاعرهم حتى صارت قلوبهم أشد برودة من القطب الجنوبي وتعشش فيها طيور البطريق .. وحيث صارت لهم دماء الزواحف ذوات الدم البارد ..
ولكن كانت الكلمة دوما هي القادرة على احداث تلك الرجة والصدمة والاهتزاز ويبدو الزلزال أرجوحة للهو أمام قوتها .. الكلمة تملك أحيانا قدرة الزلزلة على هز صفائح النفوس التكتونية هزا عنيفا .. اذا كانت صادقة صادمة مليئة بالحقيقة وهي تصدم الكذب والنفاق الكثيفين بطاقة هائلة ..
اوروبة التي نعرفها اليوم ليست هي اوروبة التي كان الناس يحدثوننا عنها.. فلم تعد تهزها عبارات قديمة عن الحضارة والتحضر والانسان والمعاناة والاخوة .. ولم يعد يهز ضميرها المتبلد الكسول أي مشهد ..
لكن ضمير اوروبة يجلس على صفيحة تكتونية عميقة هي الايمان المسيحي .. وهذا الايمان المسيحي يجب ان يتحرك كي تتحرك القشرة السياسية الحقيرة وتتهدم البنية العقلية للعنصرية والانانية الاوروبية التي تقود نخبها السياسية ..
الاب الياس زحلاوي لم يتوقف عن محاولة هز الصفيحة التكتونية للايمان المسيحي الأوروبي عبر التسديد على اقوى نقطة ثقل لهذا الايمان .. انه الكرسي الرسولي الذي صار صمته غير مقبول ولايتناسب مع الايمان المسيحي العميق والنقي .. ولايتناسب مع رسالة السيد المسيح .. الذي صار غريبا في الكنائس الغربية .. ويصلبه الصمت البابوي ثانية في الشرق حيث صلب أول مرة ..
هذه الرسالة العظيمة للأب العظيم الياس زحلاوي هي من أصدق ماقرأت .. ولأنها كذلك فانها تتنقل بين ايدي السوريين مثل منشور ثوري .. انها ليست مجرد كلمات عابرة .. بل انها تراكم العتب وتراكم الغضب .. وستتحول الى تيار مسيحي في العالم كله .. هكذا تبدأ الزلازل الطيبة .. أليس مافعله السيد المسيح هو بالضبط عملية فدائية من أجل الانسان؟ .. ولكنها أحدثت زلزالا عظيما في الايمان الوثني .. واقامت الايمان المسيحي على أنقاضه .. زلزال لم تتوقف ارتداداته منذ الفي سنة ..
اذا لم يتحرك الفاتيكان لايقاف هذا الوحش الذي يمسك ضمير اوروبة فان هذه الرسالة من كاهن سوري .. هي أول انذار يبشر أن من يهمل زلزال الأرض فانه على موعد مع زلزال الرب .. زلزال طيب يهز الصفائح التكتونية للعقيدة المسيحية ..كي يعود الايمان الطيب وينهار الايمان الهش والايمان التجاري ..
سورية مسيح العالم المصلوب .. والفدائي الذي دفع دمه من أجل هذا العالم .. وهي ستقوم شاء من شاء وأبى من ابى ..
رسالة شديدة اللهجة من كاهن عربي سوري الأب الياس زحلاوي الى قداسة البابا فرنسيس وهذا نصّها.


صاحب القداسـة،
يأخذ الكثيرون عليّ إصراري على الكتابة العلنيّة لك، فيما أنا أرى في ذلك واجباً يفرض نفسَه بقوّة لا تُقاوَم، على كلّ إنسان ذي ضميرٍ حيّ. فكيف به إذا كان كاهناً كاثوليكياً، له مرجعية روحية عليا على مستوى العالم، يمثّلها من يُسمّى نائب السيّد المسيح على الأرض. ولسوف أظلّ أكتب، طالما بقيتَ ممثّلاً ليسوع!
وأمّا اليوم، فما يدفعني للكتابة لك من جديد، فإنّما هي خيبتي المريرة من موقفك الأخير، حيال الزلزال المروّع الذي ضرب سورية وطني، وتركيا.
أما كان منك، إزاء مثل هذه الكارثة الإنسانية، سوى الدعاء إلى الله، والعزاء للبشر؟
دعني، قبل أن أسترسل، أطرح عليك سؤالي المعتاد:
لو كان السيد المسيح مكانك، هل تُراه كان نطقَ بما نطقتَ به، وانكفأ؟
أما كان أضاف إلى كلمتَي العزاء والابتهال، كلمات غضب وإنذار، كما كان يفعل، يوم كان في فلسطين، يواجه بَطَر الأغنياء، وصَلَف المتجبّرين؟
أما كان دعا، على الأقل، إلى وقف الحصار على سورية فوراً، رغم يقينه بأن ليس هناك مَن يسمع؟
وبوصفي كاهناً كاثوليكيّاً من سورية، تخطّى التسعين من العمر، ويدرك تماماً أنه قد يَمثُل في أية لحظة أمام العزّة الإلهيّة، دعني أستحلفك بحقّ المسيح يسوع، هل تُراكَ تجهل حقّاً ما يجري على الساحة الدولية عامّة، وما جرى ويجري، وما يُراد له أن يجري في سورية خاصّة، أقلّه منذ اثنتي عشرة سنة؟ فلِمَ تُراك تتصرّف وكأنّك لستَ ممثّلاً للسيّد المسيح، وخادماً له؟
صاحب القداسـة،
حتّامَ تريد أن تتجاهل، أنّ مَن يشنّون الحروب المبرمجة، ويسنّون “القوانين” و”العقوبات” اللاقانونية، بحقّ الشعوب كلّها، ليسوا في حقيقة الأمر، كما يشهد على ذلك تاريخ الغرب الطويل والأسود، سوى قتَلَة، وكَذَبة، وسُرّاق، يحتاجون، قبل كلّ شيء، إلى مَن ينقذُهم من أنفسِهم أوّلاً، كي يسعى من ثَمّ إلى إنقاذ شعوبهم وشعوب الأرض، من شرّهم المتمادي؟
فلِمَ تُراك تصمت، وتبرّر بالتالي، صمتَ جميع المسؤولين في كنائس الغرب الكاثوليكيّة؟
وماذا ستقول للربّ يسوع، إذا ما اكتمل مخطط تدمير العالم العربي، وتشتيت شعوبه، وتفريغه من مسيحيّيه، ولا سيما في فلسطين وسورية، أرضِه ووطنه!؟
ألستَ خادماً له… يسوع إيّاه، الذي قال أحنّ الكلام في المستضعفين في الأرض، وأقساه في المتجبّرين على البشر؟ أليس أضعف الإيمان أن يُعيدَ الخادم كلام سيّده؟
صاحب القداسة،
أنت كثير السفر. فما الذي يمنعك من زيارة سورية، لترى بأمّ عينك بعض ما حوّلوا إليه، شعباً أصيلاً في إيمانه، وتسامحه، ونُبله، ومودّته، واليوم في عذابه جرّاء هذا الزلزال المدمّر؟
أما راعك ذاك التفاوت الفاضح بين استجابات “سادة” الأرض، وأُجرائهم الكثيرين، من أجل نجدة تركيا المنكوبة، وتغاضيهم الوحشيّ عن سورية، في ما هي فيه، من صَلْبٍ يتواصل منذ اثنتَي عشرة سنة، وزلزالٍ ماحق، وحصارٍ خانق؟
لكأني بتّم في كنيسة الغرب كلّه، في حاجة ماسّة إلى مَن يتلو عليكم اليوم، وكلّ يوم، قصّة السامريّ الرحيم، كما رواها الربّ يسوع في إنجيله!
وإني لأكادُ أسمعه يقول اليوم لكنائسِه كلّها، و”لسادة” الأرض على السواء:
“إلى متى أكون معكم؟ وحتّى متى أحتملكم؟”
أم تُراكم تريدون أن تسمعوا منه سَيل الويلات الرهيبة، التي صبّها على رؤوس مُنكريه، كي يوقظَهم، يومَ يئِس من إصلاحهم؟
إلاّ أني، يا صاحب القداسة، أؤثر، في ختام هذه المصارحة البنويّة، أن أذكّرَك، اليوم أيضاً، ببعض ما ارتأى الربّ يسوع، في حكمته ومحبّته، أن يقولَه في دمشق بالذات، كما تَبيّنَ لكَ وللمراجع المختصّة في روما. فمنه ما قاله عام 2004، أي قبل الحرب على سورية بسبع سنوات، ومنه ما قاله خلالها، عام 2014.
وإنّ لَفي أقواله هذه، حُكماً بالغَ القسوة بحقّ الغرب كلّه، كما أنّ فيها أيضاً وعوداً مستحيلة بشريّاً، تجاه الشرق كلّه. وفيها أخيراً وعيدٌ قاطع، بحقّ مَن شبّههم بيهوذا!
ففي 10/4/2004، قال يسوع:
« وَصيَّتي الأخيرةُ لكُم:
اِرجِعُوا كلُّ واحدٍ إلى بيتِه،
ولكنْ اِحملوا الشَّرقَ في قُلوبِكم.
مِن هنا انبثقَ نورٌ من جديدٍ، أنتم شُعاعُه،
لعالمٍ أغوَتْه المادّةُ والشّهوةُ والشّهرة،
حتّى كادَ أن يفقِدَ القيمَ.
أمّـا أنتُم،
حافِظوا على شَرقيَّتِكم.
لا تَسمَحوا أن تُسلَبَ إرادتُكم،
حريّتُكم وإيمانُكم في هذا الشّرق. »
وفي 17/4/2014، قال يسوع:
« الجراحُ التي نَزَفتْ على هذِه الأرضِ،
هي عينُها الجراحُ التي في جَسَدي،
لأنّ السَّببَ والمسبِّبَ واحدٌ.
ولكنْ كونوا على ثِقَةٍ،
بأنّ مصيرَهم مثلُ مصيرِ يهوذا. »
طوبى إذن لمَن يؤمن ويُعلن!
صاحب القداسة،
تقبل محبتي واحترامي
الأب الياس زحلاوي – دمشق 11 شباط 2023




مع الأعتذار من الأب زحلاوي،
اوروبة التي نعرفها اليوم، والتي حدثنا عنها تاريخها، هي اوروبا التي استباحت شعوب الأرض وعاثت فيهم تقتيلا واحتلالا، ونهب ثروات، وافقار، وتشريد، وكل فعل مشين ومحرم “في الأنجيا”، وهي التي قسمت العالم الى دويلات غير قادرة، وغير مأهلة ان تعيل نفسها وتعيل سكانها!
اوروبا التي نعرف، ولامسنا “جبروتها”، واكتوينا بتغولها، هي اوروبا التي اجتمعت “دولها المتحضر’” في بيرمان-بريطانيا للتحضير الي “سايكس-بيكوت”، والذي اتبعته بوعد بلفور، وبالمناسبة، كان الفاتكان من “الدول” الحضرة، لتبارج المؤامرة التي لا زلنا نكتوى بنارها، والتي مهدت لقيام “دولة الكيان الصهيوني” على ارض فلسطين، وتشريد اهل فلسطين فب اصقاع الأرض. هذه هي اوروبا الت نعرف، والتي درسنا عنها، والتي لا زلنا نكتوي بوحشيته، ليس فقط في فلسطين، بل في كل “دولة” من الدول التي خلفتها لنا فيما اسمته زورا وباطلا “الشرق الأوسط”ن بل وفي كل العالم!
مع محبتي واحترامي وتقدير للأب الياس زحلاوي، وموقفة الوطنية المشهودة!
مع الأعتذار من الأب الياس زحلاوي،
اوروبا التي نعرفها اليوم، والتي حدثنا عنها تاريخها، هي اوروبا التي استباحت شعوب الأرض وعاثت فيهم تقتيلا واحتلالا، ونهب ثروات، وافقار، وتشريد، وكل فعل مشين ومحرم “في الأنجيل والقرآن”، وهي التي قسمت العالم الى دويلات غير قادرة، وغير مأهلة ان تعيل نفسها وتعيل سكانها!
اوروبا التي نعرف، وإكتوينا بنيران “جبروتها”، وبتغولها، هي اوروبا التي اجتمعت “دولها المتحضرة’” في بيرمان-بريطانيا، عام 1905-1907، للتحضير ل”سايكس-بيكوت”، والذي اتبعته بوعد بلفور المشؤوم، وبالمناسبة، كان الفاتكان من “الدول” الحاضرة، لتبارك المؤامرة التي لا زلنا نكتوى بنارها، والتي مهدت لقيام “دولة الكيان الصهيوني” على ارض فلسطين، وتشريد اهل فلسطين في اصقاع الأرض. هذه هي اوروبا التي نعرف، والتي درسنا عنها، والتي لا زلنا نكتوي بوحشيتها، ليس فقط في فلسطين، بل في كل “دولة” من الدول التي خلفتها لنا فيما اسمته زورا وباطلا “الشرق الأوسط”، بل وفي كل العالم!
مع محبتي واحترامي وتقدير للأب الياس زحلاوي، ومواقفة العروبية والوطنية المشهودة!
تركت تعليقا، مرتين، ولم تنشروه!؟؟