آراء الكتاب: الحمار المجنح والمحاربون الجبناء .. – بقلم: يامن أحمد

لقد فر من أمامي العنوان وتحسسته يختبئ مرتجفا تحت أجنحتي وكأنه فريسة تفر من ليث جائع إنه العنوان الوحيد الذي أحسبه عنوان حروب الأنفس الهزيلة فمن كان رفيق وفيا لعواصف أنفاس فرساننا على الجبهات وهي تعصف و تزمجر لانتشال جسد سوريا من سحيق المجهول فلن يشرفه أن يصغي إلى نظريات الجبناء بل سوف يواجهها لأن من امتشق قلبه درعا لن يسأل عن ألم الضربات في باقي جسده. ومن لم يقدس ملاحم من أعادوا الأمة السورية إلى الوجود لن ينال مني إلا الرد ..لقد انتهى الكثير من المعارك العظمى ونحن اليوم في عام ٢٠٢٣ في مواجهة مع معارك أخرى ليست بأقل خطورة عن سابقها لأنها تمس الوعي وتلعن الحقيقة ولا تراعي الواقعية وللمواجهات شرف عظيم ينتفض له كل ذي عقل فلا يمكن أن تجف عروق الأقلام أمام الرد على فكر يجني من الألم تعاسة وهروبا لايمكن للطيبين الأشراف أن يسمحوا لجوقة البكاء والعويل أن تقودهم فكريا فما من أمة تنجو إلا بالحياة وبمواجهة النكبات وترويض الآلام .إن من المعلوم انه اذا مرض انسان عزيز عليك أن لا تحدثه عن مرضه لأن في ذلك زيادة في المرض عليه سيما وإنك لا علاقة لك في علاجه ولوكنت ذا عقل لكنت استنفرت الطبيب في قلبك وحدثته كطبيب لأن الحقيقة هي أن لا تحدثني عن آلامي بل عن أسبابها وعن علاجها وكم تشبه الأنفس التي تصفق لكل متقول تلك الخراف التي تلحق بالراعي وهو من سيذبحها وهكذا تلحق خراف أنفسكم بهؤلاء .

بعد انتهاء الكثير من ملاحم المواجهات العسكرية الوجودية الاجتماعية لقد قرأنا الكثير من كلمات الألسن التي انسلت من جحور الصمت الجاحد بعد أكثر من عقد من الزمن لدى أشخاص لا يملكون الشجاعة للتحدث بحرف واحد عن قبح من يصفق للعدوان الصهيوني وعن قباحة الوجود الأمريكي وقذارته في تجويع السوريين جراء سرقة نفطهم وقمحهم والأقبح من هذا صمت هؤلاء عمن يساعد الامريكي في ترسيخ احتلاله من انفصاليين وعن الوجود التركي وعمن يرفضون المصالحات لالتحام سوريا وعن عون قطر للمفسدين في الأرض ولم يتحدث هؤلاء عن قباحة موقف قطر من زلزال سوريا فما أقبح من يحدثك عن الألم منفصلا بهذا عن كل هذه الحقائق وهل يمكن لضوء حق أن يشب من قلوب عمياء ما أحقر ذاك الفكر الذي يظن بأننا كنا في ملحمة عسكرية وسياسية محضة ولم ير أننا كنا نجري عمليات إنقاذ اجتماعي لسوريا وها أنا سوف أحدثكم اليوم عما يقوله هؤلاء لنتمكن من الغاية التي أريد طرحها..

يقول هؤلاء: سوريا اليوم منكوبة.. ثمة دمار ومهجرين وشتات وألم ..آه لو يمكننا جميعا أن لانبقى هنا في هذه البلاد الجوفاء الخاوية ..ويقول آخرون :..لاكرامة لنا في هذه البلاد ولاحياة والسؤال الذي يطرح نفسه : ماالذي استفاده السوريون من تلك الكلمات ؟! إن غالب دول العالم الغربي طحنت خلال الحرب العالمية الثانية عظامهم واحترقت لحومهم تحت الركام وفوقه ولكن دولها عادت بعد ذلك للحياة بقوة من بقي في بلاده وليس بقوة من رحل عنها.

العز لمن بقي وعمل على البقاء في قلب الزوال والفناء ولهذا أقول لكم يا ملوك الأحاسيس العجيبة تحسسوا كلماتكم قبل اطلاقها فهي تحقق أحلام مستوطن يهودي في البقاء فكل ماينفع ابناء الزوال هو باطل واحذروا من جحود كلماتكم فالعاطفة الخاوية من الحقيقة لن تشرق منها الحياة وهي دروع آمان للأمريكي وتحقيق لحلم الإنفصالي فكيف لك مثلا أن تمقت قاضيا مرتشيا أطلق سراح مجرم وأنت تطلق سراح المجرمين في كل سوريا وما حولها بسبب كلماتك التي تتمنى للسوريين أن يعيشوا في مكان أفضل وكيف بك وانت تدرك أن بلادك منهوبة ولاتجرؤ على الاشارة الى من نهبها وباعها للتركي منذ أول يوم وسلمها للأمريكي كذلك هنا لانتفق معك لأن عقلك قد نهبه الجهل .ياهذا ألم تدرك بعد أنه و بقوة من بقي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية من ألمان متعبين محطمين منكوبين استطاعت ألمانيا أن تنهض من تحت الركام وهي اليوم تستقبل من لم يستطع أن ينهض ببلاده مع أن هتلر قاتل خارج بلاده بجيشه في بقاع الأرض وقذف بهم الى الفناء من أجل قضية منزوعة من الشرف والعقل أما نحن فنرد عدوان الأمم التي تنهب أرواح السوريين ولم نذهب لنقاتل خارج سوريا ومع هذا فأنت ترى أن قول الحقيقة ثقيلا لايحتمل ؟! لم ينقل أحدهم الألمان الى بلدان أخرى بل نهضت المانيا ونقلت الحياة الى شعبها واعلم أنك تساعدنا عندما تنقل الينا مافعلته الأمم المتقدمة من أجل البقاء وليس أن تنقل الآخرين إليها عبر الطائرات وغيرها فما من فكرة هزيلة الا وكانت دابة لأحلام من يحاربون سوريا اليوم إذ أن أفكارك التي لاتحمل سوى الهروب هي بمثابة دابة مجنحة تحلق بأماني من دفع سوريا الى هذا الواقع وتحمل معها كل من صدق أن تلك الدابة المجنحة هي المُخلص فإن كان قلبك غجريا يتعلق حيث المأوى يناسب حاجته فقلها ولاتخشى أحدا قلها إنك تطارد الحياة حيث هي ولاتريد أن تنهك نفسك بإستعادة الحياة لأمتك لأن كلامك هو كلام من لايقدر على فعل شيء.هناك أجيال ناشئة تقرأ لكم وتستمع اليكم ويصفق لكم مسلوبو الفكر التقي وبهذا أنت وأمثالك تعملون على ترسيخ فكر هش قابل لكي يقتلعهم من أي مواجهة قادمة في أمة كانوا بل وحتى في أي مكان سوف يفرون من مواجهات أخرى علموهم تجاوز النكبات لا الاستسلام لها علموهم الزرع وليس الاقتلاع علموهم أن يغرسوا أنفسهم في صدر المحن لا أن يسجدوا لها. استغلوا النكبات لبناء الأنفس لا لهدمها علموهم أن لايخذلوا من ماتوا وفقدوا اجزاء من اجسادهم لكي نبقى علموهم أن الحياة مواجهة في كل مراحلها وليست حظيرة خراف وليست مسرى من العمل الى المنزل فقط علموهم أن التفوق في الفكر لايكون الا في التفوق على الاستسلام..

تحدثوا بكل الحقيقة لكي لايحدثكم ابناؤكم في المستقبل بجزء من الحقيقة وإلا سوف نصنع معهم مجتمعا غير حقيقي قولوا لهم إن وجود الأمريكي احتلال اطلعوهم على أن وطنهم منكوب ليس من قبل الدولة بل من فاسد دموي بنى البيئة لولادة فاسد في الدولة عرفوهم ماهي قيمة الدولة وقوتها لكي يصعدوا لبناء الدولة في المستقبل و لاتقدموها جابيا للمال بل قدموها حالة ادارة وجودية اجتماعية تحرس الأمة وتحرس أحلامهم علموهم بأن مانمر به هو مرحلة وليس مصيرا وأنهم هم المصير ونحن من عبرنا بهم المرحلة علموهم أن من يقرأ من الحروب صفحة واحدة فقط هو جزء من الحرب وليس من الحل اغتنموا هذه المواجهات وعلموا أبناءكم من جمالها وليس من قبحها..

لم استطع رؤية تلك الأنفس التي لم تلتفت إلى تحصن جندي عظيم يحمي رفيقه الجريح ومن جرحه العميق تعود سوريا وهي مخلوقات تقدس آلامها الأنانية وليس آلام الآخرين فمن يتنكر لصرخة يحيى الشغري في وجه داعش وعمليات الجيش في توطين الآمان في سوريا وقيادة المصالحات واخراج السوريين من الاقتتال الى الاجتماع معا هو ناكر كل جمال تحقق من خلف ذلك على الرغم من هول هذه الحرب كأن هؤلاء لم يشاهدوا آلام السوريين عند ذبح ابنائهم وتم تقطيعهم بل تعرفوا على الألم عندما ذبحتهم اللقمة أما السكين التي ذبحت وقطعت آلافا من السوريين فهي ألم عادي “رومانسي” خارج حساباتهم . هذه الألسن التي تجاهلت ذلك كله إنما أسقطت من افكارها شرف المعركة وليس الحقيقة فقط.

إن أفكاركم التي لم تنهض طوال مدة الحرب لن تنهض معها أمة تلك التي استفاقت مؤخرا على وجع السوريين بعد سنين من محاولات ردمهم في حفر آلامهم إنها سنون عبرت بالألم على قلوب السوريين كأنها الدهور وليست اثني عشر عاما وبعد كل هذا تخرج علينا كلماتكم وهي تطالبنا بالرحيل عن عاصمة البقاء وتنفخ في تعظيم شأن الهجرة و نحن الذين لم نهجر سوريا حتى عندما كان العالم كله يهددنا بهجرة اجسادنا إلى التراب وهنا نحن نلج بالسؤال الأعظم على أصحاب التصريحات الرومانسية العفنة عن وجع السوريين وهو كيف لكم الدعوة إلى نهوض السوريين وأنتم انفسكم لم تنهض لكم أحاسيس ولم نصغ إلى كلماتكم إلابعد أن هزم السوريون الألم الوحشي ألاف المرات . يمكنكم أن تصنعوا الانسان الذي تريدونه أنتم مائعا مع الاحداث هزيلا أمامها و أنانيا يلملم نفسه ويفر عند كل ألم وإن بحثتم عن رمز لهذه الحالة الفكرية لديكم فلن تتجاوز رمزية حمار استطاع طوال سنين الحرب على سوريا أن يتحمل أثقال عار الصمت أمام قبحها ووحشيتها حيث لم تتوقف جحافل الألام والمتغيرات القبيحة امام صمتكم ولذلك فإن هذا الصمت الرجيم لايرمز له الا بتحمل الحمار لمشقة الأحمال وعندما أراد أن “يحلق” هذا الحمار بفكره ظن أن بمستطاعه أن يحمل على ظهره الفرسان السوريين الى مكان أفضل فكم من فكرة لايمكن أن تتعدى رمزية الحمار المجنح الذي إن نقل أحمال الغرب كله الى مشرق هذا العالم فإنه لن يفوز بنقل فارس من معركته إلى حظيرته لأن أكبر فكرة “مجنحة ” للحمار هي أن يبقى حمارا ولو كان بألف جناح …

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s