آراء الكتاب: دون كيشوت السوري ياسر العظمة وحكاية ” شجاع أنت يامكسيم” – بقلم: يامن أحمد

قبل أن تلج مشارف هذا المقال, إعلم أنك لاتقرأ عن رد شخصي مقيد إلى طغيان الانفعال الأناني, بل نحن نتحدث عن مواجهة مع حالة فكرية مشحونة بالتفوق الوهمي, تتعدى الاشتباك الضيق مع شخص, والمدعو ياسر العظمة في هذه الملحمة يمثل الطرق على باب الردود فيأتي الرد على محاولة فرض مايقوله ياسر أنه حال الواقع من حيث قراءة الحرب وفق ماهو يراه لا كما تنصه الحقيقة, وهذا المتوهم للفكر المقدس يتقلد ما يعتقد به على قاعدة أنه يمثل حالة فكرية “منقذة” للأمة السورية, لأنه ممن يعتقدون أنه من أصحاب القامات العظيمة وهذا ما يقوله له جمهوره الذي لم يتمكن من ايجاد قامة عظيمة على أرض الواقع لقيادته في (أقدس معاركه), إلا أن جمهوره وجده على الفيسبوك يطل زعيما للكلام لكن مراياه التي كانت تعكس حالة الزقاق والفساد لم تتسع لكي تعكس احداث وحقائق أقذر وأخطر حرب شهدتها البشرية, إن المرايا التي كانت تنقل الواقع سابقا لم تستطع أن تنقل اليوم سوى ياسر العظمة وليس الواقع,

لقد أطلق هذا الجمهور العنان للتعاطي مع هذه الشخصية كحالة تمثل قائدا يمكن أن يكون الغطاء على فشل الكثير من جمهوره للقيام “بثورة”, ومن المثير للشفقة أن جمهور هذه (القامة العظيمة) هو أيضا جمهور الناطق بإسم مستعمرة قطر فيصل القاسم حيث اشتهر هؤلاء بقراءة الحرب على سوريا بخلاف ما يقوله الواقع, فمن الممكن أن يشاهد ياسر العظمة في ممثل ما شخصا شجاعا, ولكنه لايمكن أن يرى في قائد مصالحات يتعرض إلى الخطف والقتل في المجتمع السوري إنسانا شجاعا, هنا يمكن فقط للعظمة أن يرى أن الشجاعة تكمن فيمن يتخندق ليبدع في تسعير الاحتراب بين فئات المجتمع السوري الواحد .

ولايمكن للعظمة كما فيصل القاسم أن يشاهد أقوى دولة في العالم تحتل الشمال الشرقي ليدرك أن الشجاعة هي عند من يقصف قواعد المحتل الأمريكي من ابطال المقاومة السورية, وبحسب فكر العظمة أنه يرى أن الشجاعة تتجلى عند قصف الدولة السورية من قبل اداء ممثل مع أنها ذات الدولة التي تواجه على الجبهات كافة من لايجرؤ العظمة أن يقول لهم مايقوله لسوريا!؟, أية شجاعة تلك التي يحدثنا عنها, في حين هو لايستطيع أن يجد له شرف مكان في المصالحات أوضد الانفصاليين والمحتلين من الأمريكي والتركي والاسرائيلي, فما هذه “القامة العظيمة” التي لايمكنها أن تجد لها مكانا أمام حجم كل هذا العدوان؟!

يظن جمهور هؤلاء من البسطاء أن القامات تتشكل من خلال تراكم عرض عمل تمثيلي مقابل المال, فإن كانت القامات العظيمة تتشكل عبر نقل روايات كان قد كتبها احدهم ومثلها سابقا الغير فهذا يعني أن العظماء يولدون على المسارح وليس على متن المواجهات الوجودية, وأن الفرسان يدافعون عنك مقابل المال بلا قضية مقدسة كما فرق القتلة المأجورين (بلاك ووتر), وأن القامات تتشكل بعدد ما قدمته من صور عن واقع ما, وكل عاقل يعلم يقينا أن القامة العظيمة لاتكون عظيمة إلا عندما تشخص المرض مع العلاج, فالطبيب لايكون طبيبا حتى يصف العلاج وليس عندما يخبر المريض أنه مصاب بمرض, بل أيضا عندما يقدم له العلاج فالجميع بمستطاعهم أن يقولوا للمريض أنت مريض, حتى المريض نفسه يعلم, ولكن ماذا يكونون قد فعلوا له؟!, هذا مانواجهه مع هؤلاء الذين يريدون تحويل المعركة مع العالم المادي إلى معركة بين الأمة, ألم يحن الوقت ليعلم “جلالة” الممثل إننا في أمة تعاني جحود الفتن والحصار.

القضية فيما نقول هي أن اثني عشر عاما كأنها لم تكن كافية ليعلم هؤلاء أن الحرب من خارج اقتتال السوريين, وأن الغاية من اقتتال السوريين هي سورية, ولهذا توجب على العقلاء العمل على الانتصار على الحرب عبر المصالحات وليس الدخول في رد العدوان فقط, اثنا عشر عاما أما كانت غير كافية ليعلموا أن داعش حين احتلت مساحات عظيمة من العراق وسوريا في لمح البصر؟, لم يكن هذا مصادفة بل لتدخل الأمريكي ومضاعفة قوة التدمير ضد الدولة السورية ومن معها, ألم يكن كافيا لهم اعترافات السيناتور الأمريكي ريتشارد بلاك عن خطط الأمريكان لتدمير سوريا؟, ماهو ذاك السبب المهول الذي منعهم من ملاحظة الاحتلال الأمريكي والتركي والعدوان الصهيوني؟, ماهو ذا الذي يحجب رؤية كل هذه الأحداث العالمية على أرض سورية عن هؤلاء؟, هل هي عظمة فكرهم أم حجم حقدهم؟!, إنه الحقد فقط الذي يمنعك أيها العظمة من أن ترى هذه الحقائق وتبقي حربك ضد الدولة التي حاربها ومازال يحاربها العالم المادي القذر.
كيف لمتزن نفسيا وفكريا أن يشهد احترابا في أمته ويقف مع الاحتراب وليس ضده؟!, كيف لعاقل أن يصدق بأن الشجعان خارج المواجهات؟!, من هو ذاك الشجاع؟, ومن هو الذي يرسل إليه التحية؟, وكلاهما لا وجود لهما في زمن يرسل فيه المقاوم الفلسطيني الشجاع والمحاصر منذ نصف قرن التحية إلى سيد الشجعان بشار الأسد.

في فلسطين يذخر المقاوم بندقيته ويخرج من الانفاق صواريخه وقد ختم عليها بشار الأسد, في فلسطين تذخر البنادق برصاصات الأسد السوري, وليس بحلقات مرايا, هناك حيث الفن حقيقة, وليس سرابا, هناك حيث يخشى اليهود فن بشار الأسد, وليس فنك ياهذا, هناك حيث لا يمكن للقامات الوهمية أن يكون لها أثر, فهل عرفت من هو الشجاع وإلى من ترسل التحايا؟!.

وأما الحديث عن تسلم الأسد لمقاليد الحكم في سوريا, فهي تخرج من أفواه ورثة فكر يقدس أشخاص تحنط حكمهم على كرسي الحكم لأمم العرب والمسلمين من الأمويين إلى العباسيين, ومن ثم العثمانيين, وآخرهم السعودية اليوم التي جعلت من أقدس اماكن المسلمين عامة بلادا باسم عائلة. قرون من الحكم العائلي لأمة العرب والمسلمين, وهي أكثر من ألف سنة, لم تلجم شهوة المتطرفين عن عقدة الكرسي, وعندما حكموا باسم داعش في العراق وسوريا تبخرت داعش, ليس فقط لقوة الحق السوري والعراقي, بل لأن الأكاذيب لم تعد تصل إلى الناس كما ذي قبل قرون, فكل شيء واضح جلي ومكشوف في زمن الإعلام الذاتي والعام, ولو كانت داعش قبل قرن فقط من الآن لحكمت كما حكم البعض المنطقة بإسم الاسلام من قبل, ولكن تقنية ايصال المعلومة والمعلومة المضادة لم تسمح لداعش بتكوين دولتها العظمى, لأن مجال تزييف الحقائق بات ضيقا جدا, وبرمجة المعلومة بحسب الرغبة لم تعد مقتصرة على يد الحاكم وحسب, إذ أصبحت بمتناول يد الجميع, وقبالة هذه الحقيقة يظهر جليا لماذا ينتصر الحاكم في مواجهة هؤلاء, فقط لأنه اظهرهم على حقيقتهم وليس لأنه قاتلهم بعد أن فرضوا العداء معه وله, واليوم يتم حصر موضوع تسلم الأسد للحكم في منطقة محكومة بالصراعات بموضوع الكرسي لأنها غايتهم, فهم لا يرون من فوالق المتغيرات وجحيم المواجهات سوى الكرسي من بين كل ما حدث ويحدث, لقد تسلم الأسد قيادة المواجهة في قلب أمة نذرت أقدس أراضي المسلمين وقفا للعدوان الأمريكي, حيث يقدم خدم الامريكي الشعوب قرابين لوجوده وحيث نشاهد حكاما وبعضا من الشعوب لاتجد مشكلة في أن تسير في كمين امريكا وتفرح لإعدام صدام حسين ومعمر القذافي, اختلف ماشئت مع سياستهم ولكن لاتخضع لكمائن الامريكي وتسير في تحقيق مراده, فكل خلاف يتبع قضية قتل هو فتنة وبخاصة مع وجود محتل.
تمسخ الواقعية وتنقل المواجهة بين سورية و الخارج إلى مواجهة بين السذج والكرسي, فهل الكراسي هي التي ترسل الصواريخ للمقاومة الفلسطينية؟, مع أن الرئيس (المحق) في تركيا لا يجرؤ حتى على إرسال حذاء إلى مقاوم في غزة والضفة, فأين هو الكرسي؟, ومن هو القائد؟.

يقال عن الأسد أنه ورث كرسيا, والسؤال لماذا إذا يمنع العالم انتخابه في الغرب والشرق؟, ولماذا هذا الهلع والرعب من انتخاب الأسد؟!, والسؤال الآخر يقول: ماذا ورث هؤلاء من هذه الحقبة التي رافقت الرئيس الأسد مع زلازل متحولاتها قبل أن يقال أن الأسد ورث الحكم؟, وعند واقعية هذا السؤال سوف ندرك ماذا ورث الأسد, لقد ورث مواجهات مع جمهور من السهل جدا ايقاعه في كمائن الفتن, ورث ضغوطا هائلة تولدت عن الاحتلال الأمريكي وجحافل اتباعه, وورث تبعات اغتيال الحريري, ومواجهة سعير طائفي أضرم نيرانه مملوك الاردن عندما تحدث عن هلال شيعي لا وجود له وهو هلال مقاوم, لقد ورث الأسد مواجهات مع حكام لا يمكن أن تثق بهم, فمن قتل أخاه الحاكم في العراق وحرق بلاده فإنه مامن مشكلة لديه أن يحرق سوريا, لقد ورث الاسد حمل عبء جهالة جزء من هذه الأمة, فمن اختار أردوغان خليفة واليوم يراه خائنا, هو نفسه من دمر سوريا عشقا واجلالا لأردوغان, فهل كان قرار الأسد خاطئا لعدم الإصغاء لأردوغان وجمهوره؟؟!, وهل أعدت مئات المليارات من الدولارات من قبل الخليج لأسقاط كرسي أم لإسقاط أمة يقودها عظيم يدعى بشار الاسد؟
الكراسي تسقط ولكن الحق لايسقط, كانت دمشق تحترق وتكبيرات المخدوعين تعلو في كل حدب وصوب, ولو كان في سوريا مجرد كرسي لفر من المعركة, ولكن كان هناك أسد, ومن لايريد أن يقرأ من الحرب سوى الكرسي, نقول له: هذه حماس قد عادت إلى الأسد لا إلى الكرسي.
إن العروش كثيرة وعظيمة في الخليج وتركيا, ولكن لو اجتمعت عروش هؤلاء لن تلبي حاجة المقاومة في فلسطين برصاصة خلبية, بينما اجتمعت على حرق سوريا والعراق وليبيا واليمن لكن المواجهة كانت بين معشر عبيد الكرسي وقائد يدعى الأسد.
لماذا لم نشهد أعمالا فنية تحرض على عودة المجتمع السوري وحياكة مواقع انقسامه؟, لماذا لم يتم تسجيل موقف عند هذا الأمر الخطير من قبل من يدعي الشجاعة و الفكر الوطني؟!.
لايمكن ايجاد عذر هنا, ولكن يمكن ايجاد حقيقة واحدة وهي الحقد والنفس العدوانية.
إن لهؤلاء أزمة مع شرف المعارك, فمن الأخلاق والدين أن يحارب العقلاء الفتنة, ولكننا في سوريا نرى بأم العين ونقرأ ونسمع عن أناس يرسلون التحايا ويصفون بعضهم بالشجعان وهم أجبن من أن يكونوا مع الجميع من أجل الجميع.
إن هؤلاء الذين يحاربون الأسد من معشر التمثيل استطاعوا فعل كل شيء في الاعلام والتمثيل لمحاربة الأسد, ولكن تبقى فلسطين ترد على كل مايفعله أعداء الأسد, إذ أن راية واحدة تشرفع اليوم في فلسطين وهي راية سوريا… فكل تحية ترسل من القدس إلى دمشق ولا يلحظها أحد هؤلاء فهو من أبناء الفكر الحرام…

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s