آراء الكتاب: ابتسم أيها الاحتلال …- بقلم: يامن أحمد

يبدع قوم من أمتي في تقديس الصراعات البينية وتزحف كلماتهم مستسلمة لطاغوت الحقد وشهوة التناحر، وهنا لايمكن لشرف المواجهة أن يبقى محاربا فقط، بل هو يصنع من وباء هذه الحقيقة مرآة لرؤية الأنفس التي خسف فيها جمال الحق، وهنا لا بد من أن تبلغ كلماتنا مرادها الشريف لتشرق من عزم نفس هرمت فكرا في رفقة النبل على متن السمو؛ و هزمت كهنة ضعفها وانسلت من طغيان اللحم والدم إلى جنان العقل، فلا توغل في الظلمات من دون توهج الفكر. ولا يمكن لإمرئ أن ينتصر في معركة وهو يعتنق الهزيمة معتقدا له، وحتى لو انتصر في موقعة فهي هزيمة مؤقتة لخصومه وليست انتصارا له، لأن من لايمكنه أن ينجز الفرق بين العار والشرف سوف لن تنتهي حربه ضد كل من لايوافقه الرأي ؛واعلموا يامدعي الحق أن ابليس قد توعد بعدم إنهاء عدوانه، ذلك لأنه لم يستطع أن يجتاز عجزه في الخضوع لجمال الاختلاف، ولم ير سوى القبح فيما حوله، ولأنه أيضا اتخذ من القبح معتقدا .فإن كان ابليس لم ير في آدم سوى الطين فإنكم اليوم لاترون من هذه الحرب الوجودية المعلنة على سوريا سوى شهوة التناحر مع المختلف عنكم، والدليل العظيم يتجلى في تشريع المصالحات عندما قدرنا عليكم في مواجهات انتم من فرض فيها نفسه عدوا لا القيادة السورية ومن معها ،

لقد هرمت الحرب على سوريا وهي تحاول هزيمة السوري المقاوم ولم تستطع أن تهزمه ،ولكن هناك من لايريد أن يقرأ أن الحرب ضد الجميع. إلا إن بعضا منا لايريد أن يصدق أن حرب سوريا ضد الاحتلال الأمريكي وأعوانه الانفصاليين وعدوان المحتل الاسرائيلي والتركي وجميع أوربا.

في بحر الواقع السوري الهائج بالمتغيرات والصراعات مع الخارج لايمكن للعاقل أن يجعل نفسه عنصر مواجهة اقصائيا بل إنقاذيا، لأن النزاعات البينية متشعبة اقليميا وبخاصة المذهبية منها، فلاتوجد دولة تمتنع عن التعامل مع دولة أخرى تجاريا وفي غضون ذلك تغلب مصالح الشعب والدولة على الاختلافات والخلافات، وإلا حكمت الدولة أو الفئة على نفسها بالعزلة، فمن يتطرف في تعميق النزاع البيني هو فاشل قياديا وفكريا ولايمكنه قيادة قرية وليس دولة ،والجميع يلحظ تفاقم هذه النزاعات البينية بين مايدعى ثوارا ، وهذا ليس من الخيال بل هو واقع يحياه ويعترف به هم أنفسهم، وهذا نتاج الفكر الضيق المنحصر في النزاع البيني ، إن أي تحرك بشري لايظهر الوقائع كما هي لن يحقق سوى الفشل كما ذكرنا في مقالات سابقة ، إذ أن الأمر اليوم ليس كما قبل نصف قرن أوقرن، اليوم عصر المعلومة والمعلومة المضادة وهي بمتناول الجميع، فقد يكذب الشخص في كل شيء ولكن الوقائع تشهد عليه؛ لأن جني المعلومة بات بمتناول الجميع ،ولم تستطع النخب الفاشلة فكريا لدى ثورة الدم من اظهار الحقائق لأنها إن تحدثت بواحدة منها سوف تنقلب الوقائع ضدها وتظهر حقيقة أنها السبب في كل ماجرى من مآس، فهل كان لهذه النخب الفاشلة قبل تحركها القبيح وجود لمحتل أمريكي أو تركي أو حتى قواعد روسية في حميميم وغيرها؟ في نهج تلك الفئة الفاشلة أخلاقيا لايوجد ذكر للمحتل الأمريكي على اساس مواجهته ،فهو لايزعجها بل تذكره للسخرية من السوريين المختلفين معها فكريا، فهي إن ذكرت الاحتلال الأمريكي تفر من شرف مواجهته فكريا وعمليا ،ولذلك تستعين بالسخرية من الآخر من خلال الأمريكي، وكل هذا لايدعى مواجهة بل ضياعا وجهلا مدقع ، وهذا كل مايمكن أن يفعله المنهزم على سائر الجبهات كافة الفكرية منها وغير الفكرية، فماذا سيقدم لنا من خدعه كل من الخليجي والتركي سوى ارتداد انفعالاته؟ فهو من قبل أن يظهر أنه منخدع كان ضائعا ،والدليل أن نتائج خياراته اليوم كلها فاشلة، فكيف الحال به وهو اليوم يحيا صدمة الفشل بعد أن تبين له أنه قربان خديعة كبرى؛ فهذا مصير من خدع أمته وكفر بنعمتها، و لايمكن لهذا العنصر الاقصائي والمحارب الموتور أن يوثق هزيمته بل هو يحاول أن يظهر لنا ثباته و أن العالم فقط من يتغير وهو نقطة التحول ،وهذا مايثير الشفقة . لقد تلاعب بهم التاجر أردوغان وهو جنرال ثورتهم المزعومة، لقد شاهدوا جنرالا وحيدا في هذه الحرب يدعى بشار الأسد، ولم يشاهدوا جنرالات ضحكت وسخرت واستهزأت بكل مافعلوه ولم تبتسم فقط.. من لايتقن لغة التحدث إلى الحرب و معرفة أبعاد عمقها المبحر في لجة الأنفس الأخرى و أين تنتهي ومن أين تبدأ لايمكنه أن يكون سوى مخدوع في أية لعبة وجودية فما أكثر من يمكنه اشعال نار مهولة بعود ثقاب ولكن لا يمكنه اخمادها، فالحكاية عند من يخمد الحروب لا عند من يوقدها. وهنا قابلها الأسد و أخمد نار الحرب بالمصالحات، وتدبر ادارة المواجهة البينية لتتحول الى مواجهة مع التركي المخادع والامريكان واليهود في بدء المعارك، وفي الوقت الذي كانت فيه الهتافات تنتصر لمواقف أردوغان من أحداث سوريا وكان الأسد يبتعد بسرعة الضوء عن هذا المخادع، وفي الجهة المقابلة كان البعض ينصهر فيه حتى بايعه خليفة! إنهم لم يصدقوا أردوغان فقط بل آمنوا به على أنه المخلص وهنا اختلفنا معهم ولم نصدق ماصدقوه. واليوم أصيب هؤلاء بعقد نفسية ومعاناة فكرية جعلتهم ينتقمون من هزائمهم العقلية والنفسية من شخص الأسد الذي لم يؤمن بخياراتهم، إنهم يعترفون بقتالهم المستمر لشخص الأسد فقط على أنه لا أعداء لهم في هذا العالم سواه ، وهم يعلمون أن خلف الأسد غالبية السوريين فهم ضد أمة في الحقيقة وليس الأسد فقط .

واليوم وبعد كل مافعلتم و الاحتلال الصهيوني ظل يبتسم لكم على مدى اثني عشر عاما، وهي أطول مدة ابتسامة لليهود ولم يذكر أن ابتسمها قتلة الأنبياء من قبل ، إذ لم تكشر طائراته عن انيابها ضدكم، و كما يتبسم لكم في الشمال الشرقي الاحتلال الأمريكي الذي شعر لأول مرة في تاريخ (ثورات المسلمين ) بالأمان بينما صواريخنا ((الكافرة)) هي التي تدك قواعده لتستعيد نعمة أمة أنتم من كفر بها ..كفاكم عارا أن يبتسم جنرالات صهيون لما تفعلون .كفاكم خيانة أن يرمي جيش الاحتلال الصهيوني مناشير يستجدي فيها الجندي العربي السوري لكي لا يساعد المقاومة، بينما ومنذ اثني عشر عاما لم يركم المحتل الصهيوني لكي يرمي لكم المناشير ؛ إن على هذا العار أن يتطهر بماء النار ألف سنة قبل أن يتحدث عن ابتسامة الأسد التي استقبلت وفد حماس بابتسامة الشرف؛ وكفى لحماس شرف لقاء الأسد، وكفاها أنها عرفت الفرق بين من يبتسم لهم الاحتلال ومن يخشاه.. لقد قمتم بالمهمة ومازلتم تقومون بها.. فتبسم وابتسم أيها الاحتلال انه ما زال لدينا المزيد من الجهال..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s