قمة الجيش السوري .. العرب يعودون الى حضن الوطن .. هاقد عدنا يانتنياهو

بالرغم من عدم اعترافنا بالقمة العربية كممثل عن الشعوب العربية .. وبالرغم من أننا نتهم القمم العربية بأنها قمم لاضاعة الوقت وللتآمر على العروبة وعلى فلسطين لصالح اميريكا واسرائيل .. وبالرغم من أن آخر قمة عربية تابعتها كانت القمة التي خرج بها العرب من جلودهم وارتدوا جلودا اسرائيلية وتركية عندما قرروا اخراجنا من الجامعة العربية .. الا انني تابعت هذه القمة الاخيرة بكل جوارحي .. لا لأستمتع برؤية اطلالات الزعماء والملوك العرب البهية ولا لأتملى من جباههم العالية وهاماتهم السامية .. ولا لأنني أتوقع ان أرى غيفارا تحت العباءات ولا لأجد فلاسفة عصر النهضة .. أنا شخصيا كنت أتابع القمة فقط لأحس بالشماتة من كل عرب عام 2011 الذين لايزالون على قيد الحياة .. ولأحس بالشماتة من كل من قال ان أيام الاسد معدودات .. وان على الشعب السوري ان يقبل بقرار الناتو .. واليوم أنا مستعد لأن أدفع عمري كي أرى اولئك المعارضين الذين كانوا ينتظرون الناتو يدخل دمشق كما دخل بغداد .. ليقودونا بحماية الناتو الى محكمة لاهاي .. وجعلوا يوزعوننا على المشانق والمذابح والمحاكم ويقسمون البلاد والعباد ليحولونا الى دويلات تفقس كل قطعة أرض فيها عن دولة بحجم قطر التي تبدو في الخارطة مثل بيضة طائر تركها تطفو هائمة على مياه الخليج .. علّ دجاجة اميريكية تحضنها وتفقس منها الامراء ..
أين هي تلك الوجوه وتلك الحناجر وتلك الشوارب وتلك اللحى وتلك الشخصيات المهووسة والمجنونة كي ترى نتيجة ذلك اليقين الذي آمنت به بأن من يمشي مع اميريكا فانه يصل الى غايته ولو كان الوصول الى النجوم هو غايته .. وبأن من تشطبه اميريكا من قائمة اصدقائها فانه ينتهي من الوجود .. وانما شأنها ان تقول للأمر كن .. فيكون؟؟


اين اولئك الذين كانوا يتسابقون لحضور اي دعوة للهجوم على وطنهم ويتبرعون بكل انواع الخسة والنذالة والخيانة والكذب وشهادات الزور من أجل صورة مع هيلاري كلينتون ووعد بوزارة او بسفارة ..؟؟ اين اولئك الذيم كانت تغص بهم الشاشات وتتزاحم مناكبهم لالتقاط الصور التذكارية مع برنار هنري ليفي .. ومع نتنياهو ..
ماهو مصير ملايين ساعات البث التي وعدت المشاهدين انها ستجلب الاخبار السارة حتما بنهاية الحكم في سورية ؟؟ وأنها ستبث مباشرة من مكتب الرئيس الأسد .. وقد تنقل لنا محاكمته على الهواء مباشرة .. ؟؟

لا نقدر ان نعد الشخصيات التي يجب ان نتذكرها اليوم .. انها لاحصر لها .. زعامات الاخوان وشيوخ الفتاوى وزعماء الطوائف في لبنان وشيوخ النفط والاخونجية وشلة المعارضين الناتويين من كتاب وفنانين واعلاميين لقيطين .. وووو ..


اختفت الاصوات وغرقت في البحر وبعضها تبخر .. وتلاشت العيون الوقحة .. وبقيت صورة واحدة هي خطوات الرئيس الأسد وهو يدفع باب جامعة الدول العربية بقدمه ويدخل عنوة رغم ماقالته العباءات والمشيخات وماقاله ملوك النفط وامراء الزيت الاسود .. ورغم ماقاله العثمانيون الجدد .. الذين كانوا ينتظرون ان تعود دمشق ملكا للسلطان سليم الاول .. ويعود شبابها فلاحين او يموتون في السفربرلكات التركية … ويريدون نساءها خادمات لأمينة وبلال ولنساء باشاوات تركيا .. لأن من يملك دمشق يملك كل العرب وكل الشرق ..
أنا لااحب الشماتة .. ولاأبحث عن التشفي .. ولكنني في الحقيقة لم أقدر على منع نفسي من ان أتمتع بالشماتة والتشفي .. بل ان في الشماتة شفاء كما في العسل شفاء للناس .. فكم الوجع والألم الذي تجرعناه لن يزول .. ولكن مشهد اليوم كان فيه شفاء للناس .. بعض الشفاء .. ليس لأن الاسد كان هناك بل لأن الأسد ذهب ممثلا لقرار الشعب السوري .. ويمثل التحدي السوري ..
وقد كان من الملاحظ ان تركيز الدنيا في القمة العربية كان مثبتا على صورة واحدة وشخص واحد ووجه واحد .. هو الرئيس بشار الأسد .. وبسبب حضوره اختفى كل العرب والزعماء وتلاشوا أمام العيون العربية التي كانت ترمق القمة .. وكأن الملوك والزعماء العرب كانوا يرتدون طاقية الاخفاء فيما الاسد لايرتديها .. ولم يرهم أحد في اي صورة ولم يلتفت اليهم أحد .. ولم تتعثر بهم عين .. ويجوز في كل واحد من ملوك وأمراء وزعماء العرب قول الشاعر:


يكفي انني رجل لولا مخاطبتي اياك لم ترني ..


واليوم فهمنا معنى قول الشاعر النابغة الذبياني الذي قال:


فانك شمس والملوك كواكب ….. متى طلعت لم يبق منهن كوكب ..


وهل هناك أبلغ شرحا لهذا البيت من قمة اليوم؟ .. حيث ان ظهور الرئيس الاسد في المشهد أطفأ كل الوجوه واختفت نجومية من كان نجما مشعا بحقنه بالتفخيم والاعلام والبطولات الوهمية والفروسية وحكايات من تأليف الخيال الصحفي المأجور وخيال هوليوود ..


قمة اليوم سيحار الكثيرون في تسميتها .. أهي قمة الأسد؟ أم قمة اعاد فيها الأسد العرب الى حضن الوطن؟ كما أعاد الكثيرين من الآثمين والخاطئين والتائبين .. وعفا عنهم ..


أنا سأصحح اسم القمة .. فربما هي قمة الأسد .. ولكن من حضر اليوم ونظر باحتقار الى العرب هو الشعب السوري كله الذي كان حاضرا في جدة .. وطبعا الجيش السوري هو الذي فتح الباب ببوطه العسكري ودخل .. وربما ظهر الرئيس الأسد يسير واثقا منتصرا.. ولكن في الحقيقة كان الجيش السوري هو الذي يتجول في قاعة الجامعة العربية في جدة .. ويضع بندقيته على الطاولات .. انها قمة الجيش العربي السوري .. هذه القمة صنعها الجيش العربي السوري .. وهو لايريد من القمة الا شيئا واحدا وهو أن يقول للعالم .. هاقد عدنا أيها العالم .. كما فعل غورو عند وصوله الى دمشق وتوجهه مباشرة الى قبر صلاح الدين ليقول له: هاقد عدنا ياصلاح الدين .. اليوم دعونا نستعمل عبارة عدونا غورو الفرنسي ولنستعمل سلاح عدونا كي نقول للعرب : هاقد عدنا أيها العرب .. وغدا في مشهد قادم سنقول للعثمانيين ولكن بلغة مغايرة: هاقد عدنا يااردوغان .. وهناك من سنقول له قريبا وبطريقة مختلفة جدا جدا: هاقد عدنا .. يانتنياهو

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s