لقد كان موقع سوريا مع قيادة القائد الأسد يشكل حالة تهديد مباشر لمصالح الأمريكان وفي الدرجة الأولى خطر على تل أبيب، حيث كانت تجربة حرب تموز هي التجربة الأولى من نوعها في مواجهة متكاملة دوليا واقليميا متضامنة مع تل ابيب ضد سوريا، كما كانت مقاومة عسكرية متطورة في العتاد والتدريب ،إذ استطاعت استهداف سفن حربية وألوية مدرعات ودبابات،وتغذي قوة هذه المقاومة دولة مدنية تدعى الجمهورية العربية السورية .فماذا يعني أن تكون دمشق عمود هذه المقاومة ؟! كيف يتحمل اليهود المحتلون تحطيم فرعونية دولتهم ،فهم ((شعب الله المختار )) ،ولكن صواريخ البشار جعلهتم شعب الملاجئ لمدة ثلاثة وثلاثين يوما، كيف لدولة تحكم غالبية المنطقة بتفوق قواها النووية والعسكرية والاستخباراتية أن يولج رئيس شاب شعبها المختار تحت الأرض . هذه الدولة حولتها صواريخ الأسد إلى سخرية اليهود أنفسهم ..تقرير فينوغراد يشهد على حجم تأثير هذه الحرب على تل أبيب، فماذا ستفعل تل أبيب مع من أعدم فرعونية قوتها وتفوقها عسكريا؟! هل تحلق إليه بطائرات الإف ستة عشر وترمي عليه الزهور وترسل إليه رسل السلام ؟! لهذا نقلت تل ابيب الحرب إلى دمشق، حيث شهدت سوريا أقذر حرب شهدتها البشرية على الإطلاق، فمن يرد هنا على من ..هل من يقرأ بعين البصيرة وعقل الشرف ؟؟!! لقد جاء في تقرير مجلس الأمن القومي للعدو الصهيوني عام ٢٠٠٦ التالي :
(القضاء على رأس الحكم في سورية وحرق موضعه هو السبيل الوحيد لإنقاذ دولة اسرائيل ).

أي أن الاسد كان ومازال يشكل حالة إطباق على عنق تل ابيب، وكل من يقول خلاف ذلك هو من يحيا خارج معرفة الحقيقة، إنه حجم الرد الوجودي غير المباشر وليس الرد اللحظي . لقد نقلت تل ابيب حرب الإطباق هذه إلى عنق دمشق ، لأن من هشم هيبة القوة العسكرية المتفوقة عالميا هو وجود الأسد، لقد كان الأسد يعمل على الرد منذ السنين الأولى لتسلم قيادة المواجهة، فالأسد لم يتسلم كرسي حكم بل مسؤولية قيادة المواجهة مع محيط لايمكنه أن يواجه العدو الصهيوني، بل يبدع في المواجهات البينية ،إذ أن هناك ثمة فرق بين أن يرث الإنسان كرسي حكم أوأن يرث قيادة المواجهة ، الأسد ليس عتيقا في الرد فقط بل هو يرد كما لم يرد أحد من قبل، فمن طرد كولن باول كان يرد عن أمم بأسرها عقمت عن الرد في مواجهة تل ابيب والأمريكي، لقد فعل الأسد مالم تفعله قادة الدول العظمى، لقد كان الأسد يرد على الاحتلال الأمريكي الغربي للعراق ومرغ رأس أمريكاواتباعها في العراق، فهل هذا يعني أن الأمريكي كان ضعيفا هزيلا؟! لا إنها قيادة الأسد للمواجهة، وملء الفراغ حيث يجب أن تكون دمشق ودمشق هي من فرضت قوتها مع التمكن من قيادة المعارك خارج أرضها، واليوم تم نقل الحرب إلى أرضها، والأسد يقود اليوم الحرب خارج أرضه لكي تعود دمشق إلى دمشق . في هذه المنطقة سوف تعاني في كل الحالات، ولكن أن يعاني الإنسان بشرف أفضل له من أن يعاني وهو راض بالعار، لن يقبل إنسان أخلاقي بوجود اليهودي المحتل، فكيف بمن يؤمن أنهم قتلة الأنبياء..
لقد تسلم الأسد المواجهة في منطقة موبؤة بالجهل والحقد والنعرات الطائفية، لقد قدم الاعراب والأمريكان فتنة اعدام صدام حسين من شرق سوريا ومن غربا فتنة اغتيال الحريري ،وتم الإطباق على دمشق طائفيا، وهذا كاف لشن حرب تدمير اجتماعية تتأثر فيها سوريا وحقا هذا ما أراده الأمريكان من اعدام صدام واغتيال الحريري، وعليه يجب إظهار الأسد على أنه يقود تشكيل هلال طائفي ،و اتهم الاسد في قضية اغتيال الحريري ليس لاستهدافه شخصيا فقط بل لاستنزافه كشخص يقود السنة من المواجهات البينية إلى المواجهة مع تل أبيب ،ولهذا قرر فراعنة الصهيونية قلب المشهد واقحام السنة في حرب ضد الأسد ..
على من يسأل عن الرد ويقول أن دمشق باتت الحلقة الأضعف في المحور عليه أن يدرك أن هذا التقييم لاينسجم مع واقع المواجهات الوجودية بل الإنفعالية اللحظية، وسوريا لم تبق حتى اليوم إلا لأنها ترد ،ولم تسجد لجبروت الحرب العالمية وعلى رغم من قذارة أهوال هذه الحرب فإن الأسد لم ينحن أو يتغير، والسؤال فهل كان الأسد طيلة الحرب إلا في موقع من يرد على تلك الحرب أم غير ذلك ؟! هنا نطالب البعض احترام حجم الحرب والتقيد بالواقعية التي توجب الاحاطة بكامل أحداث الحرب وتداعياتها لا أن تقرن بحدث نتج عن طبيعة المواجهة المستمرة، بفعل ضعفاء أمتي الذين أباحوا هذا العدوان في ثورة حقدهم التي صنعت القوة لتفاقم عدوان تل ابيب، فما كان هذا العدوان ليتكرر لولا ما ألحقه هؤلاء من أذى بدمشق، لم يتوقف الأسد عن امداد المقاومة الفلسطينية على نحو لم يفعله العالم الإسلامي نفسه مجتمعا، فماذا يدعى هذا في قاموس الكرامة والرد ؟؟لقد أعاد الأسد تموضع حماس في الرد على تل ابيب وليس على دمشق، لقد برمج الأسد ماكان ضده وجعله في موقع الرد على تل ابيب ،فهل يدعى هذا التحول ردا وجوديا أم للبعض نظرة لايمكنها مشاهدة كل هذه الحقائق . إنه رد وجودي لمن تيقن حقيقة الرد نحن لانمارس لعبة (بلاي ستيشن) بل نتجذر على ساحة الوجود الاقليمي فكما جهزوا لنا جيشا من السذج الحاقدين سوف يكون هناك جيش من المقاومين، وهذا أيضا رد، والمشكلة ليست بالرد اللحظي بل بمن لايرى أين الرد وكيف وماهو شكله، و إعلم ياصاح إن كنت ترى أن دمشق هي الحلقة الأضعف فإن دمشق ترد وتتحدث إليك حديث النار عند قصف قواعد المحتل الأمريكي. إن تقييم الحرب على سورية مجحف يشذ عن الواقعية، ولو كان هذا التقييم صائبا فإنه بالمقابل على ايران الثورية الاسلامية محض نسف الوجود الامريكي من حولها على الفور، فهي تمثل الحلقة الاقوى ، وهي من تلقت ضربات مدوية في قلب طهران وفي الخارج و من اغتيال للعلماء في الطاقة النووية وقتل رجل أسس لوجود قوة ايران، إنه القائد قاسم سليماني، فقد كان هناك ردود محدودة لأن هنالك حسابات أبعد مما يظهر للعلن ، فمن يريد من سوريا فعل مالا يمكن العدو الصهيوني فعله في حرب تموز فهو خارج الواقع، ومن الذي لايذكر كيف كانت تهطل صواريخ سوريا من الجنوب اللبناني على تل ابيب و حين صرحت تل ابيب أنها لن تدخل الحرب ضد دمشق بعد أن أعلن الأسد دخوله الحرب في حال تطلب منه ذلك، ووضع الأسد الخطوط التي يمنع لتل ابيب تجاوزها، وهنا لم تتمكن قوة تل ابيب العسكرية المتفوقة عالميا من فتح أكثر من جبهة واحدة مع بضعة آلاف من المقاتلين ،بينما سوريا ومنذ اثني عشر عاما وهي تحارب على عشرات الجبهات مايقارب النصف مليون مسلح اجنبي وعربي و”سوري” مع دعم اعلامي عالمي فوق العادي، ثم يراد منها أن تفعل مالم يقدر على فعله من يعتدي عليها اليوم ،لكن سوريا فعلت مالم يفعله العدو الصهيوني في قراءة أخرى ، حيث انتصرت في نفس الجغرافية التي هزمت فيها تل ابيب في الجنوب اللبناني وفي ظروف داخلية و اقليمية وعالمية كلها ضد دمشق ، كما كان النصر في جبال شمال اللاذقية وادلب، وحرر الجيش العربي السوري مواقع جغرافية مشابهة لتلك التي هزم فيها جيش الاحتلال الصهيوني في الجنوب اللبناني..
الحلقة الأضعف في الحرب ليست دمشق، بل هو من لايرى أين الرد ولايعلم لماذا تتعرض دمشق لحجم هذا العداء العالمي، وتخيل أن الرد على دمشق احتاج لمئات المليارات من الدولارات، وإلى اجتماع عشرات الدول واعلام الخليج الفتنوي مجتمعا وأموالهم ، وإلى دعم أمريكي مباشر على الأرض ودعم ناتوي تركي وإلى غرف عالمية استخباراتية لإدارة أقذر الحروب ،لقد احتاجت سوريا لكل هذه الحرب لأن دمشق كانت الحلقة الأقوى في هذا المحور، وهذا قدر جغرافية دمشق أن تكون وجها لوجه مع شياطين القوة العسكرية والاقتصادية.. ياصاح عندما تريد قراءة الأحداث لاتتجاوز كل مافعلته وماتزال تفعله دمشق ، لأنك بهذا سوف تكون في مواجهة الحقيقة ولست مع الحقيقة ..