انني بخلاف مئات المقالات التي كتبتها في سنوات الحرب أجد ان هذه المقالة لاأقدر على التحكم بها بل هي التي تتحكم بي وتمسك بقلمي ويدي وترغمني على أن أكتب .. وكأنني أتبع قدرا لا يد لي فيه .. وكأن من يكتب هذه الكلمات يد القدر .. رغم انني أكتب لأنني أرفض المكتوب .. وأكتب كي تتأدب الاقدار وتتهذب وهي تقرأ مانريد ان نقول ..
اذا كانت يد القدر هي التي قذفت بنا الى هذه البقعة من الارض التي نسميها وطنا .. ونسميها سورية .. فان من شأننا أن نكتب حكايتنا في بدايتها وفي نهايتها ولن نتركها ليد الأقدار .. وان نكتب الحكاية التي نريد .. لا الحكاية التي تريدها الاقدار .. فهناك فارق كبير بين من يكتب النص وبين من يمثل الادوار .. ونحن نريد ان نكتب النص وان تمثل الأقدار الأدوار .. اننا نحوّل مسار الحكايات كما تسير مياه السواقي في حقول فلاح يرسم لها مسارها بمجرفه .. فالدم هو الذي يكتب الاقدار .. ونحن كتبنا بالدم حكاياتنا ..
قدرنا اننا ولدنا على هذه الارض وأن علينا ان نبقى عليها .. وكي نبقى عليها علينا أن ننتصر بشكل كامل وناجز .. والنصر لايعني ان تعترف بنا عواصم غربية .. ولن يتحقق بعودتنا للجامعة العربية ولا بعودة سفراء العالم الى مباني السفارات والقنصليات في بلادنا .. ولابعودة سفرائنا الى العالم .. فماذا اذا عاد كل سفراء الدنيا الينا ولم تعد المنطقة الشرقية وبقيت بعيدة؟ او بقيت ادلب تئن تحت أنياب تركيا؟؟
العالم يحب المنتصرين ويتجنب المهزومين .. واذا كنا قد أرغمنا العالم على أن يحس بالدهشة مما أبديناه من قوة في سنوات الحرب حتى جلس حمد بن جبر يعترف بما اقترفت يداه كحمّال الحطب كما لو أنه زوجة أبي لهب فان هذا يجب ان يجعلنا نؤمن أن اعترافات الاخرين الأخطر لن تخرج الا بانجاز الجزء الثاني من النصر .. وعلينا ان ندرك أن سفراء العالم اذا عادوا فانهم لن يحملوا لنا في حقائبهم ماء الفرات ولا زيتون ادلب .. بل انهم لن يعودوا الينا الا عندما نبدي سلوك القوة مع ماتبقى لنا من أرض محتلة .. فطالما ان جزءا كبيرا من أرضنا تحت الاحتلال الامريكي والتركي فان علينا ان نتوقع ان العالم سيبقى يستضعفنا ولن يعيد سفراءه الى بلد مسروق ومنهوب علنا من قبل اميريكا وتركيا .. ولن يعاد اعمار بلد منقوص الهيبة .. فمن ذا الذي يرمم جسدا فقد قلبه ؟..
