أبو الربيع العربي برنار هنري ليفي يصاب في قلبه .. نهاية الربيع العربي في ربيع غزة

سبحان مغير الاحوال .. بالأمس القريب كان مايسمى الربيع العربي الذي صنعه الاميريكيون والاسرائيليون الذي كان قائما على خلق الصراع الوهمي بين فئات المجتمع العربي .. ووقعت في كمينه كل النخب العربية التي كانت تدافع باستماتة عن الحرية والديمقراطية .. والتي سقطت في الفخ المذهبي .. وعندما سقطت في الفخ المذهبي سقط مشروعها نهائيا في التنوير والتثوير .. وسقط مابيدها من قدرة على احداث نهضة عربية وبدأ عصر الانحطاط العربي من قلب النخب العربية التي توزعتها مثل التركات القديمة تلك القوى الدينية الاسلامية والقوى العثمانية والقوى المالية النفطية والقوى الليبرالية الغربية المتوحشة الانانية وكبعا كلها كانت تصب في اسرائيل .. ولم يبق من النخب العربية الا القليل في الربيع العربي .. فقد أصيبت بنكبة في الوعي والضمير واليقظة ..


وكم كنت أبحث عن طبيب عربي يجري عملية جراحية كبير ة لهذا الجسد العربي المريض بحمى الانحطاط .. وكنت أحلم ان ينطلق عمل عسكري من محور المقاومة كعلاج وحيد لمرض الربيع العربي .. وكنت على يقين ان الانحطاط المذهبي والاخلاقي والقيمي والاجتماعي العربي لايخرج منا الا بنصر كبير مثل نصر اكتوبر او نصر عام 2006 .. ولكن كان من الصعب ان نتخيل نصرا عسكريا مثل الذي حدث الان وبتنسيق كل قوى المقاومة .. لأنه يستحيل ان يكون محمد ضيف يفكر وحده دون ان يفكر في جدار يستند اليه .. ولاشك ان الانجاز نفذ فلسطينيا ولكن التخطيط والاعداد والخطوات مرسومة بدقة بين محور كامل ..


اليوم سقط الربيع العربي على حدود غزة .. وشوهد أبو الربيع العربي وأبو الثوار العرب بين المستوطنين يعزي ويبكي ويطبطب على الاكتاف ويكفكف الدموع الاسرائيلية .. بعد ان كان يجول على ابناء الربيع العربي وهو مبتهج ومبهور بغبائهم .. وظهر مع كل اصدقاء الربيع العربي في صف اسرائيل .. بلا لف ولا دوران .. وكان برنار هنري ليفي (أبو الربيع العربي) ونبيّه الذي قاد فلسفة الربيع العربي يقف بين الاسرائيليين مقهورا كئيبا .. ومن يقرأ تعابير وجهه يجس انه أصيب بخيبة أمل من أن كل ربيعه العربي سقط فجأة .. وبدأ السقوط المدوي من غزة ..

في ربيع غزة مات الربيع العربي .. وصمت صناع الربيع العربي وصمت كل أصحاب اللحى .. حتى ثرثار تركيا ولص حلب اردوغان لم نسمع صوته ابدا في معركة غزة .. وكان من الحري به ان يسمعنا معزوفاته وسيمفونياته الغاضبة وخطاباته .. ولكن خليفة المسلمين الذي كان يقدر حتى ان يطرد السفير الاسرائيلي او يهدد بأي تهديد كما يحلو له ان يفعل .. لم يصدر عنه الا المواء .. كأي قط تركي ..


ماحدث في غزة يجب ان يستغله محور المقاومة لأنه العملية الجراحية لاستئصال مابقي من الربيع العربي في جسدنا المشرقي وعقلنا المسموم وأجوافنا التي تعفنت مما أكلناه من موائد مسمومة على كل اعلام العالم وفضاء النفط .. منذ 13 سنة والشرق يأكل ويشرب على موائد المشيخات والأمراء وعائلات النفط فيما ان الطباخين كانوا اوروبيين .. طبخوا لنا سموم الأوهام الاسلامية .. واوهام الحرية العنيفة والمتوحشة .. وأوهام الديمقراطية التي تطبق على طريقة الديمقراطية في غرف نوم الشيوخ وأمراء العرب ..


أرجو ألا يخسر محور المقاومة أجمل فرصة لقطع رأس الربيع العربي في اسرائيل .. هذه فرصة لن تتكرر .. واسرائيل مصابة بالضعف والفوضى والرعب .. واي تراجع عن اتمام المعركة بالحاق الهزيمة المنكرة والاهانة الناجزة باسرائيل ستكون اهدارا لفرصة تاريخية لاتعوض .. لأن ضرب رأس الربيع العربي ومصنعه وداعمه ستكون بداية لتشكيل وعي عربي جديد .. واطلاقا لعصر نهضة ثقافية وفكرية واجتماعية تتأسس على الشعور بالثقة بالنفس والانتصار .. وتصويب التفكير .. واعادة الاعتبار للعقل .. وافهام الغرب ان الدنيا تغيرت كثيرا .. وان صناعة الشرق الجديد لم تعد من اختصاص وزراء الخارجية الاميركيين .. وانه لن يكون بعد اليوم كما أراد سايكس بيكو .. بل ان موت سايكس بيكو يبدأ من هذه اللحظة عندما يضعف أهم منتج لسايكس بيكو وهو مشروع اسرائيل ويصاب بالاسهال وضخ المهاجرين اليهود الى اوروبة التي كانت تتغوط مهاجريها اليهود في الشرق وحولت فلسطين الى حمام اوروبي تلقي فيه بقاذوراتها التي كان علينا ان نعيش حول تلك البقعة الجميلة التي كانت فلسطين ولكنها كانت ملئية بقاذورات اوروبة وكلابها الضالة التي تنبح علينا منذ 75 سنة .. وتنشر الروائح الكريهة والدم والكراهية ..


اسرائيل عاشت وانتعشت بالربيع العربي .. مثل اي جرثومة تعيش على القيح وتنتج القيح .. ولكن تطهير الجرح بالنار والمعقمات قتل الجراثيم .. وطهر الجسد المريض .. كلما اقتربت اسرائيل من الربيع العربي ابتعدنا عن الحياة .. وكلما ابتعدنا عن الربيع العربي اقتربت اسرائيل من النهاية ..


اسرائيل تقترب من نهايتها الحتمية … عاجلا أو آجلا ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق