سجّل أنك عربي .. حفلة عالمية سادية في غزة

في كل الحروب التي خضناها والتي هزمنا فيها والتي ربحنا فيها .. تبدو معركة غزة كاشفا لحقيقة علاقة العالم بالعربي .. وكاشفا لعلاقته بنفسه .. واضطرابه الذهني والنفسي .. فهذه المعركة كشفت انها ليست غزة هي وحدها المحاصرة بل 400 مليون عربي .. خراف محاصرون يأكلون العلف ويذبحون في احتفالات العالم ومناسبات اعادة ترتيب النظام الدولي .. فكلما قرر العالم اعادة ترتيب أمور العالم أقام الحفلة في بلادنا ونحر فيها بضعة آلاف من شعوبنا .. فيما بقية الخراف تدعو وتضطرب وتصاب بالهلع .. ولاتقدر حتى ان تنطح .. الا بعضها .. ففي حفلة انهاء النظام الشيوعي في العالم أكل العالم من لحم العرب في الحفلة التي أقامها في افغانستان ونحرهم الخراف باسم المجاهدين .. وهناك حفلة النظام العالمي الجديد الذي أقيمت في مهرجان عاصفة الصحراء وكان المدعوون فيها يأكلون اللحم العراقي الطازج بنكهة اليورانيوم المنضب .. وفي حفلة أخرى أكل العالم من لحوم العرب في الربيع العربي في حفلة دموية نحر فيها العالم 5 ملايين عربي ..


مذهل هذا العالم العربي الذي يقول له الغرب الان انك لاتساوي عندي الا مذبحة .. وانك أحقر من ذبابة .. العالم العربي اليوم كله يرى حفلة اعدام رهيبة لم تتخيلها مخيلة حتى عقول مصممي الافلام المتوحشة وأفلام الرعب .. ولم يخطر ببال احد من مصممي قصص الهولوكوست ان يكتب عن سجن مغلق فيه أسرى لايعلمون كيف يخرجون منه فيما السجانون يطلون عليهم من النوافذ ويطلقون عليهم النار بشكل عشوائي من بنادق آلية ويصورون المشهد على الهواء مباشرة حتى ان حرارة الدم تجعل عدسات الكاميرات حارة من حرارة الدماء .. أما العالم والأحياء العربية التي تجاور السجن فانها تتابع حياتها والناس يرتادون المقاهي .. يشترون ويبيعون ويسافرون ويلعبون الزهر أو البوكر فيما أطفالهم يتابعون المباريات وألعاب الأنترنت .. كل شيء حول السجن هادئ .. وتصدر أصوات صراخ من السجن وتسمعه بعض الأحياء .. ويخرج البعض للسؤال عن سبب هذا الازعاج ويطلبون من البلدية ان تخفف الصراخ والضوضاء القادمين من السجن كيلا يتم اقلاق المستريحين .. والنائمين والغافين في أسرتهم .. أو الساهرين لمشاهدة المسلسلات التركية لاردوغان او السوبر أوبرا ..


الضوضاء مستمرة والضجيج لايتوقف من السجن الهولوكوستي الغزاوي .. والدخان يتصاعد من السجن ويرى الناس أشلاء على أسوار السجن .. بعضها لأجساد بلا هوية . وأكثرها أشلاء لأيد صغيرة .. وأكباد صغيرة .. وعيون صغيرة .. ولكن الأحياء التي تحيط بالسجن تغلق نوافذها كيلا تشم رائحة الشواء ورائحة تبدو غير زكية من السجن .. وهم على يقين أن مصدرها هو السجن ولكن الرائحة لاتتوقف وتستمر تتغلغل في خياشيم الناس .. حتى داخل بيوتهم .. ويحاول الناس ان يتصلوا بالبلدية كي تتصرف وتلقي بعض المعقمات والروائح الطيبة وملطفات الجو في الطريق وتنشر الورود او تقترح ارسال المنظفات الى السجن .. لتعقيمه لأن نزلاءه لايستحمون كفاية ..


ولكن الرائحة تزداد حدة ونفاذا .. وتتسبب في تخريش العينين والصدر وتخنق الأنفاس .. ويبحث السكان حول السجن الذي يزداد فيه الضجيج والصراخ والاستغاثات الممزوجة بصوت الرصاص والتشفي والشتائم السادية التي تصدر عن حراسه الاسرائيليين .. ويفتح الناس زجاجات العطر وقوارير الروائح الغالية الثمن ويسكبونها في كل مكان .. وتنفذ العطور من دكاكين العطارين .. ويسفك الناس قوارير العطر ويسفحون زيوت العطر في غرف النوم وينقعون المخدات في العطر ويملوؤن البانيوات ويستحمون بالعطر كي يشموا الهواء النقي لثانية واحدة .. مرة واحدة فقط .. ولكن عبثا .. الرائحة العفنة الكريهة تهزم العطر .. ويهرب العطر نفسه من الرائحة القوية الكريهة .. يستسلم العطر والورد امام تلك الرائحة.. بل ان العطر نفسه له صارت رائحة كريهة ..


سيصاب الناس بالجنون ويتجمعون غاضبين من البلديات الفاشلة .. ويعقدون اجتماعا مع رؤساء البلديات كي تمحو السجن نهائيا وتنقله الى مكان آخر .. البعض اقترح ان يذهب السجن الى سيناء والبعض الى النقب .. والبعض اقترح ان يتم توزيع السجناء على العالم كي يتم اقفال السجن وزرع المستوطنات الجميلة في مكانه .. المحادثات تستمر وأصوات الرصاص والصراخ وأصوات الشرايين المفتوحة التي تنزف وتدحرج الاعضاء المبتورة والأحشاء هو فقط مايجعل تسجيل الحوار صعبا ومزعجا ..
وفجأة يدخل شخص معمم يقال انه طبيب عربي يتهمه الحاضرون بأنه هو من يجب ان يدخل الى السجن وحده كي يحل المشكلة ويوقف حفلة الاعدام .. وينتظرونه ان يتكلم .. وعندما يتكلم يكون الرجل صريحا ويقول .. هل تعتقدون ان الرائحة الكريهة صادرة عن السجن .. وأنكم ستتخلصون منها بتدمير السجن ونسيانه او بأن نطلب من السجانين ايقاف الاعدامات كي تتوقف الرائحة؟؟
انتم مخطئون ياسادة .. حسنا سندخل السجن لايقاف المجزرة .. ولكن الرائحة العفنة وماتشمونه هي رائحة ضمائركم المتعفنة .. فالعربي الجديد الذي ولد في زمن النفط العربي وزمن الاعلام الاسرائيلي وزمن البلاهة قد تعفن ضميره .. وصار مافي داخله نتنا جدا .. ولن يشم بعد اليوم رائحة طيبة ولو أقحم نفسه في الجنة ودخلها عنوة مدججا بالصلوات التي لانهاية لها .. والزكاة والحج .. ولو دخل وعباءته من أثواب الكعبة … فسيأخذ معه ضميره الذي تعفن وينشر الرائحة الكريهة في الجنة نفسها وفي السماء .. ولن يتطهر من هذه الرائحة الا عندما يغتسل بدم الشهداء ويلتحف بأكفانهم .. ويشرب من دموع الأمهات والآباء والابناء والاحبة والأصدقاء الذين بكوا أصدقاءهم .. وماأغزر الدموع والدماء في غزة اليوم .. شيئان لامثيل لهما .. الدم والدموع في غزة .. وهما متاحان مجانا لمن يريد ان يتطهر ضميره .. وضمير العالم العفن … وضمير العربي وكرامته وكبرياؤه المتعفنة ..


400 مليون عربي يذبحهم كل العالم علنا على شاشات التفزيون .. ولايكترث ان يكتب عن مذبحتهم في نشرة أخبار الا على انها حوادث سير مؤسفة .. والحق فيها دائما على المارة العرب الذين مروا ودهسوا سيارات الاسرائيليين .. أو أنهم رموا بأنفسهم تحت عجلات سيارات الغرب واسرائيل ..

هل تريدون ان تقولوا بعد اليوم بتحدّ: سجل .. أنا عربي؟؟؟
هل تذكر ايها العربي قصيدة: سجل أنا عربي .. وأطفالي ثمانية .. وتاسعهم سيأتي بعد صيف .. فهل تغضب؟؟

أهل غزة هم من يحق لهم أن يتباهى بهذه القصيدة لأنهم فعلوها وأكلوا لحم مغتصبهم .. وقدموا لكل عربي هدية لاتضاهى وفرصة لن تتكرر كي يقول للعالم .. سجل أنا عربي .. حذار حذار من غضبي ..


ولكن أيها العربي .. لم تلتقط الفرصة التي أعطتك اياها غزة .. لتقول (سجل أنا عربي .. حذار حذار من غضبي) .. فأطفالك الثمانية أيها العربي ذبحهم العالم في حفلته السادية في غزة .. وتاسعهم سيذبح .. وعاشرهم سيذبح .. طفلك قتل اول مرة في العراق وملجأ العامرية .. وقتل الثاني في قانا في لبنان .. والثالث في قانا الثانية .. والرابع قتل في ليبيا .. والخامس في اليمن .. وقتل السادس في سورية .. وقتل السابع .. والثامن .. ولن يبقى لك اطفال .. وأنت تبحث عما ينظف ضميرك .. واحساسك بالذنب الذي لاتعرف مصدره .. عجيب ألم تعرف اين هو ذنبك حتى اليوم؟؟


ماتشمه من رائحة عفنة مصدره أنت .. أنت تشم رائحة ضميرك الذي تعفن في عصر النفط وعصر المشايخ وعصر حروب الردة وعصر السلاطين وملوك العرب وعصر الذباب الالكتروني والمؤثرين المأجورين الذين غزوا عقلك كالديدان التي تأكل ورق الشجر .. عقلك مأكول مثل أوراق شجرة مريضة .. وضميرك مأكول مثل جيفة يقتتل عليها الدود .. والحقيقة ان ماتشمه هو رائحة موتك أنت .. وجثتك القادمة من المستقبل عندما تكون كبشا رخيصا لسادية هذا العالم .. الذي نحرك واحتفل من نهش لحمك في العراق .. وأكل من لحمك وأنت حي.. في لبنان وفي ليبيا ونهشك حتى العظم في سورية .. لحمك يؤكل حيا .. وضميرك يجذب الذباب من كل أنحاء العالم .. ورائحتك لن تكون الا كريهة عندما تسير في شوارع العالم الذي يحتقرك لأنه يرى كم موتك رخيص .. وصرت في العالم مثل ثور في حلبة مصارعة مع مصارع ثيران اميركي .. يغرز رماحه في جسدك وكتفيك وعنقك وقلبك .. وأنت تلحق خرقته الحمراء .. وتطعنها بقرنيك .. هذا العالم يحتقرك ويسد انفه بأصابع اعلاميين لأنه سيشم رائحة كبريائك المتعفنة ورائحة كرامتك التي ماتت وأنت تحمل جثتها على ظهرك ..

سجل أنك عربي ..
سجل أنك عربي .. ولم تقدر ان توقف سفينة واحدة تذهب الى اسرائيل ..
سجل أنك عربي .. ولم تقدر أن توقف لسانا واحدا من ساسة اوروبة واعلامييها يشتم الفلسطينيين لأنهم يصرخون من ألم الذبح وألم السحق .. العالم الوقح السادي يريد ان يذبح الفلسطينيين وألا يصرخوا .. وأنت تهز رأسك كالأبله وتطلب من الأمم المتحدةأن تنصرك .. وتطلب الامم المتحدة منك أن تخفف من قلة تحضرك وأن تصرخ باحترام ينسجم مع حقوق الانسان وأنغام سيمفونية الحرية الاوروبية ..
سجل أنك عربي .. ولم تقدر ان تدخل رغيفا الى غزة ..
سجل أنك عربي .. ولم تقدر ان توقف قطرة نفط واحدة عن هذا العالم .. كي تطفئ مصباحا واحدا كي ينتبه العالم الى المذبحة
سجل أنك عربي .. ولم تقدر ان تقفل بوابة سفارة واحدة .. ولم تقتلع رصيفا واحدا من سفارة … ولم تقفل دكانا واحدا لأي دولة غربية في بلدك .. لم تقدر ان تغلق سوبرماركتا واحدا يبيعك دم الفلسطيني في قارورات المشروبات الغازية .. لم تقدر ان تقفل محل ماكدونالد واحدا منتشرا في هذا العالم العربي ..
سجل انك عربي .. وأنك لم تقدر ان تجعل اي أمير نفطي يحس بالقلق او بالخجل .. والرعب من غضبك ..
سجل أنك عربي .. ولم تقدر ان تجعل اي شيخ ملتح يخجل من صلاته .. ويخجل من لحيته .. ويخجل من النبي .. ومن أن يزور الكعبة وهو لايقدر ان ينتفض الا في الفراش ..
سجل انك عربي .. ولم تقدر ان تجعل اي سياسي غربي يكترث بمشاعرك ويصر على اهانتك واحتقار كل دمك وكل كرامتك بالذهاب الى تل أبيب أمام عينيك كي يهنئها على صبرها انها لاتقتل الكثير رغم انها من حقها ان تقتل الجميع ..
سحل أنك عربي .. وتمسك كل مضائق العالم بيدك .. كما تمسك أعناق النوق .. ولكنك بلا عنق .. ولا رقبة .. ولاتقدر ان تقول للعالم انك ستعصر هذه المضائق حتى يختنق هذا العالم وينتبه الى حفلة الاعدام في غزة .. ويعرف ان لك رقبة وعنقا ترفع رأسك المتدلي على صدرك كرأس الذبيحة ..
سجل أنك عربي .. ولم تقدر أن تطعم طفلة واحدة في غزة .. ولا أن تفتح ثغرة لكي تدخل قارورة حليب .. او قارورة ماء ..
أيها العربي .. غزة هي فضيحتك .. ومن يموت في غزة هو أنت .. والأطفال الذين يذبحون اليوم هم أطفالك .. وأن حفلة الاعدام في داخلك أنت .. فأنت السجين القادم في حفلات اعدام هذا النوع البشري الذي يسمى العربي … الذي يعيش في سجن كبير .. من المحيط الى الخليج ..
سجل أنك عربي .. تعيش في حظيرة كبيرة .. تحرسها الكلاب .. وأن لحم أطفالك يباع الأن في غزة .. وأنك ترى نفسك مذبوحا في غزة .. ولاتقدر الا ان تقول:
سجل أنا عربي .. ورقم بطاقتي خمسون ألفا ..
حذار حذار من غضبي ..
لأني اذا ماجاع مغتصبي .. وهبت لحمي لمغتصبي ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق