آراء الكتاب: الحرب الأخيرة – بقلم: فايز شناني

بعد الاستقلالات العربية في الخمسينات والستينات ، تقلد الحكم في عدد من البلاد العربية حكاماً لهم ارتباطات أجنبية ، وبقيت العلاقات بينهم خاضعة للهيمنة الأمريكية أو الأوروبية ، وكان أي تقارب عربي مرفوض أو لا يكتب له الحياة ، حتى السياسات الخارجية كانت مرهونة للإملاءات الأمريكية أو الأوربية . الجامعة العربية اسم فضفاض يدعو للسخرية عندما لا تلتزم بقرارته أية دولة عربية ، بل كان منبراً للفرقة وليس منبراً جامعاً لأية جهود عربية تسهم في تنقية العلاقات العربية ، ولا تسهم في التنمية الاجتماعية والتكافل والتكامل العربي على كافة الأصعدة والمجالات . وهنا لا بد أن أذكركم بقصة الخراف والجزار ، التي تحث على الخنوع والاستسلام ، ورفض المقاومة . والقصة كما تعلمون تحكي عن خاروف، تمرد على الجزار ، وهرب من قبضته عندما سحبه للذبح ودخل بين بقية القطيع ، لم يكلف الجزار نفسه للبحث عنه وأمسك أقرب خروف إليه وقاده للمسلخ وذبحه ، في المساء قام الخروف بحث بقية الخراف على التمرد ، وقام بمحاولة فتح ثغرة في  السياج الشائك ، لكن الخراف عنفوه وبدأوا بنطحه حتى مات ، في الصباح جاء الجزار فوجده جثة هامدة فاقتاده للمسلخ بعد أن أعاد اصلاح السياج ، وبعد أن انتهى من ذبحه وسلخه ، وضع السكين على باب المسلخ لتراها الخراف وكأنه يقول : سيأتي دور كل واحد منكم ، فقط حين يحين دوره …. لا تستعجلوني !! 

هذه القصة تنطبق تماماً عما تفعله الدول العربية التي تتسابق للتطبيع مع الكيان ، الجزار الأمريكي الصهيوني  جاهز عبر سكاكينه ( قواعده العسكرية ) لجر اي حاكم عربي وقطيعه إلى المسلخ ، وقد رأينا ما فعلوا بالمقاومة اللبنانية في تموز 2006 كما نراهم اليوم يفعلون في المقاومة الفلسطينية .

كنت قد نوهت أكثر من مرة أن الحرب لم تبدأ بعد ، والحرب السورية هي بروفة للحرب القادمة وقد أعيد السيناريو ذاته في اوكرانيا ، وربما الذي أخّر الحرب هو تكلفتها الباهظة ، ولكن الاستنزاف طال وتأثيراته أرهقت المحور المقاوم ، فالحرب قادمة لا محالة طالما تعددت ساحات المواجهة ، وتطورت أساليبها في اليمن وفلسطين ولبنان والعراق وسوريا وكذلك في اوكرانيا .

الخارطة العسكرية اليوم تظهر التفوق الإيراني ، الذي مهد ل 7 اكتوبر والحسم في عدة مدن أوكرانية ، وكذلك في جهوزية المقاومة العراقية واللبنانية ، و كذلك فيما تقوم به اليمن وقطع الطريق البحري في البحر الأحمر ، أمام السفن الإسرائيلية وغيرها نصرة ودعماً لفلسطين . الحرب إن وقعت ستكون الأخيرة لإسرائيل ، والضربات التي تقوم بها في سوريا لا تعني أنها الأقوى ، أو أن سوريا عاجزة عن الرد ، بل الحرب سيكون فيها مفاجآت كثيرة ، وعدم الرد هو للاحتفاظ على سرية السلاح المفاجئ ، لأن الرد سيكشف السلاح الذي قد يحدث تفوقاً آنياً ، و لأن أمريكا ومعظم الدول الأوربية سيسارعون لتقديم كل الدعم العسكري ، الذي يعيد قلب الموازين لصالح الكيان ، وبذلك قد يخسر المحور المقاوم وسوريا ولبنان أولاً ، وتتم تصفية القضية الفلسطينية نهائياً . إن ما يؤخر تلك الحرب الأخيرة هو روسيا لأنها حتى الآن مترددة في الزج بكل قوتها في وجه امريكا وحلفائها ، ويبدو أننا لن ننتظر طويلاً حتى تنضج كل التحالفات التي ستقرر المواجهة الكبرى  .

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق