جيفري ساكس يهز عرش الثورة .. ثورة تنسفها كلمة .. والثورة لاتريد أن تصدق

https://en.wikipedia.org/wiki/Timber_Sycamore

يشبه ظهور جيفري ساكس ضد الثورة السورية في مؤتمر أنطاليا ظهور عمار بن ياسر في معسكر علي حيث تذكر الناس أن (عمارا تقتله الفئة الباغية) .. مما هزّ وخلخل معسكر معاوية .. وهذا ماحدث الان مع ثوار الناتو .. الوضع النفسي للثوار وجماعة (بني أمية) والحرية والكرامة .. وارفع راسك فوق .. وجمهور من يحرر يقرر.. ومزرعة قطر والخليج والدواجن التركية وووو … وضع كان صعبا لأن تصريحات ساكس هزت عرش الثورة هزا عنيفا .. فالثورة اعتادت على المديح والنفاق والثناء والدعم وانها مظلومة وضحية .. ويعرف الثوار انهم مدللو المؤتمرات الدولية وانهم مفوضون بالكذب بلا حدود وكل من حولهم مكلف بدعمهم والبكاء معهم ..

لكن لقاء أنطاليا كان بمثابة الخضة القوية والرجة العنيفة بسبب تصريح جيفري ساكس الذي قال للجميع ودون تأتاة او حرج: للأسف أنتم خونة وعملاء وأغبياء العصر .. رجل اميريكي يقول لهؤلاء جميعا انا أقول لكم ان بلدي المتمثل بالولايات المتحدة هي التي تأمرت عليكم وليس الرئيس بشار الاسد .. أنتم ضحية خدعة كبيرة ووهم كبير .. انكم أغبياء الى حد لايصدق وقد قاتلتم نيابة عن اسرائيل .. ودمرتكم بلدكم .. في عملية خشب الجميز ..

من يستمع الى ساكس يحس به يشعر بمرارة من حجم الدمار الذي تسببت به بلاده ضد الشعوب الاخرى وضد الشعب السوري لكنه أيضا يحس في كلماته بنغمة الرثاء والاحتقار لثوار الشعب السوري الذي أصر على الوقوع في الفخ ولايزال يرفض أي نصيحة .. شعب الثورة أصم أذنيه عن اي حقيقة .. لايريد ان يعيش الا الوهم .. ولاشفاء له من الوهم ..بل وتغيرت أخلاق جمهوره وصار يتصرف بطريقة فيها اضطراب نفسي ..

وعقب تصريحات ساكس القوية انتفض الاحرار وكأن العقارب لدغتهم والأفاعي لسعتهم .. وليس لهم هم ولاشغل سوى اطلاق النظريات التي تحتقر هذا الرأي وتعيد البكائيات والتبريرات .. وترفض بعناد انهم كانوا خونة .. وأغبياء .. وانهم جنود تبرعوا للسي أي ايه .. وانهم من أرخص العملاء ..

جيفري ساكس هو الذي يكتب التاريخ والسي اي ايه ستكتب التاريخ .. وستنشره شاؤوا أم ابوا .. وستقرأ الاجيال مذكرات الساسة الاميريكيين عن هذا الجيل العميل الغبي الساذج الذي تبرع بتدمير بلده بحجة انه (بدو كرامة وبس) .. وستقول الاجيال القادمة فيه العجب العجاب .. وليس هؤلاء الثوار هم من سيكتب التاريخ .. ولن يكون لهم دور في التاريخ الا انهم سخرية التاريخ ومحط استعزائه ودعاباته ..

وقد أرسل لي البعض تعليقات الكثيرين من المعارضين واصحاب (انتصرت الثورة) .. وكلهم يتنكرون للحقيقة ويعتبرون ساكس معاديا للشعب السوري .. ولكن كمال اللبواني انزعج كثيرا من الكلام عن مؤامرة الثورة وبرز في الساحة مثل عمرو بن ود العامري يلوح بعبقريته الفذة في السياسة ليصرع جيفري ساكس بضربة واحدة ..

في الحقيقة استمعت للبواني عدة مرات في الماضي لأن البعض كان يرسل مايقول لأنه معاد للجولاني .. ولكنني توقفت عن متابعته بعد بضعة فيديوات لأنني اكتشفت انه يقول أشياء جميلة عن الديمقراطية ولكن رسالته في الدور السوري السياسي تتضمن مطالب اسرائيلية (اي انس دور سورية في الصراع مع اسرائيل واعتبرها تابعة لاسرائيل سياسيا بدل ايران) .. وهو والجولاني لافرق بينهما على الاطلاق وهما يكملان بعضهما بالنسبة لاسرائيل ومايفعلانه هو تقاسم أدوار .. واللبواني ينقل رسائل اسرائيلية لاظهار الجولاني انه لايحظى بتأييد العلمانية السورية التي ستطرح مرشحيها الذين تحضرهم اسرائيل الأن .. ولكن عملية ايصالهم يجب ان تكون عبر اللبواني وأمثاله لاظهار ان البديل موجود وهو بديل ديمقراطي سيتقبله السوريون لأنه سيظهر نتيجة صراع مع قوى علمانية انتصرت أخيرا ..

بصراحة من المتعب ان تستمع للبواني الذي هو صنو الجولاني .. لأنك لاتستطيع ان تفهم شيئا اذا ماحاولت ان تجمع مايقول .. اي انه باختصار الولد اللي مابيجمعش .. فهو يضع تفسيرات عجيبة للأحداث ويبدو انه يمر بمرحلة فقدان ذاكرة سريع أو أنه يظن ان من يسمعه ليست له ذاكرة .. وهو ككل أشكال المعارضة السورية لاتقدر ان تفهم له نظرية والسبب هو انه لايقرأ المرحلة السابقة لسورية الا من خلال منظور طائفي ومنظور أعور .. فاذا اردت ان تصنع المستقبل عليك أن تنصف الماضي لاأن تظلم الماضي وتهدمه كله لأنك لاتحب جزءا فيه .. وهذه هي علة المعارض العربي الذي لايرى في خصمه اي شيء الا الشر.. ولذلك لم ينظر لزمن البعث والاسدين الا على انه شر مطلق .. وأغمضت العيون وصمت الاذان عن اي محاولة لتقييم المراحل بانصاف ..

المعارضة السورية لاتقدر ان تقبل بكلام ساكس ولاتقبل بخشب الجميز رغم انها صارت مثل الفضيحة وتصر المعارضة على ان الثورة السورية نقية ووليدة الفطرة .. وهذا النوع من الانكار هو سبب الفشل الماضي للمعارضة وسيكون سببا في الفشل القادم والفشل الذي يليه .. لأنك اذا كنت تكابر وتعاند وترفض الحقيقة فلايمكنك أن تبني الحقيقة .. فكل شيء في منطق المعارضة تحس أنه خيال ووهم وهلوسات مخلوطة بنكهة حكاية وأسطورة وشائعات .. فمثلا يتحداك الذكاء الصناعي ان تفهم من اللبواني من الذي صنع داعش .. فمرة يقول جازما أنها يقينا صنيعة ايران .. وعندما يهاجم الغرب لسبب ما يقول الغرب هو الذي صنع داعش والنصرة ليسيء لللاسلام وللسوريين !! .. وعندما يتناول النظام السوري يقول طبعا هو الذي أطلق داعش والاسلاميين ليدمر الشعب السوري ويعاقب الثورة .. وستكون بطلا ان عرفت منه اي مما سبق هي النظرية المتماسكة .. وطبعا هو يظهر نفسه مدنيا وديمقراطيا ولكنه لايقبل الا ان يذكرنا بمصيبة أهل السنة ومظلومية أهل السنة .. وحرمان أهل السنة .. أي انه جولاني ولكن “كيوت” .. لأنه لايمكن ان تقبل بنظرية مظلومية أهل السنة أو اهل الشيعة دون ان تكون طائفيا ..لأن الدكتاتوريات لاتكترث بهوية المعارض ومذهبه ..

ماالفرق بين اللبواني والجولاني ؟؟؟؟

واللبواني انتفض من جيفري ساكس واتهمه فورا على انه من أصحاب الدولة العميقة التي تدير الكون .. وحسب نظرية اللبواني اللوذعي فان كل مايحدث حولنا مدبر من أجل نظرية عودة السيد المسيح حسب المسيحيين الجدد .. فالعالم يتم تخريبه عمدا .. ولذلك جاءت اميريكا بالخميني .. وحزب الله .. والاخوان المسلمين .. وأردوغان .. وصدام حسين .. وحافظ الاسد .. وياسر عرفات .. والقذافي .. واون جون اونغ .. وزكي طليمات وزكي جمعة وبهجت الاباصيري !! .. الا الثورة السورية فهي صنيعة الله وصنع الطبيعة وهي الوحيدة التي صنعت نفسها “وزمطت” من قوانين اللبواني وتفسيراته عن القوى الخفية التي تدير العالم .. وماخلا الثورة السورية فكل شيء موجود بتقدير اميريكي .. وحسب نظرية اللبواني وغيره في فهم التاريخ فاننا يمكن ان نقول ماقاله نيتشه من ان الله قد مات .. والبشرية متروكة بيد قوة خفية في أميريكا ترسل لنا مرة السيد حسن نصرالله مرة ومرة بن لادن .. ومرة ترسل الخميني ومرة ترسل صدام حسين .. ومرة بشار الاسد .. أما الثورة السورية فهي لاتنطبق عليها هذه النظرية ابدا لانها من صنع الاحرار ولا يد لاميريكا فيها .. فهي ثورة طبيعية وأورغانيك ولاتستعمل السماد الطبيعي ولا المزابل وروث الأبقار والكيماويات والهرمونات الاستخباراتية ..

يعني ان الله – ان لم يكن قد مات – فقد قدم استقالته .. وأن التاريخ قد مات (الا من ثوار اللبواني) .. لأن كل الاحداث مرسومة بعناية فيختلط الحابل بالنابل .. ويطهو لك اللبواني (صنو الجولاني) طبخة بحص في تحليلاته .. لأنك لاتقدر أن تفهم .. ولاتدري ماالذي جمع حسن البنا والقذاقي وصدام حسين والخميني ورئيس الصين والخامنئي ورئيس الهند .. كلهم من تصميم الحكومة العالمية العميقة من أجل ان يعود المسيح برأيه .. وعندما تذكره انه ذهب الى اسرائيل وطلب العون من أصحاب القوة العميقة للثورة السورية يقول انه يريد ان يفهم العقل الاسرائيلي ليدعم الثورة .. وطبعا هذا سيعني انه دعوة للعلويين الان للسير على خطا اللبواني سيذهبون لفهم العقل الاسرائيلي على طريقة الثوار .. فهل يلومهم اللبواني العبقري أو غيره؟؟

تحس بعد ان تستمع للبواني ولكل الثوار والفيديوات التي تفسر الاحداث انك على حافة الجنون .. وتستغرب ان يكون هذا هو فخر الصناعة المعارضة .. وأن له من يتابعه ويصدقه ولايعرف انه لافرق بينه وبين الجولاني بأي شيء .. فكلاهما يكذبان .. وكلاهما يزوران .. وكلاهما طائفيان .. وطبعا هو يعيد تقديم نفس الطبق الذي يقدمه لنا من سنوات من أنه خريج صيدنايا وانه سجين الحرية .. اي استغلال لقضية سجنه .. وأنا بالفعل ان كان لي عتب على الدولة السورية التي رحلت انها سجنت هؤلاء الناس .. وهم لايستحقون .. كان من الافضل ان تجد لهم طريقة لاظهارهم واظهار تفاهتهم .. ولكنها بسجنها لهم جعلتهم أيقونات رغم انها مزيفة .. مثل اكسسوارات تشبه الذهب والماس ولكنها يمكن ان تشترى على بسطة أي رصيف .. يعني اللبواني وغيره ليس لهم اي فكر ولانظرية ولا دراسة سوى جامعة سجن صيدنايا .. وهذا يعتبر مؤهلا مثل الدكتوراه لقيادة الجماهير مثل أبو محمد الجولاني (خريج جامعة سجن بوكا في العراق).. لكن قيادة العمل الفكري تحتاج الى فكر وقراءة وثقافة وتماسك في الرأي .. ومانراه اليوم رجال معارضون مساكين .. استعملهم الاميركي في خشب الجميز ثم رماهم وتخلص منهم لأنه اعطى الهدية والمكافأة للجولاني .. فتتعجب كيف ان لهم معجبين ..

باختصار شديد .. نحن شعب لم ننتج معارضة حقيقية الى الان .. وعندما ننتج معارضة قوية بالمنطق وقوية بشجاعة الاعتراف ستكون لنا أنظمة وطنية وديمقراطية لها تجربتها في الحرية الحقيقية .. معارضاتنا وضيعة جدا ومتواضعة فكريا .. وهي عنتريات فقط .. وانتقامات فردية .. وفيها الكثير من الطائفية المقنعة والظاهرة .. وفيها كل شيء .. الا الوطنية .. بدليل ان الجميع انزعج من الاشارة الى خشب الجميز .. رغم ان الجميع يعرف بعشرات المؤامرات للاطاحة بالحكومات من عملية أجاكس للاطاحة بمحمد مصدق الايراني .. الى عملية .. خشب الجميز العلنية التي يتحدث بها الاميريكون دون مواربة ولكن ثوارنا ينكرونها ..

وكل جميز وأنتم بخير .. خربتم بلدكم .. ودمرتم جيلا كاملا .. من أجل تغيير رئيس .. والنتيجة 600 ألف ضحية .. ومئات المدن والبلدات محترقة .. ودمار جيش كامل .. واحتلال رباعي .. وجيل كامل من الاطفال الاميين الذين سيكونون مرتزقة مجانيين لحروب اميريكا .. وخسارة الجولان والجنوب وتفكك سورية نفسيا وشعبيا ولايمكن ان تعود كما كانت .. فالنفوس تنافرت .. والكراهية لاحدود لها والحقد صار مثل الافاعي تنفث داخل النفوس .. والثوار مشغولون بالانتقام من قبر حافظ الاسد وفقراء العلويين ليدفعوهم دفعا الى أحضان اميريكا واسرائيل .. بينما اسرائيل صارت تبني المطارات في الجنوب وتجر مياهنا الى مزارعها وتتطلع لتستعمل كل الاقليات مثل المخالب في سورية ..

تبا لكم .. وتبا لغبائكم .. ولكن اياكم ان تتوقعوا ان تستمر الامور على هذه الحال .. وسيأتي ذلك اليوم الذي سينبش السوريون فيه قبوركم ويرمونها في البحر.. فهذه الارض تتقيأ من لايكون وفيا لها ولايكون وفيا لقيم ناسها ولايبادل الارض الكرم والمحبة .. هذا زمن سيصل قريبا .. لأنني أكتب هذه المقالة من المستقبل .. وانا اعرف اين أنتم ستكونون في المستقبل القريب .. العالم لاتغيره الدول العميقة بل تغيره الهمم العميقة .. واليقين العميق بالخير .. واليقين العميق أن الأشرار لهم جولة .. قبل ان تصل يد العدالة اليهم .. عدالة الأرض والتاريخ .. وعدالة السماء .. والوطن ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق