ضحك وبكاء .. التكويع والردة وشعوب المحميّات الطبيعية .. غابت الدولة الوطنية وكلماتها لاتموت !!

بريدي لايتوقف وهو يأتي لي باخبار الذين يتباكون اليوم على ثورتهم وبعضهم يبكي على سورية لأنها تتقسم وتموت .. وبعضهم بدا يدرك أنه أفاق وأنه كان مغفلا .. وأن الوهم الاكبر الذي عاشه الواهمون هو ان سورية ستكون أفضل مع الثوار .. وأفضل من غير البعث والاسد .. بل ان مايدهشني الى حد انني صرت أتسلى وألعب لعبة الفروق الخمسة وأنا اقارن بين خطابات الحكم الحالي وخطابات الثوار المصدومين وكل من يدعم الثوار وهو يقولون كلاما جميلا عن الحب والوئام ولم الشمل الوطني وعدم تشميت الاعداء بنا .. وأحس أحيانا أنني في حلم وانني أستمع لخطابات السيدة العزيزة بثينة شعبان عن حاجة السوريين لأن يحبوا بعضهم وان ينسوا خلافاتهم وأن يبنوا سورية التي ستكون أجمل مما كانت .. وأكتشف انني لست في حلم بل أقرأ منشورات او خطابات الحكومة السورية الحالية ورموزها واعلامييها من جنرالات التحريض القديم على الكراهية وهي اليوم خطابات في منتهى الرومانسية ولاينقصها سوى موسيقا أفلام زمان والحان الكمان .. يلين لها القلب .. وتذوب فيها المشاعر .. ولكنها وياللسخرية نسخة مطابقة لخطابات الدولة السابقة .. حتى صرت على يقين ان الجولاني وفريقه أحرقوا كل شيء في القصر الجمهوري الا قسم الخطابات الرسمية الذي أخذوه بحرفيته وصاروا يقرؤونه بأصواتهم كما هو .. ومن حقنا أن نسأل هنا لماذا كانت خطابات الدولة السابقة ترفض وتوصف انها تلفيق وتدليس وكذب ولكن يطلب منا أن نصدق هذا الخطاب ونحن نرى القتل والمجازر والاحتقان الطائفي والهياج والسعار المذهبي وأبقارا وبغالا تمشي في الطرقات .. وشيشانا وتركستانا وأتراكا ..

في الحقيقة انني في اليومين الماضيين ورغم كل الآلام والمواجع ضحكت كثيرا من مفارقة عجيبة .. وهي ان المكوعين اليوم صار خطابهم يشبه جدا خطاب المعارضة القديمة التي كانت تشنع على النظام والدولة والرئيس الاسد .. بينما تحول خطاب المعارضة القديمة التي (انتصرت) الى نفس خطاب الدولة السورية والبعث والرئيس الاسد .. فهي دعوة للدفاع عن الوطن ووحدة سورية والاستقلال ومحبة السوريين واظهار الانضباط والتفهم للصعوبات التي تواجه الدولة والضغوط الهائلة التي يتعرض لها مقام الرئاسة وووو .. شيء عجيب عندما تتصاغر الشعوب .. تتبادل الادوار بشكل مسرحي عبثي وكوميدي .. فمن يسمع طارق الاحمد الذي ينسب للحزب القومي الاجتماعي السوري يحس انه يستمع لخطاب برهان غليون الأول .. وخطاب ميشيل كيلو وسليم ادريس ووو .. لافرق .. وهنا تدرك لماذا تصغر الاحزاب الكبيرة وتصغر الشعوب الكبيرة لأنها تولي قيادتها للصغار … فكيف للحزب القومي السوري الاجتماعي ان يقوده هذا الوعل .. وقد كان أسسه أسد اسمه أنطون سعادة؟؟ والنتيجة أن الاحزاب الكبيرة تبدأ فيها المأساة وتتلاشى عندما تغيب القيادات الكبيرة .. ولكن وفي نفس الوقت من يسمع خطاب هنود قبوات فعلا يظن انها بثينة شعبان وهي تتحدث برومانسية وطنية واحلام وردية وخطاب المصالحة والتسامح رغم انها تعيش وسط ضباع التطرف وتغسل لهم ثيابهم بنفسها وتقلم لهم أظافرهم وتمسح أحذيتهم وسكاكينهم من آثار الدم الذي وصل الى أجراس الكنائس وغسل الاحراش في الساحل وحول لون البحر اللازوردي الى لون القرمزي وصبغ الصخور السوداء في السويداء باللون الأحمر القاني .. ولكن قبوات تتكلم وكأنها تعيش في سويسرا حتى كادت عيناي تتقرحان من كثر ماأبكاني خطابها الوديع .. انه يمكن أن يتفوق على خطاب الأم تيريزا بأميال .. رغم ان قبوات صديقة الجولاني وصديقة ابي دجانة وصديقة كل قاتل في شوارع الساحل والسويداء وتعلم انهم جيشها الذي تمثله .. شخصية هلامية صغيرة أنتجها زمن صغير تظن أنها تنفخ في الصور كي يخرج الاحياء من الاموات .. وخاصة عندما كانت تخاطب رئيسها الجولاني السفاح وتسميه باصرار (سيدي الرئيسسسسسس) لأن نفخه بنفح السين والشد على الأسنان سيجعل منه رئيسا رغم انه طرطور القاعدة ..

ورغم كل المآسي الا انني لاأقدر الا أن أضحك على الصورة التي تشقلبت في المجتمع وبين أقطاب الصراع الماضي .. صورة لاتقدر الا ان يكون مفعولها مثل غاز الضحك لأن القبح هو ان نفس تلك الوجوه كانت ترفض السلم الاهلي وترفض الحوار وترفض ان تتحدث الا بالكذب وتضخيم الامور لمنع السلم الاهلي .. وترفض تحالف سورية وايران وروسيا بحجة اننا فقدنا استقلالنا .. هي نفسها اليوم تدافع عن الاصدقاء الجدد في اميريكا وتركيا وقطر والخضوع المطلق لها وتتنازل عن الجولان والسيادة شمالا وجنوبا ..

وأنا أراهنكم جميعا أن تأتوا بكل خطابات الرئيس الاسد وحزب البعث وكل الرفاق البعثيين ومقابلات السيدة بثينة شعبان فستجدون انها سرقت وتتلى عليكم اليوم باسم الجولاني وأصحاب الياقات الحمراء الدموية .. فهي ذاتها التي يقرؤها أصحاب الحكم الجديد والنظام الجديد بحذافيرها .. عن الوطن والسلم الاهلي والوطن للجميع والمحبة والشعب السوري العظيم والحرية والارادة الشعبية وعن الفجر الجديد والامل والعيش المشترك والبحث عن المستقبل ووو .. ولاأدري لماذا قامت الثورة اذا كانت ستقول لنا نفس الخطابات ولاتكمل لنا خطاباتها القديمة لكن الان تأتي الحكومة الجديدة بكل خكابات الرئيس بشار الاسد ومستشاريه وتعيد قراءتها علينا على انها هي الخطاب الصحيح ولكن في زمن الجولاني ..

المشهد السريالي الذي يستحق ان يبقى للآخر على انه المشهد الاكثر اضحاكا من بين مئة مشهد كوميدي هو أمام أكثر نكتة سنضحك منها جميعا .. وستكون من نصيب فيصل القاسم الذي وصلني مقطع فيديو له وهو يحاضر في الناس عن ان هناك من يريد تقسيم الناس طائفيا ومذهبيا وأن سبب انضمامه للثورة هي السياسة الطائفية للنظام السابق الذي كان يفرق بين الناس وانه لايجوز على الاطلاق لفظ التحريض الطائفي لأن البلاد لاتقبل النفس الطائفي .. وكلنا شعب واحد .. وعلى الفور يصل تسجيل موقف للصغير بن الصغير ماهر شرف الدين وهو يعوي عواء حقيقيا عن خيبة أمله .. ويتلوه خطاب آخر يقطر دموعا لرياض نعسان آغا لأن سورية تتقسم .. يقولها بغنته المعهودة والتي اختلكت بسوائل أنفه الباكي وغنته .. ان بلدي يقسم ويقص .. وتخرج ريما فليحان عاوية باكية على انها فجعت بما يحصل للثورة ..

المحبطون لاحصر لهم .. اما بسبب انهم لم يأخذوا من الصيدة أي قطعة لحم .. الصيدة تأكلها الذئاب والثعالب تنتظر العظام .. والغربان ترقب بفارغ الصبر ان تنتهي الثعالب من تنظيف عظام الوليمة وتترك لها اللحم الرخو والعيون كي تأكل شيئا .. ولكن الذئاب جائعة وتطعم حتى (أبا دجانة نجم التركستان في سوق الحميدية) ولاتطعم غربان الثورة من الصيدة ..

الواهمون أيضا لايقدرون ان يقبلوا بالحقيقة وهي انهم اثبتوا أنهم أغبياء وسذج وخاصة عندما يتفاجؤون مما آلت اليه الأمور من تدهور وكوارث حلت بالبلاد والعباد وضياع الاستقلال والثروات والاقتصاد والسلم الاهلي .. وغيرها وهي ترى السعار الطائفي والجنون والبلاد التي خربها شعبها بيده وكل من شارك بالثورة بالصوت والموقف والتحريض والتهليل سيعرف أي جريمة اقترف بحق سورية

أيها الاغبياء .. وماذا تظنون انكم ستحصلون؟ .. هل صنعتم سويسرا؟ .. ام جبنة سويسرية مثقوبة تتقاسمها الجرذان؟ .. سورية صارت شعوبا من الواهمين .. الواهين القدامي والواهمين الجدد .. الوهمون القدامى ظنوا انهم يلاعبون الامم ويضحون عليها واليوم عرفوا ان الامم كلها ضحكت عليهم .. والواهمون الجدد الذي يظنون ان الامم ستحميهم .. فالسنّة تحميهم اميركيا والأقليات تحميهم دول أخرى .. ولكن كم هم واهمون … فاسرائيل واميريكا واورويا تحمي مصالحها فقط .. واذا قدمت الحماية فانها ستقبض ثمنها من شرف الجميع وأرض الجميع .. وسيادة الجميع .. وسيعيش الناس في المحميات (كلها) مثل الحيوانات الافريقية محميات طبيعية لحيوانات .. فأنت في محميتك حيوان لمالك المحمية .. المحمية السنية والمحمية الدروزية والمحمية العلوية والمحمية الكردية ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

3 Responses to ضحك وبكاء .. التكويع والردة وشعوب المحميّات الطبيعية .. غابت الدولة الوطنية وكلماتها لاتموت !!

  1. أفاتار Bassel Hr Bassel Hr كتب:

    منذ فترة لا بأس بها توقفت عن قراءة مقالاتك لأنني شعرت أنك منهزم داخليا لأنني أدركت أنك من أصحاب المقولة إما الأسد أو نحرق البلد , و من بعد انهزام الحس المقاوم فيك , شعرت أنك لن تساهم في نهضة جديدة لسورية يشترك بها جميع أبنائها بروح جديدة , أساسها التعاون و نبذ الخلافات و الاختلافات و ربما هذه الاختلافات هي ما ستعزز الروح الديمقراطية في هذا الشعب بعدما قمعتها الأجهزة الأمنية و الاعتقالات التعسفية و الاتهامات الباطلة لأي بريء رفض دفع المعلوم لتلك الجهة أو ذاك المبتز , فهذا الفساد هو الذي أسقط الحزب الذي ما زلت تدافع عنه في كتاباتك و النظام السابق و ليس القادمون الجدد الضعفاء .

    و إذ بي أجد بعد رجوعك للكتابة أصبحت كتاباتك كلها شماتة لا غاية منها سوى الشماتة و ليست للنصيحة و الاصلاح , فما زال لسان حالك يقول : إما الأسد وحزب البعث و النظام الفاسد و إما فالتحترق البلد .

    خلاصة ما توصلت إليه وجدت أن السني لن ينحاز إلا للسني و الكردي لن ينحاز إلا للكردي والعلوي لن ينحاز إلا للعلوي و الدرزي لن ينحاز إلا للدرزي . أما الوطن الذي يجمع كل هؤلاء فلا أحد سوى هذا الغبي الذي يكتب لك هذه الرسالة منتقدا من كان يعتبره قدوة و أيضا تم خذلانه مثل الوطن .

  2. أفاتار Safa Syria Safa Syria كتب:

    عزيزي نارام

    وأنا ايضا اريد ان ابعث لك ببريد الكتروني

    لكن لااعرف كيف

    ساعدني

أضف تعليق