فاروق الشرع والرواية الفاسدة – بقلم: وتد من قاسيون

أن يحمل فاروق الشرع كل ذلك الحقد على بشار الأسد أمر مفهوم جداً اليوم، لكن أن يتفاجأ الرجل – بعد 14 عاماً فقط من العمل معه وزيراً للخارجية ثم نائباً له بأن لدى بشار الأسد “ميول سيكوباتية” لهي قضية تستحق الوقوف عندها ملياً والسؤال عن قدرات ذلك الرجل “المحنَّك” الذي أبهر السوريين.. وما أسرع ما يُبهر السوريون!
تقاعد فاروق الشرع في ذروة الحلم والطموح، وغاب عن المشهد رجل السياسة الذي حلم أن يصير رئيساً بمبادرة قطرية مبكراً، وقد انتضاه حافظ الأسد من شركات الطيران ومكاتبها سفيراً ثم وزيراً للخارجية.. وتحول فاروق الشرع في زمن الأهلية والفرصة المواتية من نائب رئيس يحبه السوريون إلى كاتب مذكرات أبله عند مركز عزمي بشارة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وقد كان مخطّطاً في الأشهر الأولى أن يكون الرئيس بقرار من حمد بن جاسم.. والرجل الذي جمع رصيداً وطنياً كبيراً، وسمعة حسنة من سياسة رسمها وقاتل عليها ومات على ثوابتها الرجل الذي لا يتكرر، حافظ الأسد، لم يعد لديه ما يفعله إلا كتابة المذكرات تحت الطلب.. فكيف وهو في أرذل العمر، وأكثر المحطات خيبة.. هل ثمة ما هو أكثر خيبة من أن يصبح “الشرع” رئيساً، لكنه “شرع” آخر غيره، وهو الذي باع رصيده وماضيه لعزمي بشارة بأبخس الأثمان؟!

في العام 2011 اختار “المنفذ” للسياسة الخارجية السورية العظيمة فاروق الشرع أن ينشر مذكرات طيبة عن عهد حافظ الأسد عند عزمي بشارة.. يومها لم تكن أواصر العلاقة مع بشار الأسد قد قطعت، فــ”المبادرة القطرية” بإخراج فاروق الشرع من سوريا لم يأت أوانها بعد (كانت مقترحاً بالتنسيق ين جواد ظريف وبوغدانوف وبمبادرة من حمد بن جاسم).. وما أعلن عنه لاحقاً من قبل بن جاسم جاء متأخراً بعد كشفت كل أوراق الشرع. حاول الشرع أن يصحح خطيئته فاختار جريدة “الأخبار” اللبنانية المقربة من إيران ليعلن موقفاً، لكن بعد فوات الأوان. والمسألة بطبيعة الحال لم تكن تتعلق بمنصب الرئيس، بل بمصير سوريا كله، وسيادتها التي صارت اليوم في جيب قطر وتركيا.
ما لم يقله الشرع في مذكراته عن بشار الأسد التي نشرت مقتطفات منها قبل أيام هو أنه عندما طرح القطريون اسمه بديلاً عن الرئيس الأسد لم يفاتحه الرئيس الذي يصفه اليوم بأن لديه “ميول سيكوباتية” في الأمر، ولم يعاتب صمته أو عدم رفضه، ولم يضيّق عليه في شيء، وبقي معززاً محفوظ الكرامة في دمشق.. من فعل يومها كان الراحل وليد المعلم، الذي رفض عرضاً بـ 100 مليون دولار من حمد بن جاسم، وقصراً فخماً في قطر. اتصل وليد المعلّم بالشرع يومها ناصحاً إياه برفض المقترح القطري المسموم من خلال موقف علني، فغضب فاروق الشرع وأغلق الهاتف شاتماً متوعداً، ثم راح يتشكى لدى الرئيس الأسد من تجاوز وزير الخارجية!
تقاعد الشرع مبكراً بعدما عرف حجم غبائه السياسي وهشاشة وطنيته الزائفة، وصار عمله بعد التقاعد كذاباً تحت الطلب، وكاتب مذكراتٍ مسمومة لقاء ما تلقى من قطر عبر عزمي بشارة.. أما اسمه ورصيده اللذان حفرا عميقاً في وجدان السوريين وهو يرفع صورة اسحق شامير في مؤتمر مدريد للسلام 1991 فلم يعد لهما ذلك الوهج وهو يستقبل في منزله الموظف الجديد لبيع سوريا في سوق شعبها إلى سرير الصهيونية.
علاقة الشرع بقطر لم تبدأ في 2011، فقد كان الشرع في حضن قطر منذ تحسن العلاقات بين سوريا وتركيا وقطر إبان الموقف السعودي. وفي العام 2007 صدر بيان سعودي هاجم الشرع بالاسم، وخصّه بأقذع التعابير بعدما دمر العلاقات السعودية السورية مبكراً، بسلوكه السياسي وتصريحاته المستفزة التي كان آخرها حين وصف الدور السعودي بأنه “شبه مشلول”.

فاروق الشرع.. ارأف بنفسك وأنت في ارذل العمر. ألا ترى اسحق شامير على مشارف دمشق؟

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق