

يحتفل الجولانيون بوصول فتوح الفاتح الى فرنسا .. و لايقدر أحد أن يرى فرحة تضاهي فرحتهم وهم يرون ان رئيسهم يستقبل في فرنسا وستتداعى دول اوروبا لاستقباله والتكبيرات تحيط به وتغني له أغاني العيد لأنه (نصر عبده وأعز جنده وهزم الاحزاب وحده) .. وطبعا السياسيون الغربيون وصناع السياسة الدهاة يعرفون ان هذا الاسلوب هو اثارة كبيرة للنار والانفعال .. فهم يعرفون ان جمهور الجولاني لايريد اكثر من الاعتراف ولكن الجولاني في الكواليس مثل سرحان عبد البصير عندما دخل شقته ووجد رجال المباحث .. ففي قصر الاليزيه وخلف الكواليس كان الجولاني يتعرض لعملية تصفية حسابات وتسديد ديون .. سددها كلها على داير مليم .. الغربيون لايهمهم ماذا يقول عنهم أصحاب حقوق الانسان ولا رافضو الارهاب .. وعرفنا هذا منذ زمن طويل وكان دليلنا على ذلك حرب العراق التي وقفت ضدها كل شعوب اوروبة وحتى شعب توني بلير وقف في أقوى مظاهرات في تاريخه يرفضها .. ولكن الدولة العميقة في دول اوروبا حسمت امرها وفعلت فعلتها ولم تكترث بالعالم ولا بالجمهور لأنها تعلم ان الجمهور ستغيره وسائل الاعلام وتوجهه الى قضايا مختلفة أثناء الانتخابات التي لن تحضر فيها قضايا تحرج فيها الساسة .. وفي حرب غزة لم يبق أحد اوروبي الا ورفض المحرقة في غزة ولكن الحكومات العميقة الاوروبية أصدرت تعليمات بتجاهل هذه الجماهير والشوارع .. ورأينا كيف ان الشوارع تغص بالمتظاهرين ولكن المطارات الاوروبية تغص بالطائرات التي تنقل الذخائر للاسرائيليين والقنابل وبسخاء لامثيل له .. وكنا من هذا السلوك نعلم ان اوروبة لايهمها اتجاه شعبها بل اتجاه مصالح الدولة العميقة ..وهذه هي معضلة الديمقراطية الغربية التي تطعم الشعب الشعارات ولكنها تفعل ماتشاء وفق مصالحها هي ..
ولذلك عندما هرولت وزيرة خارجية ألمانيا الى الجولاني كنا ندرك ان القرار الاوروبي الاميريكي هو اطلاق مرحلة اسلامية في سورية والمنطقة لتخدم مصالح الغرب .. وكان واضحا من طريقة صمت طائرات أميريكا واسرائيل وروسيا على تقدم أرتال الجولاني نحو دمشق أنها كانت تحميها في الحقيقة .. بل هناك تقارير ان بعض وحدات الجيش السوري هي التي تعرضت للقصف الجوي لفتح الطريق امام الجولاني .. فوصل الى دمشق وكأنه يسير من ادلب الى بنش على حمار ..
الاميريكيون والاوروبيون يصنعون السياسة ويصنعون المراحل وهم في فلسفتهم يرون دوما ان تغيير انظمة الحكم القوية بأنظمة ضعيفة يخدمهم لأن فلسفة صناعة العملاء أهم من سياسة التحالف مع الشعوب .. وهي نظرية طبقت في الخليج العربي حيث تمت صناعة العائلات الحاكمة من عائلات مهمشة ومحتقرة في المجتمعات الخليجية الا ان الدعم الغربي وضعها في الحكم لأنها عائلات لم تأت وفق سياق تطور تاريخي أو صراع طبقي او ايديولوجي أو لها تاريخ عريق في النضال .. وتقدم هذه العائلات كل شيء للدولة الراعية لها في الغرب مقابل ان تبقى في السلطة .. ولذلك نرى هذه العائلات الخليجية انها قدمت كل ثروات الخليج لاوروبة بسخاء وقامت بتمويل حروب اوروبة ونشاطها السياسي من مال العرب .. ورأينا كيف ان الانكليز يملكون دبي من بابها لمحرابها مثل سوبر ماركت وشركة بريطانية .. وان قطر والسعودية هما بيت مال اسرائيل والغرب .. وان كل الحروب الاسرائيلية على العرب تم تمويلها اعلاميا وعسكريا واقتصاديا من هاتين الدولتين .. وباقي دول الخليج هي شركات مساهمة لادور للشعب فيها .. ولادستور فيها .. وستبقى بلدانا تحلب الى ان تجف ضروعها .. ويتم التلاعب بها وبثقافتها ودينها وديموغرافيتها الى حد كبير .. بوجود عائلات تحكم بلا ضوابط .. وهذه العائلات نفسها تدار من اوروبة ..
نفس النظرية طبقت في فلسطين لبناء السلطة الفلسطينية .. وهي صنع سلطة لاوزن لها ولاقيمة نضالية وقد صارت لعبة اسرائيلية .. حتى شرطتها تقتل الفلسطينيين وتساعد الاسرائيليين على الاحتلال ومحاربة القوى الكفاحية الفلسطينية .. ولذلك لايهم الاوروبيين ان يسألوا كيف لمحمود عباس ان يبقى في الحكم بلا انتخابات منذ التسعينات ومدى شرعيته وديموقراطيته ولايسألون في قضية نزار بنات كما ينظرون في قضية مهسا أميني .. وهو لايقدم لفلسطين شيئا بل هو مبعوث اسرائيل الى مناسبات فلسطينية .. وبعد كل النضال الفلسطيني فقد الفلسسطينيون أرضهم كلها تحت اشراف السلطة الفلسطينية .. وحصلوا على جائزة اسمها محمود عباس الذي دمر القضية الفلسطينية أكثر مما دمرت اسرائيل منذ مؤتمر بال في سويسرا .. ودمر كل تحالف عالمي مع فلسطين ..
الوضع السوري هو نفسه .. فرش السجاد الأحمر للرئيس بشار الأسد واستقبلوه ومدحوا الرئيس الشاب الطموح المجدد ولما طلبوا منه ثمن الاعتراف برئاسته غادر المائدة ولم يأكل منها واعلن انه لايطلب الشرعية من اوروبة بل من شعب سورية .. فسحبوا الاعتراف والسجادة الحمراء وصار مجرما قاتلا يقتل شعبه ولايعرف حقوق الانسان ولا الديمقراطية .. فتخلصت القوى الغربية من الحكم الوطني وفرضت حكما اسلاميا ارهابيا .. وهي تريد للحكم الاسلامي ان يبقى فترة ريثما تفكك المجتمع السوري وتقوم بتحصيل الثروة السورية وتقاسمها .. والأهم ان أسلمة المجتمع ستكون حلا مذهلا لأوروبا التي ستشل المجتمع السوري بالأسلمة والسلفية والتدين واللااستقرار وتحويل البلاد خلال سنوات الى افغانستان .. وسيكون هذا الشكل الجديد للمجتمع جاذبا للاسلاميين لتقوم بعملية تغيير ديموغرافي واستقطاب للتطرف من كل اوروبة لزجّه في سورية في معارك ضد مابقي من أعداء للغرب في المنطقة .. ولخوض حروب دون كيشوتية بين المسلمين .. وبعد ذلك ستقوم بتصنيع أشكال مختلفة من الحكم يناسب المراحل القادمة ..
عندما نستعرض انجازات الجولاني ونقدمها لمناصريه المتحمسين من خسارة الجولان التي تعهد بنسيانها الى الابد وخسارة الجنوب كله وجبل الشيخ .. يقولون لايهم .. الفاتح يعرف ماذا يفعل !! .. ونقول لهم ان حلب صارت تركية وابتلعها الاتراك وهي غائبة عن الرادار السوري لأنها صارت في تركيا .. يقولون لايهم لأن الفاتح يكافئ تركيا التي ساعدتنا .. ونقول اننا فقدنا الجزيرة السورية الان وستنفصل وفق مشروع تقسيم يقولون لايهم لأن الفاتح يمهلهم وسيعيدهم الى دمشق لانه ذكي ويعرف ماذا يفعل .. وكل شيء تقوله لهم عن فقدان البلاد وتفكيك البلاد والمذابح والشيشان والايغور والتمييز العنصري الذي سيشق البلاد وسيعطي الغرب فرصة لفرض انتدابه لايكترثون بل يغضبون لأننا لانفهم الانجاز الاعظم في تاريخ الشرق .. المهم ان الرئيس السوري سني بلحية وزوجته محجبة .. وتفرش للحيته السجادة الحمراء وهذا أهم أنجاز .. والاوروبيون يعرفون عقدة النقص عند العربي والمسلم .. وعقدته هي اعترافهم به .. والذي تلخصه مراسم وسجادة .. وهنا أتذكر ماقاله أحد المفاوضين الاسرائيليين الذين فاوضوا فريق ياسر عرفات في اوسلو .. وكان الفريق الاسرائيلي يبحث في أدق تفاصيل الاتفاق نقطة نقطة والارض والمياه والطرق الالتفافية بينما فريق عرفات كان يركز على تفصيل مختلف تماما وهو ان يكون الرئيس معترفا به ويعامل كرئيس فلسطين ويستقبل استقبال الرؤساء للاعتراف بدولة فلسطين أمام العالم .. ويستقبل على سجادة حمراء ..
ولذلك كان الاسرائيلي يقدم طلباته ويقوم الفريق الفلسطيني بالموافقة الفورية بشكل جعل الاسرائيلي مندهشا .. وعرفت القيادة الاسرائيلية من وفدها أن الفلسطييين في اوسلو لايريدون في النهاية سوى ان يكون لهم (رئيس .. وسجادة حمراء) .. فأعطوهم رئيسا وسلطة فلسطينية وسجادة حمراء ليسير الرئيس الفلسطيني عليها .. والنتيجة ان كل دول العالم التي كانت تحارب ياسر عرفات وتصفه بالارهابي .. فرشت له السجاد الاحمر .. لان٨ اعطاهم فلسطين .. وكلهم صاروا ينادونه ب (سيدي الرئيس) كما فعلت هند قبوات وهي تخاطب الجولاني (سيدي الرئيسسسسسسسسسسس) لتقول للسوريين .. صار عندكم رئيس سني بلحية وزوجته محجبة ويسير على سجادة حمراء .. أما ماذا دفع السيد الرئيس ثمن هذا الوصول وثمن السجادة والاعتراف فانه لايهم السوريين ..
اليوم تستقبل اوروبة الرئيس الجولاني كما استقبلت عرفات وكما تستقبل محمود عباس .. مراسم واستقبال واعتراف .. وسجاد أحمر .. واغداق بالغفران على تاريخه .. وكرم في تفهم طيش الشباب .. ولكن الحقيقة هي أن ياسر عرفات تخلى عن 80% من فلسطين التاريخية لاسرائيل .. وترك البقية الباقية من فلسطين رهينة اتفاق اوسلو .. ولم يكترث بتفاصيله وتفاصيل الاستيطان الذي اخذ راحته وتمدد .. ثم جاء محمود عباس واهدى البقية الباقية لاسرائيل .. فاستحقا ان يكرما في الغرب وان يستقبلا وان يسيرا على السجاد الاحمر .. فهذا كان طموح من اقتنع بمشروع أوسلو .. ولسان حالهم يقول: اليوم صار عندنا رئيس وسجادة حمراء .. ولكن مقابل السجادة الحمراء راحت فلسطيمن.. وتبين ان ثمنها سجادة حمراء فقط .. بينما أخذت اسرائيل كل الارض وكل الزيتون والقدس والاقصى وكل شيء .. كل شيء ..
اليوم الجولاني هو نسخة طبق الاصل .. فهو في نظر اوروبة ارهابي سابق كما هو ياسر عرفات .. مع الاختلاف في ارهاب ياسر عرفات في النضال الفلسطيني وارهاب الجولاني الذي كان موجها ضد ابناء بلده والمسلمين .. ولكن كما دفع ياسر عرفات ثمن سجادته الحمراء وثمن الاعتراف به رئيسا لفلسطين (الضفة الغربية فقط) .. دفعها من أرض فلسطين .. فان الجولاني دفع ثمن الاعتراف به وبسجادته من استقلال سورية وأرضها ووحدتها .. لأن الاوربيين والاميريكيين سيأخذونه في دويخة معقدة لن تترك له فتاتا .. فهو بلا جيش ولاأسنان بل رجل بقيت له مليشيات ونصفها تديرها مخابرات غربية ستنقلب عليه ساعة تشاء اوروبة واميريكا واسرائيل .. وهو بلا شعب لأنه خسر العلويين والدروز والمسيحيين والاكراد ونصف السنة .. وستعامله على ان اوروبة هي التي صنعته وكان لقيطا ويتيما وجعلته رئيسا .. بسجادة حمراء سواء طويلة ام قصيرة .. المهم انها سجادة حمراء .. قبضت ثمنها من كامل سورية ..
ثمن سورية كلها التي بيعت كما بيعت فلسطين هو .. سجادة حمراء ولقب فارغ اسمه الرئيس الجديد .. والمهللون للرئيس الجولاني لاتسع فرحتهم الأرض من أنه يتم استقباله .. وينادى بالرئيس .. ويسير في مواكب .. لايهمهم ابدا ماذا دفع الرئيس في الكواليس .. ماذا بقي لهم من وطنهم وثرواتهم .. واستقلالهم .. وماذا بقي لهم من مستقبل .. ولايهمهم حقيقة ان بلدهم لم يعد ملكا لهم بل قبضوا ثمنه على داير مليم .. سجادة حمراء .. وسيد رئيس سني ..
هذا الجيل الفارغ التافه لن يفيق مهما حاولت .. سيأتي جيل يجد ماذا ترك له هذا الجيل .. سجادة حمراء .. ورئيس سني ولحية وسيدة اولى محجبة .. كما ترك زمن ياسر عرفات ومحمود عباس لفلسطين .. سلطة فلسطينية تعمل ضد شعب فلسطين وتخدم الاحتلال .. والشعوب العربية فيها سذاجة لأنها تهتم بالمظاهر جدا ولايهمها المضمون .. ولايهمها التفاصيل الدقيقة ..
ابتهجوا وافرحوا .. انكم انتقلتم من زمن (اليوم صار عندي بندقية) .. الى زمن اليوم (صارت عندي سجادة) .. سجادة صلاة أو سجادة حمراء ..
من زمن كانت عندي سورية .. الى زمن الان صار عندي رئيس سني .. وسجادة .. تكبيييير ..

