آراء الكتاب: الفزعة الأخيرة – مشهد سوري من قلب الصحراء – بقلم: النذير من الشرق

بعد اندلاع موجة التصعيد في محافظة السويداء جنوب سوريا، المتاخمة للحدود الأردنية والفلسطينية، شهدت المنطقة اشتباكات عنيفة غير مسبوقة بين مجموعات مسلحة تنتمي لعشائر البدو وسكان الحضر. وعلى الرغم من التداخل الجغرافي والاجتماعي العميق بين الطرفين منذ آلاف السنين، فإن حدة المواجهات هذه المرة كانت استثنائية من حيث العنف والضراوة الطائفية والقبلية. وقد رافق ذلك تصاعد أصوات تدعو إلى “الفزعة العشائرية” في أوساط قبائل البدو على امتداد الجغرافيا السورية، مما زاد من حدة التوتر.

وفي خضم هذه الأحداث، يظهر في الصورة مقاتل ذو ملامح صحراوية بارزة: رجل طويل القامة، أسمر البشرة، كثيف اللحية، يضع كوفية سوداء تدلّت على ظهره، مرتديًا زياً عسكريًا صحراويًا يوحي بأنه محارب متمرس. على ظهره حقيبة ممتلئة بالمؤن والذخيرة، ويتكئ على رشاش تتدلى منه مشط رصاص، بينما تتدلّى من خاصرته اليمنى سكين حربية برتقالية اللون. يبدو واثقًا وهو ينظر مباشرة إلى عدسة المصور، غير مبالٍ بكشف ملامحه للعالم، بينما يجري مكالمة هاتفية يبلغ فيها رفاقه بأن المنطقة قد تم تمشيطها بالكامل. أمامه بناء محترق بالكامل، وخلفه مجموعة من الرجال بلباس مدني يستقلون دراجات نارية، هوياتهم غير معروفة.

هذه المشاهد، التي قد تبدو للوهلة الأولى مأخوذة من فيلم سينمائي، تحمل في طياتها ملامح من نصوص ليبية، لكنها هذه المرة مرسومة على الأرض السورية. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستبقى سوريا على صفيح ساخن يتكرر فيه هذا المشهد الدموي، أم أن الأطراف المختلفة ستلجأ في النهاية إلى الحلول الدبلوماسية والسياسية التي تضمن توافقًا بين مكونات المجتمع السوري وتضع حدًا لهذا النزيف وتجلس على طاولة الحوار المستديرة.

بقلم النذير من الشرق

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق