حوار مع الرئيس حافظ الاسد في ذكرى حرب تشرين التحريرية .. التاريخ لايكتبه المنتصر .. بل يكتبه المستقبل !!! عن المسرحية النووية

في هذا الزمن الوقح والرديء وزمن الأكاذيب تصل ذكرى حرب تشرين ولكن اسرائيل قلبت نتائجها وتداعياتها وهاهي اليوم تقف على قمة جبل الشيخ وتلامس جسد دمشق العاري من اي سلاح .. او غطاء ..

في دمشق حكم صنعته اسرائيل .. وذاكرة تكتبها اليوم اقلام اسرائيل .. من يسكن القصر ليس الشعب السوري .. ومن يكتب المذكرات ويفصل كتب التاريخ والجغرافيا ليس الشعب السوري بل ممثلون يلعبون البلياردو والسلة ويقومون بعرض ازياء واللعب بدور الرئيس والحكومة والدولة .. لكن المهم ان من يوزع الادوار والثروات هو خبراء من عتاة الصهاينة والانغلوساكسون ألغوا كل شيء له علاقة بفكرة التحرر .. وبدؤوا بتوزيع ثقافة العبودية للعدو والاستسلام للقدر .. فألغي عيد الشهداء في 6 أيار ليس مجاملة فقط للشريك التركي في المؤامرة على السوريين بل لأنه ايضا سيقتلع اي ذكرى تذكر السوريين انهم قادرون على التمرد على اي سلطان واحتلال .. واليوم يستأصلون أهم ذكرى في العصر الحديث لحرب كانت اول حرب نقوم بها بارادتنا .. ونعبر فيها عن قدرتنا على رفع مستوى المواجهة مع الغرب الذي عاد ويريد اعادتنا الى حظيرة الاستعمار والاستحمار ..

في هذه المناسبة لن نلتقي الاسلاميين لأن حرب تشرين تدينهم وتحرجهم .. وهم لذلك يلجؤون الى طمسها بكذبة كبيرة جدا تفوح منها رائحة الخسة والنذالة ورائحة اليهود والاحبار والاسرائيليات .. لأن الصهيوني يريد منا ان نتنكر لكل شيء صنعناه .. ولايبقى من انجازات السوريين سوى انهم قرروا الاستسلام .. لانهم غير جديرين بالحرية ..

اليوم سنتحدث مع الرجل الذي قاد حرب تشرين على الجبهة السورية وسنسأله اسئلة كثيرة وهو يرى اليوم ماصرنا اليه .. عله يجيبنا على اسئلة المصير والمستقبل من زتوية معرفته بالتاريخ والزمن الذي تحرك فيه .

سيادة الرئيس نشكر لك حضورك الينا في اصعب لحظة وأصعب زمن .. ونحن هنا لنشكو اليك ماذ صار ببلدك الذي صنعت واحببت .. كيف ترى مايحدث سيدي الرئيس؟

الرئيس حافظ الاسد:

مايحدث اليوم هو جزء من صراع طويل مع الغرب والاستعمار .. هي جولة تحسب له لأن الغرب درسنا وصار يعرفنا وامضى وقتا ودفع مالا ليعرف كيف نفكر وكيف لانفكر .. ومتى نتحرك ومتى لانتحرك ..

سيادة الرئيس كيف تحس وانت ترى الساحة التي رفعت فيها علم سورية الحبيب في القنيطرة وفي نفس الساحة يحتفل الجنود الاسرائيليون باستعادتهم ليس للقنيطرة فقط بل بتمددهم واكتسابهم مساحة هائلة من الاراضي؟

الرئيس حافظ الاسد:

ياولدي هذا ديدن الصراع .. مرة تتقدم ومرة تتراجع .. الصراع لم يحسم بعد .. صلاج الدين خسر معركة الرملة ولكنه فاز بحطين .. والنبي خسر يوم أحد ولكنه دخل مكة .. وبونابرت وصل الى موسكو ولكن الحرب انتهت في باريس .. وطالما ان الصراع لم يحسم فكل التغيرات الجغرافية لامعنى لها .. بل هي تنشجات الجغرافيا مع التاريخ .. لانها ليست النتيجة النهائية للصراع . أنتم مهزومون اليوم ياأبنائي ليس لان الاسرائيلي صار أقوى بل لأنكم مشتتون وضعفاء وتلحقون بالوهم .. بعضكم نفذ صبره .. وبعضكم دخل تجارة الاوطان .. والاوطان مثل الله لاتباع ولاتشرى .. ومن يبيع وطنه يبيع الله .. ومن لايعرف قيمة الحرية لوطنه لايعرف صلاة ولاايمانا .. وأنا أعرف ان الاسرائيلي الذي كنا نلقنه الدروس تمكن من دخول القلعة بسبب ضعف وطنية من بعض أبنائها .. فباعوا المفاتيح والاقفال .. وأغواهم المال والشهرة .. بعضهم داخله الوهم وظن انه ينتصر اذا قتل وطنه وكره وطنه .. وبعضهم ظن ان ينتقم من شخص او عهد اذا قتل الوطن .. وبعضهم ظن انه هو نفسه الوطن .. ولذلك لم يكترث بموت الوطن ..

كنا ياولدي في زمننا نقدس الوطن .. ونعلمكم حبه منذ الولادة ومنذ ان تعلمتكم الكتابة على السبورة .. الى ان تخرجوا متعلمين من الجامعات .. ولكنم ياولدي في زمن يكتب لكم الاخرون .. ويعلمكم الاخرون .. ويوسوس لكم الآخرون .. ويهمس لكم الغرباء .. وينصحكم الكارهون والحاسدون .. فدفعتم ثمن هذا الاصغاء للغرباء والكارهين .. في الوطن ياولدي هناك صوت واحد يجب ان يعلمكم هو صوت التاريخ .. وأصوات أجدادك .. وليست أصوات من قتل أجدادك .. ونكل بهم .. ومن هنا دخل الخراب .. من آذانكم وعيونكم التي خانت .. ولو كان جيلنا هو من يواجه لفقأ عينيه على ان يرى الخونة يعلونه الوطنية .. ولقطع آذانه على ان يسمع الخونة وأصحاب المال يهدونه الى الصراط المستقيم.. ولقطع اعناق المآذن عندما تفتي بقطع الأعناق ..

ماجدث ياولدي هو تكرار للصراع الداخلي في سورية بيننا وبين سوريين يظنون انهم دوما على حق .. وانهم دوما مظلومون .. لأنهم يريدون السلطة ولايريدون الارض .. ومن يريد السلطة سيبقى يحس انه مظلوم .. ولن يفكر بالارض .. فالأرض لاتمنح السلطة بل تمنحك الشعور بالوجود ..

ربما تعني الاخوان المسلمين بكلامك سيدي الرئيس .. ماذا تعني سيادة الرئيس بانهم يريدون السلطة ولايريدون الارض؟

الرئيس حافظ الاسد:

مشكلتي مع الاخوان المسلمين لم تكن حول برنامجي الوطني في سورية.. بل كانت حول فقه السلطة .. فبرأيهم ان فكرة الوطن لاتتقدم على فكرة الحكم .. ولايهم ان كنت تحرر .. بل المهم ان تكون انت المقرر .. ولذلك تجدهم يقولون اليوم من يحرر يقرر .. وليس من يقرر يحرر ..

انت تعلم ياولدي اننا جميعا صنعنا حرب تشرين .. جميعنا في سورية متنا وحاربنا وقاتلنا بجسد واحد .. ولكن أليست مصادفة ان الاخوان المسلمين بعد نصرنا في تشرين وبالذات بعد ان اختلفنا مع انور السادات وزار القدس .. فجأة ارسلوا لنا رسالة بريدية قاسية جدا ودون ان نتحرش بهم ودون ان نسيء اليهم ودون ان نسألهم عن رايهم في الاحداث والسياسة .. رسالتهم القاسية كانت في مدرسة المدفعية في حلب .. فجأة اعدموا 300 طالب في مدرسة المدفعية في حلب .. الجيش الذي صنع نصر تشرين عاقبته اسرائيل بمجزرة المدفعية عبر الاخوان المسلمين .. قبل ان يتحدث أحد .. وقبل ان تحدث أحداث حماة وقبل ماقيل انها أحداث تدمر .. كانت هذه رسالة قاسية تقول ان الوطن لايعنينا .. وان تضحياتكم من أجل فلسطين لاتعنينا .. بل تعنينا السلطة .. كان همهم ان يصلوا الى السلطة ولا برنامج السلطة ..

سألناهم ماالذي تريدونه من الحكم ؟ وماذا ستفعلون بالحكم ان اعطيناكم الحكم؟ كان جوابهم نريد الحكم ولاشيء الا الحكم .. لم يذكروا فلسطين في اي حوار .. ولم يتحدثوا عن الجولان .. ولم يطرحوا في المفاوضات التي أرسلت اليهم فيها في ألمانيا وكانت بين صدر الدين البيانوني وبين علي دوبا مدير استخباراتي العسكرية .. يومها حاورهم علي دوبا .. وقال لي بعد عودته .. لم اسمع منهم شيئا عن الارض وفلسطين والجولان .. يريدون فقط ان تكون السلطة لهم ..

سيادة الرئيس.. يقولون ان الاسد باع الجولان .. ويتحدثون عن قصص عن أشخاص يملكون الاسرار وعن شيكات وأشياء كثيرة .. اغفر لي سيدي الرئيس أن بعضهم اليوم يقولون ان حرب تشرين مسرحية.. فكيف نرد عليهم سيدي الرئيس؟؟

ياولدي وماذا تتوقع من عملاء الاستعمار؟ أن يقولوا لك ان شبابنا الذين استشهدوا كانوا يقاتلون لأنهم أبطال؟ ومؤمنون بأرضهم؟ وماذا تتوقع من أشخاص لايقاتلون اسرائيل؟ ويذهبون للقاء ممثليها ومصافحتهم .. ؟ وماذا تتوقع من أشخاص يشطبون دم شهدائنا (السنة) في 6 ايار من أجل الاتراك .. ويشطبون تضحيات كل السوريين التي رفعت من مكانة بلدهم من أجل حقد على شخص او حزب .. هل يعقل ان تشطب أمة انتصارات شعبها انتقاما من ملك او زعيم ؟؟ هذا لم يحصل في التاريخ الا عندما تولاه الخونة وعملاء الاستعمار .. وماذا تتوقع من خونة لبلادهم يريدون تجريدها حتى من فكرة النصر وماذا تتوقع من أشخاص احدهم تعينه تركيا واحدهم تعينه قطر واحدهم يعيش على رواتب من المخابرات المركزية الامريكية؟

ياولدي لو ان هؤلاء أنصفوني لشككت في أنني كنت وطنيا .. وخير فعلوا انهم أعطوني براءتي منهم وبراءتهم مني .. فلايهين السيد في قومه الا أن يكرمه جنادبها .. وصعاليكها .. ولايكرمه الا ان ترجمه الحثالة والجهالة .. أنا حافظ الاسد .. ورجل مثلي تعود قلبه وظهره على النبال .. ولواكترثت بالنبال في قلبي وضهري لما صنعت لكم سورية التي كنتم تعتزون بها ..

ياولدي التاريخ لايكتبه المنتصر كما يقولون بل يكتبه المستقبل .. وحقيقة حرب تشرين كتبها ماوصل اليكم الان من مصير ومشاهد مذلة وليس مايثرثر به الاخوان المسلمون .. نحن بعثنا رجالنا الى جبل الشيخ .. ونحن حررنا القنيطرة .. ووصلنا طبرية .. ولذلك نحن لسنا في مذكرات الاخوان المسلمين ولايصفون مافعلناه الا على انه تمثيلية ومسرحية .. ببساطة لأنهم وجدوا ليكذبوا ويضللوا الشعوب والمسلمين .. نحن لاذكر لنا في مذكراتهم بل نحن موجودون في مذكرات زعماء اسرائيل .. كما هو صلاح الدين في مذكرات تاريخ اوروبة وهي التي حكت لنا عن مرحلته .. ولولا مذكرات الاوربيين عن حربهم مع صلاح الدين لما عرفنا الكثير عن تلك المرحلة .. انظر الى مذكرات غولدامائير وهي تعترف انها قررت الدفع بالخيار النووي .. هل يصدق احد ان مسرحية تدفع العالم الى حرب نووية؟؟ لاشك ان الاسرائيليين يضحكون الان من هذا العقل ويعرفون ان الحماقة التي تنتشر في أوساط السوريين اليوم هي التي تساعدهم .. بل اقرأ مذكرات موشي دايان واللحظات العصيبة وهو يقدم تقدير الموقف للاركان الاسرائيلية .. اقرأ عما كتبه الضباط الاسرائيليون عن انهيار موشي دايان في الاجتماع .. لأن الدبابات السورية وصلت الى طبرية .. وكانت خشية دايان ان الدبابات السورية ستنهمر من الهضبة نحو فلسطين .. وبينها وبين القدس رحلة ساعة او ساعتين .. اي ان نهاية اسرائيل كانت على بعد ساعتين .. يومها ياولدي اتخذ الاسرائيليون قرارا في كتبهم ومذكراتهم بعدم التحشيد في سيناء رغم ان مليون مقاتل مصري كانوا يعبرون القناة .. يومها قال الاسرائيليون ان نهايتنا ستصل من الشمال لأن سيناء الكبيرة الشاسعة لن يقدر الجيش المصري على عبورها والوصول الى القدس الا في ايام ..أما السوريون فهم على بعد ساعتين .. فالخطر السوري الوجودي هو ماحرك مفاتيح القنابل النووية الاسرائيلية .. بينهم وبيننا سباق مع الزمن .. بيننا وبينهم ساعتان .. ويومها تذكرون كيف وصل الجسر الجوي الامريكي .. وكيف أقنعوا السادات بالتوقف وتركنا وحدنا ..

ويضحك الرئيس الأسد ويضيف: تخيل هذه المزحة النووية .. هل يعقل انه من اجل مسرحية تحركت المفاتيح النووية؟؟؟ …

ياولدي اقرأ مذكرات سعد الدين الشاذلي الذي حكى عن زمننا العظيم .. وكيف أعددنا بمهارة للحرب .. وكيف أعطينا المصريين حرية التوقيت رغم ان توقيتهم كان يناسبهم ولايناسبنا لأن توقيت اطلاق المعركة كان عندما كنا نواجه أشعة الشمس في عيوننا وكان أفضل لنا ان نكون البادئين كيلا لانواجه أشعة الشمس التي تؤثر في التسديد والمراقبة ..

لاتقرأ مذكرات اي من الاخوان المسلمين .. لأنهم لن يذكروا لك شيئا عن اي حقيقة لأنهم يخشونها .. اذهب الى مذكرات الملك حسين الذي يقول بنفسه انه ذهب الى اسرائيل ليحذرها من أننا سنقوم بحرب؟ وبعد هذا يقول الاخوان المسلمون انها مسرحية .. ياولدي المستقبل هو من يكتب وسيكتب وسينصف زمني وعهدي وينصف الجيل الذي حارب معي بكل طوائفه ومكوناته .. أنا حبست اسرائيل في قفص منذ عام 73 .. ولم تخرج منه الا عندما فتح أقفال القفص الاخوان المسلمون .. ومن القفص خرجت اليكم اسرائيل وصرتم انتم في القفص ..

سايدة الرئيس هل ترى ماوصلنا اليه من عار؟ الاسرائيليون صاروا في دمشق وفي قصر الشعب ؟ والاتراك عادوا وعاد زمن الاحتلال .. فكيف نعود أحرارا؟

ياولدي لم يعد الاسرائيليون ولم يعد الاتراك بل قولوا انتم أعدتموهم وأنتم أدخلتموهم .. وانتم من فتح أسوار قلعتكم .. وبعضكم خان دينه ونبيه .. وبعضكم خان أباءه وأجداده .. هل يعقل ان يغض الناس الطرف عن الاسرائيلي الذي يحتل ارضه ومسجده ومقدساته ويذهب ليقتل أبناء بلده .. ياولدي هذا زمن مر مثله على بلاد الشام .. وأنا اعرف هذه الارض لأنني جئت منها ومن أصالتها .. ستنتهي هذه الموجة من الجهل والجنون .. وتذكر أن التاريخ يكتبه المستقبل وليس المنتصر ..

الاتراك زائلون وراحلون .. والاسرائيليون عابرون وراحلون .. وكل هذه الموجة عابرة وغيمة سوداء ستنقشع .. ولن يبقى الا أنتم .. فلاتتركوا أرضكم .. ولاتتخلوا عنها ..

ثقوا ببلدكم وثقوا بأنفسكم .. وثقوا أننا زرعنا الخير فيكم .. والوطنية فيكم .. وانكم نتاج هذه الارض التي ستنصركم .. وكل من خان هذه الارض ستقتله هذه الارض ولن تغفر له .. هذه أرض الشام ياولدي .. وأنا اعطيتها من قلبي .. وبادلتني الحب والعطاء .. اعطيتها حتى ذاب جسدي من التعب والارهاق ولم أندم .. وأعطتني كما أمي .. وخلدتني في ضمائر الاحرار .. حتى صرت طيفا في دمشق يسكن قاسيون الى اليوم .. وحتى جعلني أهل الشام أبا الهول الدمشقي الذي لايزول ولايزال ولا يمحى ..

لاتفقدوا الأمل ياولدي .. انهضوا وتابعوا المسيرة .. هذه ليست أرض بني عثمان .. وليست ارض العبرانيين .. هذه أرضنا .. وعرضنا .. ودمنا .. وكل شيء … كل شيء ….. كل شيء..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق