في لحظة فاصلة هل يذبح الامريكي الكبش ليصنع منه رفيق الحريري وصدام حسين لتفجير المنطقة دينيا؟

سلوك الدول وأنظمتها لايتغير طالما ان عقيدتها السياسية لاتتغير .. وطالما ان مشروعها ثابت .. والغرب ومنظوماته لم يعد خافيا على أحد ان سياسته تجاه العالم هي سياسة عنصرية فوقية استعلائية ولكنها تقوم أيضا على سياسة التفريق واذكاء الصراعات بين الشعوب المتخلفة .. لأن الغرب مؤمن بتفوقه الاخلاقي والتقني والعرقي ويرى ان الشعوب الأخرى تافهة ولاتستحق ان تعيش مثله لأنها أقل شانا منه .. وأقل معرفة .. ويجب ان تقتل بعضها لأن الانتحار الجماعي طريق للتسلط عليها واثبات أنها لاتستحق الحضارة .. ولذلك فان الغرب يرى ان شعوب منطقتنا لاتستحق الحرية .. هي ثرية ولكنها لاتستحق هذه الثروات لانها لاتقدر على استخراجها بسيب جهلها المعرفي والتقني .. وهي في منطقة استراتيجية وهي لاتستحقها .. وهي تنتمي الى ثقافة أخرة وهي ثقافة يجب أن تزول .. ولذلك اذا فهمت عقل الغرب نحونا فانك ستفهم لماذا هذا العنف في التأمر وقتل الناس في الحروب والثورات التي تنطلق من مختبرات الغرب .. وتستطيع ان تفهم آلية تنفيذ السياسة الغربية .. وهي تكرر نفسها .. لأنها تنطلق من فهمها لنا كشعوب عاطفية متدينة يشغل الدين عنصرا حيويا في تفكيرها وسلوكها ..

ولكن كما ان الغرب يفهمنا ويغوص في عقولنا ويدرس سلوكنا وردات فعلنا ويتوقع أفعالنا كشعوب فاننا نقدر ان نتوقع سلوكه وطريقته في ترجمة فهمه لسلوكنا السياسي … المتابعة الطويلة والهادئة لسلوك الغرب وخططه لتدمير الشرق تشير الى انه يتبع طريقة تسمين الخراف .. فهو رفع من المجاهدين ومن اسم بن لادن الى ان صار الاسلام خروفا سمينا نحره في أبراج نيويورك .. وصار بن لادن كبشا عظيما باع لحمه وصوفه وعظامه في العالم كله .. وكانت عملية التسمين مشروعا تجاريا عظيما دمر فيه العقل الاسلامي واستقرار العالم الاسلامي الذي صار يلد تنظيمات دينية لاحصر لها وكلها تنظيمات مدمرة للمجتمعات الاسلامية .. وهذه الطريقة في تسمين الخراف هي نفس سياسة الولايات المتحدة في المنطقة منذ عدة عقود .. وتقول متابعة هذه السياسة وتحليلها ان الولايات المتحدة عندما ترفع من شأن قيادي او سياسي في العالم الثالث فان علينا الحذر من هذه الحركة .. لأنها تقوم بتسمينه لأنه سيكون القربان الذي تضحي به قبل انطلاق حركة سياسية غير متوقعة .. هذا الرأي يظهر لدى مراجعة سلوك الاستخبارات الاوروبية والاميريكية في قربانين قدمتهما الولايات المتحدة على مذبح الشرق الاوسط وتسبب هذان القربانان في دمار الشرق الاوسط اجتماعيا وتفككه .. القربان الاول هو الرئيس صدام حسين .. والثاني هو رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري .. ومن هنا يمكن طرح اسم الجولاني كمرشح يتم تسمينه بسرعة قبل نحره لأنه صار الان مفيدا وهو ميت أكثر بكثير من فائدته وهو حي .. لن أخوض في تفاصيل هذه الورقة التي طرحت ولكنها تلخص الامر على انه مستنتج من مراقبة التفسخ والانشقاق الاجتماعي الشاقولي العميق … والعواصف التي لحقت الاغتيالين الكبيرين في العراق ولبنان .. وأعاصير الموت التي أعقبت مقتل الرجلين بطريقة دراماتكية .. صبت في مصلحة الغرب واسرائيل عموما لشكل عظيم ..

الرئيس صدام حسين ورغم انه صاحب مشروع وطني عراقي الا ان الاعلام الاميريكي هو الذي ضخ في عقول العرب انه المخلص والمنقذ والبطل والأمل والفارس والمهيب .. وقاهر الفرس وصاحب القادسية وصاحب المدفع العملاق والجيش الرابع .. ووو .. وقد تحول الرئيس صدام حسين الى أيقونة تم نحتها على انها أيقونة سنية يتآمر عليها الايرانيون والشيعة .. وصار الدفاع عن الرئيس صدام حسين في نظر العرب وخاصة السنة نوعا من الهوية .. ونوعا من التمترس خلف الهوية وخلف الدفاع الأعمى .. فرغم ان النخب العربية كانت تعترف وتعرف ان الرئيس صدام حسين أقدم على مغامرات عسكرية وأنه وقع في صدام مع جزء من شعبه بفعل مؤامرات كثيرة دبرها الأميريكيون الا ان عملية محاسبة الرئيس صدام حسين ومعاتبته وتأثيمه من قبل النخب العربية كانت يتم تأجيلها واحيانا يتم التغاضي عنها ومسامحته عليها .. طالما انه صار الوحيد الذي يمثل الامل الباقي للعرب في وجه الغرب ..

وعندما تمكنت أميريكا من اعتقاله .. كانت العقول الاستخباراتية قد قامت سلفا بهندسة الحرب الطائفية والحطب والبنزين واستعملت جسده في اطلاق شرارة الحرب الدينية .. فكانت الشرارة هي اعدام الرئيس صدام حسين عشية عيد الاضحى .. وتم اظهار الاعدام بتسريب تم تدبيره بعناية وهو محاط بأصوات تنادي نداءات طائفية .. البعض يظن انها مركبة ولاتنتمي للمشهد بل ركبت عليه فيما البعض يظن ان الاصوات حقيقية ولكنها لعملاء الموساد المستعربين الذين هم من نفذ حكم الاعدام لاشباع رغبة اسرائيلية قوية في التشفي من الشخص الذي كان يمثل مابقي من أمل عند بعض العرب .. والنتيجة هي ان هذا الخروف الذي تم تسمينه في فترات ماقبل سقوط بغداد بتصويره على انه أشجع رجال العرب وأصلبهم ..يقتل بيد الشيعة الذين جلبوا الغزاة .. وقتلوا الأمل الأخير المتمثل بصدام حسين .. ومن هناك ولدت داعش .. وفقد العراقيون في حربهم الدينية مليوني قتيل .. وخسروا .. العراق ..

والمثال الثاني هو في اغتيال الرئيس رفيق الحريري .. الذي أيضا تم تقديمه للجمهور اللبناني والسني على انه ممثل السنة اللبنانيين .. وأملهم .. وأبوهم .. وواليهم .. والرئيس الحنون .. والفخر السني .. وصاحب الانجازات والطفرة العقارية .. ولكنه لاحقا يتم أظهاره على انه يتم اذلاله بيد السوريين والرئيس بشار الاسد .. والضغط عليه .. وفجأة يتم نسفه .. وفي خلال دقائق كانت التهمة جاهزة .. فقد نسفه السوريون والمحور الشيعي في لبنان كما قالت أصوات زرعتها المخابرات الامريكية .. وطبعا تدور الطاحونة الدينية .. ويخرج الجيش السوري من لبنان .. وتنفرد اسرائيل بحزب الله من دون الجيش السوري .. ولكن التفكك في المجتمع اللبناني صار عميقا جدا منذ تلك اللحظة وصار دم الحريري فاصلا بين كل اللبنانيين وبين اللبنانيين والسوريين .. وانضمت هذه اللحظة من التفكك الى التفكك الذي قسم المنطقة باعدام صدام حسين .. ولاتزال تلك الدماء لضدام حسين والحريري تحاصر حزب الله وكل محور المقاومة .. من الناقورة الى طهران .. وتشكل عماد التحشيد ضده ..

اليوم يتم تسمين الجولاني بشكل سريع ومريب .. ويقول أصجاب هذه النظرية – وهي ورقة ملفتة للنظر – ان الجولاني تم تقديمه للسوريين والسنة على انه المحرر والمقرر .. والفاتح والشجاع .. وقاهر كسرى والعلويين .. والمنتقم الجبار .. والعائد من ساحات البطولة ليدمر ثلاث قوى رئيسية .. روسيا وايران والجيش السوري وحزب الله … وأنه مؤيد بنصر الله .. وهو عز الاسلام .. وعز السوريين .. وقاهر العلويين والدروز .. وبعد ذلك هو الذي يأتي بالغرب الى سورية ويأتي بالمشاريع والامل .. وتفتح له أبواب العالم .. ويصل في ومضة عين الى البيت الابيض ويعطر .. ويتم تصويره على انه فاتح أميريكا .. ويصير بطلا عالميا ورمزا للتغيير الشخصي والانقلاب على الذات وعلى الاقدار .. رغم انه أكثر شخص فاشل عسكريا وضعيف جدا في الاستراتيجيا ..

بعد كل هذا قد تدبر المخابرات الغربية اغتيالا له .. وقد يكون قتله على يد درزي او شيعي او علوي او كردي سببا في اطلاق الجنون والسعار .. بل انه قد يقتل على طريقة الحريري بحيث لايعرف الناس من قتل الجولاني .. ولكن سيكون من أسهل الاشياء نسب قتله الى الدروز والعلويين والشيعة بسبب مجازره ضدهم .. خاصة ان السنة صاروا يرفعون صور صدام حسين مع صور الجولاني .. وكأنه صار في نظرهم صنوا لصدام حسين المفقود .. ولذلك فان اميريكا تدفعه لاعلان انه انضم لها في الحرب على الارهاب وتغمز بطرف العين ان الارهاب المعني هو الحشد الشعبي الشيعي وحزب الله ..ثم داعش .. اي أن الحقيقة هي انه سيتصادم مع الحشد الشعبي وحزب الله … مما سيجعل عملية تصفيته المنسوبة للشيعة ممكنة التصديق .. وعندما تتفجر الحرب الدينية ستجد سنة تقتل شيعة وشيعة تقتل سنة .. وسنة تقتل علويين ودروز .. وهنا سيكون البديل الاستخباراتي جاهزا للحلول محله .. بعد ان صارت الكراهية المعمدة بالدم هي ماسيحكم الشرق الاوسط لمئة سنة .. ولاشك انها ستسفيد من هذا الجو الجنوني المسعور في نقل الحرب الى الحشد الشعبي وحزب الله في لبنان .. وسيأتي المهاجرون من جديد .. وسيتدفقون للجهاد .. الذي لوحظ نموذجه الهستيري وتم تجريبه في مذابح الساحل والسويداء حيث نفر مئات الالاف وهاجروا خلال ساعات للجهاد والثأر .. في منظر لايشبهه الا منظر الجنون الجماعي ..

لكن اهم مداخلة سمعتها بخصوص هذه الفرضية هي أنها ستصطدم مع نظرية انه عميل وجاسوس اسرائيلي التي صارت نظرية ترتقي بسرعة الى درجة عالية من الثقة بذلك .. فكيف تقتل اميريكا جاسوسا لها وجاسوسا لاسرائيل لن يعوض غيابه بسهولة وانتظرت اسرائيل عقودا لتحقيق حلم كوهين؟؟ ولكن الاستنتاج سيصل فورا الى تقدير أن اميريكا لن تقتل الجولاني جوهرة العمل الجاسوسي .. فالرجل وفق كل التحليلات الدقيقة مشبوه جدا وليست له أصول واضحة .. وستبقى نظرية انه جاسوس مكلف هي الأقرب الى المنطق السليم .. ولن يتم قتله بطريقة صدام حسين او رفيق الحريري .. ووفق هذا التقييم لايمكن ان تقتل الولايات المتحدة عميلها .. ولكنها قد تقوم بعملية اخفائه من المشهد وزعم انه قتل بتفجير او سقوط طائرة مدبر وتختفي معالم الجثة .. لأنه سيكون مفيدا جدا وهو ميت .. وتأخذه الى مكان آخر كما فعلت من بن لادن ومع البغدادي .. اللذيي لم تقدم لنا أي صورة لهما ولجثتيهما حتى هذا اليوم .. والذي جعل احتمال اخفائهما هو الحقيقة الاقرب للتصديق .. وقد يعيش الجولاني في جزيرة يتابع لعب البلياردو وكرة السلة دون ازعاج .. بعد انتهاء مهمته ..

وكيفما كان القرار فان اميريكا أدرى بشعوبنا وبلاهتها وعاطفتها واندفاعها .. وهي تعرف متى تطلق النار على العقل في هذا الشرق ومتى تضع فيه دماغ حمار .. والقطيع سيتحرك في الاتجاه الذي تريده اميريكا .. فلا أمل في القطيع ..

الى المقاومين .. لاتنتظروا نحر الأكباش .. فالراعي سينحر كل يوم كبشا ويطعمكم من لحوم بعضكم .. بل اجعلوا راعي الأكباش ينزف .. قتل الاكباش يفيد راعي الأكباش .. فهو سيبيعها حية وميته .. ولكن قتل الراعي .. سيشتت أغنامه ..

اقتلوا الراعي .. اما الأغنام فهي كفيلة بنفسها ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to في لحظة فاصلة هل يذبح الامريكي الكبش ليصنع منه رفيق الحريري وصدام حسين لتفجير المنطقة دينيا؟

  1. أفاتار Muhamad Fouwal Muhamad Fouwal كتب:

    شتتوا عقول الناس الذين أجمعوا في النهاية على قتل أنفسهم على نحوٍ ديني وسياسي جاهل

أضف تعليق