
عاجلا أو آجلا سيكتشف العرب والمسلمون وكل من في الشرق انهم صاروا رعايا دولة يهودية وأن اسلامهم اسرائيلي .. انها معادلة بسيطة .. فقد أخرجت اسرائيل نفسها من بين كل العرب كعدو .. ليس الأمر في التطبيع مع اسرائيل فهذه قضية لاتهمها بل المعادلة البسيطة هي في تطبيع العربي على فكرة ان عدوه هو العربي .. فهو لايحب اسرائيل ولكن اسرائيل ليست عدوه بل عدوه خارج اسرائيل .. وفجأة تحولت اسرائيل الى منقذ للجميع .. معادلة في منتهى الدهاء والخبث والعبقرية ..
السنة الذين دمروا بلدانهم كلها اقتنعوا ان اسرائيل وأذرعها في العالم تساعدهم في الاطاحة بالنظم القومية والجمهوريات وانها ستساعدهم على اقامة الخلافة الحلم .. وتمت ترجمة هذا الخروج السني من معادلة الصراع مع اسرائيل بموقف محمد مرسي ومراجعات الاخوان المسلمن المصريين وبيان عبود الزمر الذي اعتذر فيه عن قتل السادات واعتبره شهيدا .. وبذلك ألغى فتوى الجهاد ضد اسرائيل بشكل غير مباشر .. وامتنع عن الاشارة لاسرائيل والصهاينة منذ تلك اللحظة .. فقد انتهى العداء لاسرائيل ..
وفي سورية اقتنع الثوار المسلمون على ان عداوتهم للأسد لاتضاهيها عداوة وكانت الفكرة من المبالغة جدا في تصوير المظلومية السنية والمبالغة في تصوير الحرب على انها حرب الشيعة على السنة .. كانت غايتها هي ايصال المسلمين السنة الى انهم سيقبلون بأي ثمن من اجل الاطاحة بالأسد .. لذلك كلما جلست مع ثورجي مسلم سني عربي تجد انه يحمل حقدا مرضيا وقصصا خرافية لاأساس لها بسبب شدة المبالغات التي وصلت حد الاساطير .. ولايحمل في ذاكرته اي شيء عما فعلته جبهة النصرة من قتل للمسلمين .. وعميت عيناه عن مشاهد غزة بل وفقدت ذاكرته اي شيء متعلق باسرائيل .. اسرائيل تقصف جيش بلاده واسرائيل تساعده وتقدم له العلاج كان يظهر بشكل مقصود ليس فيه حرج .. لكن الغاية هي نقل الوعي الى مرحلة اننا غيرنا أعداءنا وغيرنا أصدقاءنا .. واعداء الامس هم أصدقاء اليوم .. ولذلك تجد هذا الصمم السني الشامل امام مايفعله نتنياهو في جبل الشيخ الذي اشتعلت عليه شموع الحانوكا ولم تشعل هذه الاهانة شمعة واحدة من الغضب في الشارع السوري .. بل ان أي شمعة كانت تظهر كان هناك مايكفي من التراب ليهال عليها .. تراب التهدئة وتراب الواقعية وتراب اللامبالاة وتراب النصر العظيم على (العلويين) وتراب انه ثمن مقبول امام ماحصلنا عليه ..
اليوم قام المخطط الاسرئايلي بالايعاز للجولاني بارتكاب المجازر في الساحل .. فتحول شعور العلويين من الوطنية والقومية الجارفة الى شعور الخيبة والنأي بالنفس .. يمكن القول انهم تم اخراجهم نفسيا من الصراع العربي الاسرائيلي .. فالعلوي في سورية الجديدة ليس مواطنا بقرار حكومي .. وهو قرار مقصود يراد به دفع العلويين لكي يكرهوا مجتمعهم ويكرهوا الانضمام لأي نشاط في دولة تعاملهم معاملة عنصرية .. ولذلك فانه لم يعد يرى انه عليه اي واجبات في الصراع مع اسرائيل طالما فقد حقوقه في سورية .. فكيف تريده ان يقاتل اسرائيل التي تسوق له بكثافة انه كما حمت الثوار فانها ستحميه ؟؟..
الدروز السوريون خرجوا من الصراع العربي الاسرائيلي بقرار اسرائيلي نفذه الجولاني عمدا ودون اي مبرر .. وقد اكتشفوا ان الوطن يذبحهم رغم انهم وقفوا مع ما تسمى الثورة .. فكافأتهم الثورة بالمجازر والابادة والتكفير .. وطبعا صارت اسرائيل هي الحامية لهم من وطنهم وابناء وطنهم ..
الأكراد خرجوا من الصراع العربي الاسرائيلي منذ زمن ولكنهم اليوم يرون ان اسرائيل هي من سيحمي طموحاتهم وهم لايبالون بأي تهديد لأنهم تحت مظلة اميريكا واسرائيل ..
كل هذه الكوارث بسبب الاسلاميين والاخوان المسلمين الذين صاروا مخترقين مثل الغربال بالاسرائيليين والمخابرات الدولية ..
والجميع الان بفضل الاسلام تحت مظلة اسرائيل التي تريد تقسيم البلاد وقد نجحت في تشتيت أهواء الناس وشقهم .. السنة العرب يرون ان اسرائيل ساعدتهم في الوصول الى الأرض الموعودة في قصر الشعب .. والاكراد يرون ان اسرائيل تحميهم .. والدروز السوريون يرون ان اسرائيل حمتهم وستحميهم .. والعلويون يرون ان اسرائيل قد تحميهم .. والمسيحيون اللبنانيون من تيار جعجع يرون ان اسرائيل ستحميهم .. واليوم الجميع يخاف من الجميع الا من اسرائيل .. التي صارت صديق الجميع فجأة .. وحليف الجميع .. وسيد الجميع .. فعندما يخاف الجميع من الجميع فان عدو الجميع سيصبح صديق الجميع ..
انا ألوم الكتلة السنية العربية في هذا المصير البشع للعرب والاسلام لأنها قبلت بحيلة الكذب والتضخيم وتبني قصص مزيفة مثل الكيماوي والمجازر .. والسجون .. وقبلت ان تفعل كل ذلك لتبرر الثورة وقبلت بذلك من أجل شهوة واحدة وحلم غريب هو السلطة .. ولكن السلطة الأن فارغة من كل قوتها .. السلطة الان بلا رافعة علوية ولا مسيحية ولا درزية ولاكردية .. وبقيت الطائفة السنية وحيدة ستتم محاصرتها لاحقا بقوى داخلية تعمل تحت أمر اسرائيل .. وتعيش كل حياتها مستنفرة ضد أوهام الخطر العلوي والدرزي والكردي .. ولن يسمح لها بالسيطرة على اي من هذا المثلث الذي تم وضع حجر الاساس له في يوم 8 -12 – 2024 ..
عندما ينتهي السنة العرب في وضع بلا قوة سينتهي الاسلام الشامي ويضمحل .. ولن يسمح لتركيا ان تتواصل معه .. وسيكون السنة السوريون أضعف خلق الله في الاقليم والعالم .. ولكن التوازن الذي سيفرضه الاسرائيليون واضح وهو ان القوى الثلاث غير السنية مجتمعة ستوازي القوة السنية .. ولنيسمح للقوة السنية ان تتجاوز بقوتها المجموعات الثلاث .. وسيكون عدد الدبابات في كل المنطقة محدودا وعدد المدافع محدودا تقرره تل ابيب في جميع انحاء البلاد لأنه اي عودة لوحدة سورية سيعني اجتماع السلاح بين هذه القوى .. ولذلك فان السلاح في جميع هذه القوى لايجب ان يتجاوز امكانية كتيبة اسرائيلية .. اما الكلاشينكوف فسيكون مباحا لأنه سلاح الحروب الأهلية والمذابح وسلاح العصابات .. وفيما ستنفرد اسرائيل بكل انواع التكنولوجيا العسكرية والجوية والالكترونية .. وستكون هذه الدويلات الضعيفة مسوخا كاريكاتيرية مضحكة .. والمسخ الأكبر سيكون الدويلة السنية التي ستشبه فيلا من ورق ..
السنة فقدوا دورهم في الشرق الأوسط .. وسيكون دورهم فقط هو في الحفاظ على أنفسهم فقط وتقديم فروض الطاعة والولاء لاسرائيل حفاظا على الوهم الذي يعيشونه الان وهو أنهم مهددون بعودة (الأقليات) .. وهو مارأيناه في مشهد مهين جدا للجولاني وهو يتعطر في البيت الابيض مثل أي صبي او عامل في البيت الابيض .. حيث انهى الجولاني قضية الجولان والقدس وفلسطين والاقصى ببخة عطر .. وسيعيش السنة منذ اليوم قلقا لانهاية له من أن ينفلت عليهم أعداءهم الجدد فيما اسرائيل هي من يضبط ايقاع اللعبة .. ومن لايستجيب من السنة لهذا القلق سيتم قتله بكل بساطة فالدرونات ستتكفل بتصفية كل شخص يفكر ان يعترض ..
رحم الله السنة الشامية التي بدأت تنحسر بسرعة وتبتلعها كتب ابن تيمية ..وقبولها بالتنازل عن الجولان هو قبولها الصريح والواضح بالتنازل عن فلسطين .. والقدس .. والمسجد الاقصى .. وهذا مالم يقدم عليه زمن البعث .. ولا زمن الاسدين .. لأن السلام مع اسرائيل كان في عقل الاسد تنازلا عن فلسطين والقدس .. وهولذلك كان يعرف كيف يناور ويفاوض وينتظر رافضا للسلام بحجة الجولان .. فالجولان يعني رشوة لقبول بيع فلسطين والقدس والاقصى .. والتي باعها كلها بالجملة الجولاني والجهاديون االسلاميون والاخوان المسلمون .. فالعنوان هو التنازل عن الجولان .. ولكن الحقيقة هي اسقاط الحق في فلسطين والتنازل عن القدس .. والاقصى بتوقيع المسلمين السنة جميعا .. شاء من شاء وأبى من أبى ..