هل: وان لله جنودا من طقس؟؟!! وهل الطقس جنرال اسرائيلي؟ الذئب و دم رئيسي

من حقنا وحق اعدائنا أن نسأل السؤال البدهي ان كان سقوط مروحية الرئيس الايراني الراحل ابراهيم رئيسي مدبرا وبيد اسرائيلية التي لها ثارات قديمة وحديثة وأخرها الضربة الايرانية الاخيرة على كيان نتنياهو .. وبمجرد تداول الاخبار عن اختفاء طائرة الرئيس رئيسي وصلتني عشرات الرسائل التي تشير بالاتهام المباشر لاسرائيل .. وبعض الرسائل كانت تشبه اليقين او هي اليقين ان يد نتنياهو عبثت بالطائرة الايرانية الرئاسية .. او حتى انها لعبت بالطقس .. او عبثت بالأقدار والأقمار .. وكنت أحس ان بعض الرسائل تريد ان تظهر نتنياهو يبتسم ثم يضحك عندما يتلقى الخبر ليقول قولة معاوية بن أبي سفيان عندما تلقى خبر وفاة الامام الحسن بن علي مسموما بالعسل اذ قال وهو يضحك (وان لله جنودا من عسل) .. وظهر نتنياهو في المشهد السريالي وكأنه يضحك ويقول بعد تلقي خبر سقوط مروحية الرئيس الايراني .. (وان لاسرائيل جنودا من طقس) ..
هذا التبني لنظرية الاغتيال لايبدو بعيدا عن المنطق .. لاعتبارات كثيرة وأهمها ان ايران تخوض مواجهة شرسة مع الغرب .. وعندها مشروع طموح جدا لتحدي الغرب واعادة تشكيل العالم بالتعاون مع روسيا والصين .. وايران تخوض اشتباكا شبه مباشر مع المشروع الصهيوني وتقف مثل العظمة في حلق اسرائيل والغرب في الشرق الاوسط .. وتحس اسرائيل انها أهينت في كرامتها وهيبتها وكبريائها وغرورها في طوفان الاقصى الذي تعتبره ذراعا ايرانيا في غزة ضربها بعنف .. وزادت اهانتها بالضربة الانتقامية التي قامت بها ايران في 14 أيار .. والتي أحرجت الاسرائيليين والاميريكيين أمام الدنيا .. وتوعد الاسرائيليون انهم سيردون على هذا التحدي ..
وفوق كل هذا فان تقارب الحادث زمنيا مع توقيت الضربة الايرانية زاد من الشكوك بحيث لايقدر المراقب ان يفصل بين الحادثين لقربهما زمنيا بفاصل 5 أسابيع فقط ..
واذا لاحظنا ان الحادثة وقعت بالقرب من الحدود الأذربيجانية فاننا ننتبه الى أن اذربيجان حليف قوي جدا لاميريكا وأسرائيل وهناك تواجد قوي لقواعد استخباراتة وتجسسية لاسرائيل في تلك الدولة ..
كل هذا يجعلنا نميل للاعتقاد ان الحادث ليس صدفة وخاصة قربه زمنيا من الضربة الايرانية الاخيرة لاسرائيل التي تعرف بأنها تحرص على ان تثأر لهيبتها لأنها حريصة جدا على الاحتفاظ بهيبة الردع وسمعة الأزعر الشرير الذي لايفكر في العواقب ..


ولكن هناك حقائق لاتستجيب بسهولة لهذه الفرضية والاستنتاج لايجب أن تغفل .. ومنها أن الطقس كان في الحقيقة سيئا للغاية ورأيناه بأعيننا .. ورأينا الضباب والثلوج والعواصف .. ولم يكن تقريرا من تقارير شهود الزور الذين عرفناهم في العقدين الاخيرين وكانوا يقولون ان 99% من الشعب السوري خرج الى الساحات .. ويسلطون الكاميرا على منطقة ضيقة مزدحمة بالرؤوس .. وبعضهم يقسم ان الرئيس الاسد كان بنفسه يطلق النار على المتظاهرين السلميين ..
وهناك حقيقة أهم وهي ان العقيدة والذهنية العسكرية الاسرائيلية لاتؤمن كثيرا بالأهداف الديبلوماسية بقدر ماتؤمن بالاهداف العسكرية .. التي تعتبرها ذات قيمة استراتيجية مثل شخصية قاسم سليماني او قائد الحرس الثوري او قائد سلاح الصواريخ او رئيس البرنامج النووي .. وهي تعلم ان المناصب الديبلوماسية والرئاسية رمزية ومعنوية فقط وأنها لاتغير كثيرا في طبيعة اي معركة اذا كانت المؤسسة الرئيسية للمواجهة هي مؤسسة الجيش والأمن .. لأن ملء الفراغ السياسي والديبلوماسي في بلدان مبنية على الهرمية والمؤسساتية كأيران ليس مشكلة كبيرة مثل ملء المراكز الامنية والعسكرية الاستراتيجية .. وهي تفهم لعبة الشطرنج حيث الملك لايقدر ان يغير في المعركة بل الأفيال والأحصنة والقلاع .. وفي الشطرنج تدور المعركة من أجل الملك وتنتهي بسقوط الملك .. ولكنه في الحقيقة وعلى أرض الواقع فان سقوط الجنرالات أخطر من سقوط الملوك .. لأن سقوط الملوك والرؤساء لايكون ذا معنى الا في البلدان التي تعتمد على الفرد أو في حالة ان البلاد في حالة حرب مع خصم ويكون سقوط الرمز او الرئيس أثناء الحرب سببا في تغير جذري في أداء المؤسسة العسكرية .. أما في حالة السلم فان الدول التي فيها خط عام مصان بالدستور فان غياب الرئيس لايفيد العدو .. بل غياب الجنرالات الكبار .. مثل غياب الجنرال قاسم سليماني الذي هز قوة القدس بكاملها ..


في ايران لايفيد كثيرا تغيير الرئيس او تغييبه .. لأن ايران ليست مصر .. رئيسي ليس جمال عبد الناصر الذي ارتبط به كل شيء في الدولة الحديثة وكانت مؤسساتها فتية .. وفي تجربتها مع مصر فان اسرائيل تخلصت من عبد الناصر لأنها كانت قد حضرت البديل الذي اتفق معه الاميريكيون على مشروع السلام وكان تعيين السادات نائبا لعبد الناصر استراتيجيا في لحظة محيرة وتوقيت غريب الذي تلاه غياب ناصر المفاجئ بعد أشهر على هذا التعيين وكأنه كان ينتظر هذا التعييين ليبدأ عصر كامب ديفيد منذ لحظة تعيين السادات نائبا لعبد الناصر .. السادات الذي عملت معه كل اجهزة الاستخبارات العربية والامريكية للاطاحة بكل الجنرالات الذين كان لهم الوزن الكبير في صناعة مرحلة عبد الناصر ..
في ايران .. الوضع معقد .. لأن نظام الانتخابات الرئاسية الايرانية سيطلق شخصيات لايعرفها أحد ولايعرف أحد من منها سيفور وبالتالي فان (السادات الايراني) لايمكن اعداده بنفس الطريقة المصرية خاصة ان هناك شخصية القائد والمرشد الخامنئي التي تضبط ايقاع السياسة الدولية ..


وفي أمر مهم أخر فان اسرائيل الان وقبل ان تنتهي معركة غزة عليها أن تضع في اعتباراتها ان هناك احتمالا لكشف تورطها في عملية الاغتيال اذا كانت تفكر بالقيام بها . خاصة أنها الان دخلت مع ايران حال المواجهة المباشرة .. وعرفت ان لدى ايران القدرة والجرأة على ان تنفذ عملا انتقاما بلا حدود في قلب مدنها اذا تبين ان اسرائيل هي التي ارتبكت عملية الاغتيال .. وهي ستفكر ملايين المرات بهذه العملية وعواقبها وستفضل تجنبها في هذا الطرف الصعب جدا على اسرائيل الذي قد يفتح عليها ابواب الجحيم وتكون مواجهة انتحارية بينهم وبين الايرانيين .. وقد تبين سابقا ان دونالد ترامب طلب من الاسرائيليين المشاركة في عملية اغتيال سليماني لأنه هدف امريكي قبل ان يكون اسرائيليا .. وبعد ان وافق الاسرائيليون وبدؤوا العمل المشترك قرروا انهم لايريدون الدخول في هذه المغامرة التي قد يدفعون ثمنها وترددوا بسبب فكرة ان ايران قد تصاب بالجنون وتنتقم بلا حساب .. فقرر ترامب ان يتابع العمل دونهم عندما بدؤوا يظهرون التردد والخوف والهلع من عواقب ذلك الاغتيال عليهم .. وبهذه الحسابات فان الاسرائيليين لن يفكروا بعملية بهذا الحجم ..


ولكن هناك حقيقة أكثر مرارة وهي أن الموساد ليس بهذه الاسطورة والعبقرية .. بدليل ان طوفان الاقصى تم تحت عيونه وانفه .. وكانت حتى الطيور في سماء غزة أحست بالعملية ورصدتها قبل تنفيذها .. ولم يحس بها الموساد .. فالموساد أسطورة صنعها العرب والدعاية .. لذلك فان اسرائيل التي تتباهى دوما بقوة الموساد وتصنع له هيبة وسمعة وتحرص على ان تنسب للموساد أعمالا رائعة في التخطيط والتنفيذ .. تعرف ان حقيقة الموساد تشبه اسرائيل نفسها .. وهي كما أن اسرائيل فرع استعماري ومدير تنفيذي للغرب في المنطقة لاتفعل الا ماتحصل على موافقة مسبقة عليه من قبل الحاضنة الغربية والراعية لاسرائيل التي تغطي لها اليوم المجازر .. وهي تتمادي بموافقة غربية علنية .. ومثلها فان الموساد فرع من فروع المخابرات البريطانية والاميركية .. وهو ذراع لها فقط .. وليس ذراعا مستقلا .. بل يعمل تحت اشراف هذه الدول الكبرى ويتلقى منها كل المعلومات التي يريدها ليسهل تنفيذ العمليات الكبرى لتبدو وكأنها بيد اسرائيل وبذلك تتخلص الدول الكبرى من حرجها أمام الديبلوماسيات الاخرى لأن الاعمال القذرة يفضل أن تنفذ بقفازات الموساد وليس بقفازاتها هي .. وتتخلص بذلك أمام ماتدعيه “مسؤولياتها الديمقراطية” أمام شعوبها بحيث انها لاتمارس اعمالا قذرة .. وتلقي باللائمة على الموساد وتنسب مايحدث من أعمال قذرة للموساد .. بل ولتثبيت براءتها من المشاركة في العمليات تكيل له المديح والثناء وتبدي الاعجاب الشديد به .. وتقول انه جهاز رهيب وفعال ولايرحم وهو ذو قدرات خارقة .. لكن الحقيقة ان الموساد ذراع استخباري غربي خالص .. ففي مقر الموساد تصب كل عمليات الاستخبارات الغربية وتعمل في خدمته كل الموارد العربية العميلة الاستخباراتية ..وكل المعلومات والتقنيات الغربية الامريكية .. ووهو يستفيد جدا من هذا الوضع وينفذ مايطلب منه في الدوائر الغربية ويترك له هامش فقط في عمليات ملاحقة الفلسطينيين كعدو مباشر .. حيث يتلقى كل التحليلات والتقنيات والتنصت والاقمار الصناعية .. وينفرد بالمقاومين الفلسطينيين .. ولكنه في نشاطه الخارجي ينصاع للمؤسسة الاستخبارية الام في السي اي ايه والمخابرات البريطانية .. التي لاتسمح للاسرائيليين بتهديد مصالحها وعملائها .. ولايجرؤ الموساد على عمل بهذا الحجم الا بموافقة وغطاء اميريكي ..


لذلك فان القول ان اسرائيل متورطة وحدها في عملية الاغتيال بعيد عن الواقع جدا .. وهي أجبن من أن تفعل ذلك .. ولكن اذا كان هناك من متورط فهو الاستخبارات الامريكية التي ترى في ايران عدوتها اللدودة وغريمتها .. ورأس الافعى المقاومة .. وترى فيها جناحا لروسيا والصين .. وترى ان ايران عقبة كأداء في وجه المشروع الامريكي .. وهي ستعاقبها بقتل رموزها ورئيسها وجنرالاتها ..
ولكن هل من صدفة .. في أن هذا الحادث قد وقع فعلا بسبب ظروف جوية سيئة .. ولو لم تكن هناك ضربة ايرانية على اسرائيل .. ووقع الحادث هل كان هناك من سيقول ان لاسرائيل يدا في الامر ام انه الطقس وسوء الطالع فقط؟؟
من مصلحة ايران ان تكون في منتهى الشفافية اليوم .. رغم ان مصلحتها ستكون في أن تقول ان العمل مدبر من قبل اميريكا فهذا سيجمع ويوحد الشعب أكثر ويبرر تركيزها على انتاج القنبلة النووية وجعلها مطلبا جماهيريا ايرانيا ..
اذا تبين لايران ان العمل مدبر فلن نعرف الحقيقة اليوم .. فربما نستنتجها بشكل راجع بعد فترة اذا وقعت حادثة كبيرة .. فهناك من يقول ان حادثة لوكربي ماهي الا انتقام ايراني من اسقاط اميريكا طائرة مدنية ايرانية في الخليج العربي في الثمانينات ردت عليها ايران في لوكربي بعد 6 أشهر … واعتبر الامر انه طائرة بطائرة .. ولكن القضية تم السكوت عنها أميريكيا لاستخدامها في ملف ضد ليبيا .. ولذلك فان تغييب شخصية سياسية قد تكون هي النظير للسيد رئيسي .. نتنياهو نفسه قد يكون هو الحل التسووي بين ايران واميريكا .. رئيس برئيس وزراء .. ضربة توجع اميريكا دون ان تحرجها .. وتوجد لها مخرجا من حرج معركة غزة ..


وحتى تلك اللحظة فانني أميل الى ترجيح فكرة ان الصدفة وحدها هي التي قربت حادثة سقوط المروحية من ليلة الدرونات والصواريخ الايرانية التي زارت اسرائيل بطريقة زوار الفجر البغيضة .. وأن الطقس لم يكن جنرالا اسرائيليا بل قدر وصدفة عمياء .. وليس لاسرائيل علاقة به .. وأن اسرائيل لاتملك الشجاعة ولا القرار ولا التقنيات الكافية لتنفيذ هذه العملية .. وأن الذئب ربما بريء من دم يوسف .. ولكن اذا كان من فاعل فانها أميريكا .. واذا أمسكت ايران أي خيط يوصلها الى هذا الاستنتاج واليقين فانها ستجعل القنبلة النووية هدفا لها بلا نقاش .. وستبحث عن معادلة طائرة بطائرة .. وجنرال بجنرال .. أو رئيس برئيس .. او برئيس وزراء اسرائيلي ..

=========================================================

سؤال عرضي زج بنفسه رغما عني .. وحشر نفسه وزج بكامل ثقله وهو يوجه نفسه لجماعة المسرحيات وعشاق التمثيليات : هل غياب الرئيس الايراني مسرحية متفق عليها بين الاميريكيين والايرانيين والاسرائيليين؟ واذا تبين انه غياب مدبر بفعل فاعل فهل هو دليل على ان ايران تتفق مع الاميريكيين على العرب تحت الطاولة وانها تتقاسم معها المصالح؟؟ طبعا عشاق المسارح والدراما سيجدون حلا لهذه الحبكة الصعبة .. ويخترعون مالايخطر على بال بشر من .. سخافات وأساطير..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق