قلت أن خياري “حتى الآن” هو الوقوف بانتظام في الصف خلف وزير الزراعة وتنفيذ مايُطلب مني بانتظار قراراته وتوجيهاته النافذة حول “الحرامية” و”الإنتاج: أكل الفقراء”…
طيلة سنوات المداهمة في الحرس وأشهر تعلمي في كلية المشاة تعلمت عدة أساليب قتالية سأذكر ثلاثة منها:
1- أسلوب بطل وشهيد معركة الجدار الأخير في كلية المشاة في حلب قبل انسحاب القوات إلى سجن حلب المركزي ودخول الحصار الثلاثة عشر شهراً قائد فصيلتي الشهيد المقدم نزار ابراهيم:
كنا نجري معه ثلاثة كيلو متر كل فجر وكان فيه ميزة “فتح السرعة” الجنوني في آخر مائة أو مائتي متر بسبب بنيته العضلية القوية فقد كان لايتفوق عليه في مدرسة المشاة سوى الضابطين معاوية وكميت…
نزار لم يقل في حياته لأي منا: “التزم بالصف” بالعكس كان يقول:
اللي فيه يسبقني مابزعل ويجرب وعمرك لاتمنع حالك تسبقني وصراحة كنا نصل معه حوالي العشرين او ثلاثين من أصل 317 طالب ضابط معظمهم كلية تربية رياضية ولطالما هزمنا بآخر 50 متر…
المقدم نزار (الملازم أول وقتها) قام برفع مسافة السباق لستة كيلومتر ومن ثم رفعه:
لتسعة كيلو متر!!! وقال:

اللي مافيه يكمل بعد أول6 كم غير ملزم بذلك وفي أحد سباقات التسعة كيلو صمدت معه مع عشرة فقط حتى آخر ثلاثمائة متر وهنا أحسست بقوة في جسدي… قوة لايدركها إلا من “يركض”
أنا أكره كل من لايحب الركض… لأن الركض: مدى… الركض: طموح… وتحطيم قيد لاتراه بعينك لكن حين تركض: تحس أن قيداً ما يتحطم…
فتحت سرعة بشكل مبكر وصنعت فارق خمسين متر بعد تسعة كيلو ركض وضد الملازم أول وقتها نزار…. وكان يصرخ من قلبه:
برافو برافو… بس بكرت… وبالفعل في آخر 100 متر استخدم نزار بنيته العضلية واحدث فرق سبعين متر ضدي بلا رحمة ووصل معه خمسة سبقوني من كلية التربية الرياضية ودكتور كان يدرس في الصين “العمى شو كان سريع”
قال لي المقدم نزار وهو يلهث:
بكرا فيه أسلوب جديد رح علمكم ياه وهو:
“العودة للخلف ودفش الصديق”!!!!
وطيلة ايام كنا نعود للخلف وندفش المتأخرين في السباق…. نعود عدة مرات…. وكان الأمر صعباً لكن الإحساس لذيذاً…
في النهاية قال المقدم نزار: الشيء الأخير الذي سأعلمكم إياه بالركض هو العود للخلف ودفش الصديق أثناء السباق الامتحاني!!! وهنا كان يختبئ النبل كله: أن تتخلى عن نتيجتك لكي يحرز غيرك نتيجة جيدة!!! وهذا الأسلوب بالضبط طبقته أثناء معارك المداهمة وحاولت إبراز بطولات عناصر عاديين ودفعتهم إلى البطولة لكن في الحقيقة:
كان الشهيد نزار هو الذي يدفعهم من خلالي… من خلال ماعلمني إياه وهو في حلب يدافع عن كلية المشاة في 2012 ويقود رجاله وانا أقود مجموعتي في غوطة دمشق الشرقية ووقتها بالضبط:
استشهد المقدم نزار ابراهيم في خندقه في حلب وهو يدافع عن “الركض”:
ركض أبنائه الطلاب الضباط باتجاه سجن حلب المركزي…. قلت لكم:
لو أراد نزار الركض…. لسبق الجميع وحتى الرصاص لن يلحقه وكان سينجو لكنه:
نفذ ماعلمنا إياه وعاد للخلف ليدفش البعض وخسر نتيجته في النجاة بحياته التي كان يستطيع تحقيقها تماماً كما كنا نخسر سباقات الضاحية لندفع زملاءنا المتأخرين كما علمنا… شيء اخير اظن نزار خسره:
نزار كان ضابطاً فقيراً نصحناه بسبب عمرنا المتقارب أن يقيم في مدرسة المشاة وألا يستأجر في حلب كي يدخر بعض المال ليتزوج: أعتقده ضحى حتى بطموحه الأسري…
2- أسلوب الرائد الشهيد “اغتيالاً” في حلب البطل علي حبيب أحد أفضل ضباط سوريا في النظام المنضم والضابط المثالي رقم /1/ في مدرسة المشاة في “المنضم” ولديه تكريمات على مستوى الجيش وتعلمون أن كل طالب ضابط لديه قصة كره مع النظام المنضم….
الرائد علي “النقيب وقت خدمتي” كان عيبه الوحيد هو البطء في الجري… ضابط رائع أخلاقياً بطل وشكل جسده رائع في النظام المنضم وحركات تتفوق حتى على الجيش الكوري الشمالي لكنه:
بطيء في الجري…
حاول بعض طلاب التربية الرياضية تجاوزه في السباق بسبب بطئه فصرخ فيهم:
التزموا بالصف!!!… ومرة أكلت بهدلة منه فقط لأني لم أطق بطأه وتجاوزته بمترين فقط… ووصل ألأمر:
أن طلاب التربية الرياضية اللي عم يخدمو الزامي ماكانوا يكفو السباق وكانوا يمشو مشي!!! وفعلت مثلهم لكن:
في مرات لاحقة حاولت الاستمتاع بالبطء…
مرة… اثنان… ثلاثة… فشلت بالاستمتاع بالبطء لكن حدث شيء غريب:
أني تعلمت “الالتزام بالصف”…. وربما أحببته بطريقة ما… لكني:
استمريت بكره البطء والعرق الذي يملأ جسدك وانت تركض ببطء:
مقزز…
بعكس العرق الذي يغمر جسدك وأنت تركض بسرعة فهو:
عرق لو حللناه مخبرياً فسنجد فيه الكثير من “الإباء”
3- اسلوب “المواجهة” وهو أسلوب درة مقاتلي الحرس الجمهوري واحد اشهر مدربي الصاعقة في الشيباني والذي يعرف باسم “نوح: الملك نوح”:
المعلم نوح أطلق الرصاص على جسدي من مسافة قريبة في 2012 عشرات ألمتار فقط وكان الأمر مزحة:
فبعد يوم إرهاق تدريب أساليب قتالية في حقل رمي قريب جلست وصديقي صابط في الجهة المقابلة لجلوس نوح مع باقي الشباب الضباط وهنا:
أطلق نوح علينا الرصاص من مسافة عرض حقل الرمي الصغير وتساقط الرصاص واحدة أو اثنتين أو ثلاثة لا أذكر على بعد متر أو اقل مني وانتبهت لصديقي الضابط الجالس معي يهرب من جواري فصرخ المدرب نوح:
برافو دكتور…. بطل… كون صديقي هرب وبقيت أنا جالس ونظر لبعض لأصدقائي الضباط وقال:
هيك البطل!!!
فصرخت من الجهة المقابلة: والله لابطل ولاشي بس ما إلي مروة قوم من التعب!!! لكن الحقيقة اقولها الآن:
رأيت وصديقي نوح وهو يصوب البندقية باتجاهنا وهرب صديقي بناء على ذلك لكني اتخذت قراري بالا أتحرك:
كان الطريق الوحيد بالنسبة لي للنجاة هو: ألا أتحرك بينما نوح يطلق الرصاص وكان رأيي واضحاً:
الوحيد الذي كان يمكن أن يصاب في عملية نوح هو صديقي الضابط الذي “تحرك”…. لم اكن اشك في ذلك والسبب:
نوح لن يخطئ فهو قادر وأنا رأيته يصيب اللدريئات وهو يركض للخلف ووجهه للأمام… إصاباته كان محققة وهو يركض للخلف ويطلق!!!
سأتوقف هنا اليوم لكن أسأل:
هل فهم أحد في وزارة الزراعة كلامي؟
على العموم:
أكرر بعد مقابلة السيد الوزير اختياري أسلوب البطل علي حبيب “حالياً”:
والالتزام بالصف خلف السيد الوزير على أمل تحركه السريع بالقرارات ضد الحرامية وعلى أمل أن ننجح في إطعام الناس اللحمة والبيض والحليب والخبز من جديد…
سأكمل باقي الأساليب القتالية بس هلا تعبتكم…