هاملت مصر .. اذا اردنا معرفة الحاضر .. فعلينا أن نفسر أسرار عام 1970


من جديد يعود الينا السؤال الأهم الذي كلما غاب طفا وكأنه روح والد هاملت التي تطوف علينا وتخبرنا وتقول ان هناك مؤامرة وقاتلا ومقتولا .. لاتزال الكثير من الوثائق من زمن عبد الناصر تطل علينا كل فترة ولكنها لاتظهر وتختفي بل تثير فينا الهواجس والتساؤلات المنطقية .. ونحس أن روح الزعيم الخالد لاتزال تطوف بيننا بسبب هذا الهوان الذي تمر به الامة العربية في زمن الربيع العربي والتطبيع العثماني الصهيوني العربي .. وكأنها تتعذب وهي تراقبنا .. 

في وثائق تعود للظهور رغم محاولة انكارها وتغييبها واخفائها او اهمالها او عدم الاهتمام بها يبدو ان من المنطقي أن نستنتج ان ناصر قد تعرض لعملية اغتيال صامتة ومؤامرة محبوكة بعناية لانه كان يمثل روحا مصرية عالية الهبت المشاعر والاحاسيس ونهضت بالطموحات .. وكان على هذا المشروع المصري الكبير ان يموت مع ناصر .. وهذا للاسف ماحصل .. فمصر في زمن ناصر كانت تطمح لتكون أم الدنيا وتمسك بتلابيب القارتين الافريقية والاسيوية .. وبعد ناصر صار هم السياسة المصرية هو الحفاظ على شرم الشيخ وفنادقها .. وطابا ومعبر رفح .. كأقصى طموح لدولة كانت تستحق ان تلغي دور كل القوى الاقليمية ونكون زعيمة العالم العربي والاسلامي .. من يقرأ في طوحات الثورة الناصرية وشعارات تلك المرحلة يدرك كم كان الطموح شديدا والارادة تطاول النجوم .. فمصر تحولت بسرعة قياسية من دولة مسحوقة مستعمرة ومزرعة للقطن لمعامل القطن في انكلترة الى دولة تشبه مزرعة للثورات والبنادق والحرية والعنفوان .. تلاحق الاستعمار في قارتين .. وتتحول الى قابلة لتوليد الدول المستقلة وحركات الزلازل الاجتماعية ..

من الوثائق ما تشير الى ان مانحن فيه اليوم هو نتيجة لتلك اللحظة التي حرمت فيها مصر من الزعيم الراحل عبد الناصر .. ففي وثائق ذلك الزمان هناك من يؤكد في مراسلات سرية ان مصر ستتغير في نهاية عام 1970 .. وكأنه يدري بالغيب او أنه كان أحد عناصر الخلية التي تنفذ مشروع الاغتيال .. فكيف عرفت هذه الشخصية ان مصر ستتغير في نهاية عام 70  وهو زمن وفاة عبد الناصر بشكل مفاجئ.. ؟؟ وتغير مصر هو الذي غير كل شيء حتى هذه اللحظة .. 

في الوثائق يصل الخبر الى عبد الناصر ويدرك ان الامر خطير ولكن تفسير (مصر ستتغير) هو السر الغامض .. فلا أحد يعرف كيف ؟؟ بالغزو أم بالحرب أم بالاخوان المسلمين؟؟ .. ولكن لم يكن ناصر يدرك انه هو من سيغير مصر بموته الذي لايبدو انه كان الا بفعل فاعل .. وتقول وثائق اخرى انه في الوقت الذي عاد فيه من المطار مودعا أمير الكويت أحس انه متعب جدا وانه ليس على مايرام .. طلب ان يكتب في السيارة مرسوما يعلن فيه عزل نائبه انور السادات .. فربما أحس في ساعاته الاخيره بحدسه انه هو المقصود وأنه هو من سيغير مصر اذا مات عبد الناصر .. وحاول ان يتدارك ذلك الخطأ الذي عاتبه فيه رجالات الثورة في تعيين رجل هامشي فيها نائبا للرئيس .. ولكن المرسوم لم يصدر لأن من تسلمه لاذاعته هو صديق دربه محد حسنين هيكل الذي فوجئ بالمرسوم وكان من الميالين للسادات ويخشى من بدائل قوية من الجنرالات الاقوياء .. فاحتفظ بالمرسوم في جيبه ربما ليناقش الرئيس قبل اذاعته .. ولكن خلال ساعات كان ناصر في فراشه يحتضر وهو يتفقد الرادبو ويتساءل عن سبب عدم اذاعة أهم خبر وهو تغييرات في منصب نائب الرئيس .. ولكن لم يمهل الزمن مصر لتنجو الا قليلا حتى فارق ناصر الروح .. وتغيرت مصر منذ تلك اللحظة الى الابد كما توقعت تلك الوثيقة .. ويقال ان هيكل ظل نادما طوال حياته على تلك اللحظة التي تأخر فيها في اذاعة المرسوم ودفع فيها الجميع من عهد ناصر بمن فيهم هيكل نفسه ثمنا باهظا .. ولذلك ظل ينافح ويدافع عن صديقه ناصر لأن عقدة الذنب كانت تلاحقه دوما من أنه أخطأ في تنفيذ آخر أمنية عرفها كانت لناصر قبل ان يموت ..

وتذكرنا هذه الوثائق التي تطوف بنا كأرواح تتألم بما تذكره وثائق غربية وفرنسية عن ان وزير الدفاع الفرنسي تساءل عن سبب بناء مخيمات للاجئين على الحدود السورية في تركيا وذلك قبل سنيتن مما سمي بالربيع العربي فكان الجواب (لاستقبال اللاجئين السوريين !!!) .. نعم قبل سنتين من الحرب على سورية وتحديدا عام 2009 توقع أحدهم لاجئين سوريين .. لأنه صنع الربيع العربي والثورة السورية وثوار الصياصنة و ثورة الغجري الساروت وزعران اردوغان .. تماما كما توقع احدهم نهاية عهد ناصر ووصول عهد جديد وثورة جديدة في مصر اسمها ثورة السادات على مراكز القوى والانقلاب على زمن عبد الناصر .. نعم لاشيء يحدث في السياسة بمحض الصدفة .. لاشيء ..   

مصدر المقال:

نبؤة على أمين بوفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970.


كتب : عمرو صابح

https://www.facebook.com/amrosabehnasr/

تمر اليوم الذكرى الثالثة والأربعين لوفاة الكاتب الصحفى على أمين الذى ربطته و توأمه الأستاذ مصطفى أمين علاقة معقدة بثورة 23 يوليو وقائدها جمال عبد الناصر.
فى عام 1984 أصدر الأستاذ محمد حسنين هيكل كتابه الوثائقى ( بين الصحافة والسياسة ) الذى أعاد فيه فتح ملف قضية تجسس الأستاذ مصطفى أمين لصالح المخابرات المركزية الأمريكية.
ضمن وثائق الكتاب ، نشر الأستاذ هيكل وثيقة سرية من وثائق رئاسة الجمهورية عن الأستاذ على أمين هى الوثيقة رقم 28 بملحق وثائق كتاب ( بين الصحافة والسياسة ) .
هذه الوثيقة هى مذكرة بخط يد الوزير / سامى شرف مرفوعة للرئيس / جمال عبد الناصر بتاريخ 3 يونيو 1970
ترصد الوثيقة مجموعة من التحركات التى تتم ضد مصر على الصعيدين الداخلى والخارجى ، وقد قام الأستاذ هيكل بالشطب على كلام الوزير سامى شرف الذى يرصد هذه التحركات لاعتبارات تتعلق بالأمن القومى وقت صدور الكتاب .
ولكن ما يتعلق بموضوعنا هى تأشيرة بخط يد الرئيس جمال عبد الناصر على الطرف الأيسر أعلى الصفحة كتب فيها :
( لقد تقابل على أمين فى روما مع أحد المصريين المقيمين فى ليبيا وقال له أن الوضع فى مصر سينتهى آخر سنة 70 ).
تاريخ تأشيرة الرئيس عبد الناصر على المذكرة هو 28 يونيو 1970 بعد 25 يوم من رفع المذكرة إليه ، وقبل 3 شهور من وفاته المفاجئة!!
كان على أمين هاربا من مصر بعد اتهام أخيه مصطفى أمين بالتجسس على مصر لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت الشبهات تحيط بعلى أمين أيضا لذا فضل أن يظل خارج مصر ، ولكن كيف علم على أمين أن الوضع فى مصر سينتهى آخر 1970 ؟!!
لقد توفى الرئيس / جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970 قبل نهاية عام 1970 بثلاثة أشهر ، وبوفاته انقلبت كل الأوضاع فى مصر وفى الوطن العربى .
كيف تنبأ على أمين بوفاة الرئيس ” جمال عبد الناصر ” قبل رحيل الرئيس بثلاثة أشهر ؟!!
ومن هو المصرى الذى قال له على أمين أن الوضع فى مصر سينتهى أخر سنة 1970 ؟
ولماذا كتب الرئيس جمال عبد الناصر “تلك التأشيرة بالذات ؟!
ولماذا تذكر على أمين بالتحديد ؟!

تبقى كل تلك التساؤلات بدون إجابة.

  • الصور للصفحة التى تحتوى على الوثيقة رقم 28 بملحق وثائق كتاب ( بين الصحافة والسياسة ) للأستاذ محمد حسنين هيكل – الطبعة السابعة -الصادرة عن شركة المطبوعات للنشر والتوزيع بلبنان.
هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق