رأس راعي البقر لايتغير بل يغير القبعة الحمراء الى قبعة زرقاء .. وهل هي نهاية مهمة كورونا؟

لأنني لاأومن بالديمقراطية التي ينتجها رأس المال .. فانني كلما رأيت خطابا ديمقراطيا معسولا او مشهدا تلفزيونيا او هوليووديا امريكيا يشهق من شدة التأثر بالديمقراطية فانني أقدر عاليا مساعدة جهاز التحكم السريعة لي ولقرفي في قلب الصفحة والقنال والمشهد السخيف .. فردّ فعلي المباشر ازاء اي تصريح ديمقراطي هو ضغطة زر واحدة حيث ارى شيئا آخر مثل برنامج طبخ لاأنتظره او مباراة في الملاكمة لاأتوقعها .. ولكن كلها أفضل من سماع الثرثرة الرأسمالية عن الديمقراطية وعن هبة الله للانسان المتمثلة في الديمقراطية الامريكية ..


والديمقراطية الأميريكية هي خير مثال على انها الخدعة الكبرى ولعبة الخفة التي خدعت العالم قرنا كاملا وآن لها ان تنتهي بعد ان كشفت وسائلها .. وصرنا نعرف ان الكيان العميق هو الذي يقود اميريكا ولكنه يغير قبعته كل أربع سنوات فيما الرأس ذاته هو الذي يدير كل شيء .. فيضع قبعة زرقاء عليها رسم حمار (ماركة الحمار) او قبعة حمراء عليها رسم الفيل (ماركة الفيل) ..


ولطالما صرنا نفسر طريقة وظروف تغيير القبعات فعلينا ان نعرف سبب وجود قرار بتغيير القبعة الحمراء واقصاء دونالد ترامب .. فكما نعلم فان كل رئيس اميريكي هو شعار لمرحلة تريدها الدولة العميقة التي ترتدي القبعة .. فعندما كان هناك مشروع اجتياح الشرق الاوسط تم الدفع بجورج بوش الصغير وسوق الديمقرطية الذي افتتحه لبيع الحريات .. ولكن سمعة اميريكا تأثرت باجتياح العراق وتآكلت هيبتها بخسائر تسببت بها المقاومة العراقية التي أشرفت عليها سورية وايران .. فكان قرار كيانات الدولة العميقة بالخروج من العراق والدخول في سورية من داخلها ومعاقبتها .. فاخترعت شخصية باراك اوباما الذي تم نحته كرئيس اسود من أب مسلم ليغطي على العنصرية الفاقعة والمتوحشة للمسيحيين الجدد الذين ظهروا في ادارة بوش والذي اوكلت له متابعة المهمة دون اي انحراف .. فجاء الربيع العربي الاسلامي الذي نفذ مهمة الدخول الامريكي الى سورية .. ولكن لم تتوقع الدولة العميقة ان تتعثر في الدخول الى سورية واتمام المهمة التي ستتوج باعلان الشرق الاوسط الجديد كاملا وانهاء الصراع مع اسرائيل لصالحها ..

وكان وصول دونالد ترامب الى السلطة نتيجة انقسامات في الدولة العميقة اثر تعثر المشروع في سورية وتغيير الخرائط النهائية للشرق الاوسط والاصطدام بالصين وروسيا لأول مرة في هذا المشروع .. وكان ترامب يمثل جانب اصحاب الاسثمارات التجارية غير العسكرية والنفطية التي كانت ترى ان التوجه نحو العدو الاصفر في الصين اهم من البقاء في الشرق الأوسط .. وأن الأنفاق على حروب الشرق الاوسط كان مكلفا وكان مشروع ترامب يقضي بأن يتم تغيير التكتيك بالمواجهات الكبيرة في الشرق الأوسط واللجوء الى المواجهات الناعمة .. وقدم ترامب اوراق اعتماده بأنه سيعترف بالقدس لاسرائيل وبأنه سيقيم جبهة عربية ضد ايران ويعلن صفقة القرن ويتجرأ على ايران ويتحرش بها ويقتل الرجل الثاني فيها قاسم سليماني .. وظن ترامب انه بانتزاع الاقرار بمشروعه ذي النزعة المختلفة والتكتيك المغاير بدأ يستقل ويتحرر قليلا من قيود الدولة العميقة القديمة وأنه صار بامكانه أن يبدأ ببناء هيكل للدولة العميقة الجديدة الطامحة للعب دور أكبر في السياسة والاستراتيجية ..


الا ان الدولة العميقة لاتتسامح اطلاقا مع اي محاولة للاستقلال عنها فهي عاقبت كينيدي بالموت ونيكسون بالطرد وكلينتون بالفضيحة .. ولكن سلوك ترامب المخاتل والاستعلائي أغضب الكيانات العميقة عندما بدأ يتصرف وكأنه سيأخذ الدولة العميقة معه الى اتجاهاته عندما حاول ان يغير في أولويات الدولة العميقة لم يرق لها بدل أن يذهب معها .. فهو يريد خوض صراع مفتوح مع الصين ويستعجل الانسحاب من سورية والخروج من البر الأسيوي فتقرر انهاء مهمته الرئاسية ..


وهنا يمكن ربط ظهور كورونا بقرار انهاء زمن وعهد دونالد ترامب .. فالبعض لايزال ينظر الى كورونا على انها قضية مضخمة غير مفهومة وكان ترامب يحاول ان يقلل من أهميتها وجعل يحاول اخماد اخبارها ويرفض التعامل معها كقضية خطيرة لأنها كان يرى أنها كانت هي الضربة القوية للاقتصاد الاميريكي الذي كان يتباهى أنه أعاد بناء أولوياته وبدأ في مشوار تعافيه وكان يباهي انه يسرق العرب علنا في النهار ويستولي على ثرواتهم ويفرض على العالم أتاوات ترد الى الخزينة الاميريكية وأن اميريكا صارت جابية للضرائب الدفاعية من كل العالم بعد ان كانت تدفع ضرائب الدفاع للعالم .. ويرى البعض ان كل قصة كورونا التي تزعم اطلاقها أنتوني فاوتشي مدير معهد مكافحة الامراض المعدية في اميريكا كانت موجهة ضد الاقتصاد الجديد الذي بدأ ترامب بناءه مع طبقة جديدة من المستثمرين الأميريكيين الكبار والتي كانت تنمو بسرعة مما يهدد باصطفافات وأنساق جديدة تنافس القوة العميقة القديمة .. وبدأ ترامب يعلن عداءه لفاوتشي لأنه بسببه تم توجيه ضربة للاقتصاد العالمي عبر جائحة كورونا وحيث اعيد توزيع مال العالم ونقله الى أيد قليلة جمعت كل ثروات العالم .. وبالطبع فان تراجع الاقتصاد الاميريكي كلف ترامب الكثير وهدم محاولته لاعادة بناء مرتكزاته ورغم انه حاول ممانعة القرارات التي تفرض اغلاق النشاط الاقتصادي بسبب كورونا الا ان الضغط عليه كان كبيرا جدا من داخل اميريكا وتضخيم انتشار الجائحة وتسبب تراجع الاقتصاد في تراجع الثقة به فقد أوفى بكل الوعود الا في وعد اعادة الثقة بالاقتصاد الامريكي .. وعندما يتراجع الاقتصاد في عهد اي رئيس يسهل اسقاطه مع تركيز دعائي ضخم على بعض القضايا التي كانت تحدث يوميا في اميريكا مثل قضية العنصرية ضد السود .. حيث تم تفجير قضية جورج فلويد التي تم ضخها اعلاميا في خضم حرب داخلية على ترامب لأن هناك عشرات الصور التي تصور قتل السود وعنصرية الشرطة البيضاء ولكن لأمر ما انتشرت قصة جورج فلويد ولقيت عناية فائقة من الاعلام الذي يعادي ترامب وهو نفس الاعلام الذي كان يضخ أخبار الكورونا ويلوم ترماب على انتشارها والذي كان ترامب يهاجمه في كل مناسبة ويصفه بأنه اعلام مضلل ولايقول الحقيقة ..


جو بايدن البديل ورجل الدولة العميقة الوفي رجل هرم ومسن ولن يتمكن من الترشح للدورة الثانية لرئاسة أميريكا ولكن جائحة كورونا ستنتهي في الأشهر القليلة القادمة بعد انتهاء دورها في اعادة توزيع الثروات في العالم وفي أميريكا تحديدا وفي اسقاط ترامب .. وسيتم اظهار بايدن على انه اتخذ اجراءات حاسمة أنهت الجائحة التي انتشرت بسبب اهمال ترامب وعناده .. وسيكون لديه مهمة اعادة أولويات الدولة العميقة للعقل السياسي وللممارسة السياسية التقليدية مع اضافات ترامبية ..


ولكن مابدأه ترامب مع الصين لن يتوقف مع بايدن .. ومافعله ترامب مع الاتفاق النووي الايراني لن يعيد بايدن احياءه .. ولن يعيد بايدن القدس للتداول ولن يعترض على الحاق الجولان باسرائيل .. ولن يحاول انهاء الحرب في سورية .. ولن يقرر رفع السكين عن البقرة الحلوب السعودية بل سيبقيها ويتابع حلبها أكثر .. وماسيفعله بايدن هو الابقاء على تراث ترامب دون تغيير ويعتبره اضافة الى المشروع القديم للشرق الاوسط ولكن مع العودة الى أميريكا القديمة التي نعرفها .. المراوغة والتي تفاوض فوق الطالة وتحت الطاولة .. والتي نحاربها وتحاربنا .. ونكرهها وتكرهنا .. والتي سنتشرف بهزيمتها مجددا .. وسنتشرف بطردها من الشرق الاوسط في عهد بايدن ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

3 Responses to رأس راعي البقر لايتغير بل يغير القبعة الحمراء الى قبعة زرقاء .. وهل هي نهاية مهمة كورونا؟

  1. salihawateki كتب:

    الروس ما اتيقيوا فالصين
    الايام بيننا

  2. واسعة تلك الثقوب لمن له قلب …
    والأعمى لا يرى حتى نور الشمس …
    والتهنئة السورية لبايدن هو ما يجب أن يفهمها أن سوريا صانعة التاريخ من الأزل وستبقى ..

  3. واسعة تلك الثقوب في جدار التاريخ لمن له قلب …
    لكن الأعمى لا يرى حتى نور الشمس…
    وتهنئة سوريا العربية لبايدن ليتيقن أن بلاد الشام كانت وستبقى صانعة التاريخ …

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s