كلام مأثور مكتوب بنفط: كلما سمعت بكلمة مثقف عربي .. تحسست دفاتر شيكاتي

هناك تصريح ينسب الى وزير الدعاية النازية غوبلز يقول فيه “كلما ذكرت امامي كلمة مثقف تحسست مسدسي” .. واشك جدا ان تكون هذه العبارة صادرة عن غوبلز .. المهم ان العبارة الحقيقية ترجمها الاسرائيليون بطريقة صحيحة جدا .. وهم اكثر من قرا تاريخنا ويعرفون ان الشعراء كانوا يمتهنون الشعر احيانا ليكونوا شعراء بلاط ينالون الجوائز والهدايا .. حتى المتنبي كان يبحث عن ملك يستوزره .. ولكنه مع هذا لم يكن رخيصا ولايبحث عن هدايا بل كان يبحث عن وزراة ومشروع بين يديه .. ولم يقبل الاهانة حتى من ملك بل انه عندما تلقى اهانة من ملك بدواة الحبر ترك الملك وانا على يقين انه لو عرضت عليه وزارة لرماها في وجه سيف الدولة كما رمى سيف الدولة دواة الحبر في وجهه .
الاسرائيليون طلبوا من موظفي الخزانة العبرية في دول الخليج العربي ان يترجموا العبارة الغوبلزية بطريقة أكثر دهاء كما يلي: كلما سمعت مثقفا عربيا تحسست محفظتي أو .. تحسست دفاتر شيكاتي ..
دفاتر الشيكات صارت تقتل مثل مسدس غوبلز.. وعندما تبارزت دفاتر الاشعار مع دفاتر الشيكات .. انتهت المعركة بانتصار دفاتر الشيكات .. ودفاتر البنكنوت ..


سلاح التدمير الشامل .. الذي يذوّب الثقافات ويصهر العقول الذهبية ويخلطها مع الحديد الصدئ والتوتياء والرمل .. انه وهج المال وحرارته التي تصهر العقول .. المال الذي صار هو الذي يصنع الدين ويصنع الله مفصلا على مقاس كل ملك .. ويصنع الفن والفنانين .. بل ويصنع الثورات بعد ان كانت الثورات تنسج من الآلام والسجون وتطرزها النظريات ويحيك أيامها وأزياءها الفلاسفة ..
في زمن الدفاتر الشيكات صارت تبنى المدن العملاقة المرفهة ومدن الملاهي والفنادق بدل السجون التي كانت النخب تسجن فيها .. وكانت أجمل الاشعار تولد في الزنازين .. وتنشد الأشعار .. فنسمع أبا فراس يتحدث مأسورا مع يمامة تبكي طليقة .. ونغني بعده في سجون دمشق ايام الاحتلال الفرنسي : ياظلام السجن خيّم .. اننا نهوى الظلاما


هل هناك من سجون أضيق على العقل والفكر والروح من مدن الملاهي التي ينقل اليها فنانو العرب ومثقفوهم ..؟؟ نحن مقبلون على زمن تنقرض فيه الثقافة الطبيعية التي تحيا كما تحيا الاحياء وتنقرض وفق نظرية الاصطفاء الطبيعي لداروين .. فالثقافة التي تخوض اصطفاء طبيعيا تبقى حيث لاتبقى الا الثقافات القوية الأصيلة والقصائد العصماء .. والشعراء الفحول .. وكل تدخّل في الاصطفاء الطبيعي يخرب الثقافة ..
لأن زمن الثقافة هذه الأيام هو زمن ثقافة محركاتها تسير على الديزل والبنزين .. انها الثقافة المصنعة في دور الأزياء .. والثقافة المسبقة الصنع .. والجدران البلاستيكية .. ثقافة تموت بالتخمة والترهل والبدانة المفرطة والسكري .. بعد ان كانت ضامرة مثل المهار التي تركض برشاقة في الصحراء .. أجمل المهار وأرشقها .. والتي صارت تحل بدلا عنها خيول خشبية .. وقصائد بلاستيكية وفن من نفط .. وبرائحة النفط ..
اقرأ هذه الملاحظة للكاتبة نهلة السوسو وقد تدرك ماذا يعني الفرق بين مسدس غوبلز .. ومحفظة دبي ودفتر شيكات قطر .. وستجد ان مشروع الاسرائيليين كان أذكى من غوبلز .. الذي يجب ان نعيره لصالحنا ليكون منذ اليوم: “كلما ذكر أمامي دفتر شيكات تحسست مسدسي .. او كلما ذكر لي مثقف اغتسل بالنفط تحسست مسدسي .. ليس خوفا منه ولكن خوفا على النقاء والحضارة” ..

كتبت نهلة السوسو

في دبي شُيدت مدينة “دزني” للفنانين: فنادق سبع نجوم، مسابح، فيلات، شقق في ناطحات سحاب، سيارات فاخرة، مهرجانات خرافية، ومحطات فضائية تصنع الألقاب وتحتكر البشر وأعمالهم “الإبداعية”… وأموال سائبة، سائلة، تملأ الفم قبل الجيب ودفتر الشيكات! ….

وطن الفنانين الأول بات حيث “هلا فبراير” فمن منهم يهمه وطن ماضيه وأهل هذا الوطن؟من فضلكم راعوا مشاعر سكان “والت ديزني” ولا تكلفوهم ما فوق طاقتهم، بدءاً بشمس الغنية التي صارت في أغانيها تطلع مظاهرة وتردح في الشوارع، وليس انتهاءً براغب علامة صاحب “المبروك” التاريخية…مبارك للفن العربي هذه الحقبة النفطية بنجومها الخوارق وإنجازاتها العالمية..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s