أبى بايدن الا ان يكون ديمقراطيا واميريكيا أصيلا .. وكعادة الواصلين من بعد طول غياب او عائد من غربته .. دخل العجوز ومعه حقائب الهدايا الكثيرة .. وأول هداياه كانت من صنع داعش وعليها ختم المخابرات الامريكية ومغلفة بأشرطة هدايا سعودية .. ومعه حقيبة حسبنا انها الحقيبة النووية لشدة مااعتنى بها وأوصى بها ان نضعها برفق على الارض .. ثم علمنا انها هدية من صنع كردي .. وهرول الجميع اليه مثلما يهرول الأطفال الى بابا نويل .. وهكذا هرول أطفال الشرق الأوسط الى بابا بايدن وكل يحلم بهديته .. الزعماء اللبنانيون يتوقعون ان يعيدهم بايدن الى زمن بوش واوباما بعد ان احتقرهم ترامب وعاملهم كعجول الأبقار التي حلبها .. وكاد يحلبهم لولا انه وجدهم تيوسا صغيرة ..
وتجمع الخليجيون وتصالحوا والتقى الأتراك بالسعوديين في استعداد للقاء هدايا بايدن .. فكل من فرقهم ترامب جمعهم بايدن .. وهكذا وبقدرة قادر تلاشت السيوف والخناجر والحناجر .. وذابت الأصوات وانقلب الفحيح الى حفيف .. وتحولت العاصفة الى نسمات ذعذاعة .. وتحول النباح الى مواء .. ولم نعد نسمع اصوات الخنازير الهائجة .. حقا انه بابا بايدن ..

ولكن هل يصح أن يصل رئيس أميريكا دون أن نقدم له هدية في عهده الميمون نعبر فيها عن طبيعة علاقتنا به .. ؟؟ في الحقيقة من واجبنا ان نقدم واجب الضيافة وتكريم الضيف بما يستحق .. وان نرد له كل هدية بأحسن منها .. خاصة ان زمن ترامب انتهى دون ان نقدم هدية يستحقها وهذا كان تقصيرا واضحا منا .. لأن ترامب كان يراهن على ان عودته الى البيت الابيض ستعني انه سيغادر ويحمل أمتعته وينصرف لشؤونه .. وكان من الحصيف ان نسهل له رحلة العودة وان نجعلها مريحة والا نحرجه كثيرا بالنعوش كما كان يطلب منا عبر وسطاء .. ولذلك لم نقدم له أية هدية من الهدايا التي كنا أسهياء بها زمن بوش واوباما .. ففي زمن بوش كانت هدايا محور المقاومة تحمل بالنعوش .. حتى ان اكتظاظ المطارات بالنعوش العائدة الى اميريكا جعل الاميريكيين يغادرون على عجل لأننا أسرفنا في اهدائهم .. وفي زمن أوباما عاد تنظيم القاعدة العزيز على قلب اميريكا وأهم جيوشها .. أعدناه بالنعش الى مصدره .. وفقد الجيش الأمريكي اهم فرقة كوماندوس انتحارية لديه .. وكان داعش قرة عين هيلاري كلينتون قد تم لفه بعلم أميريكا وأرسلناه جثة الى هيلاري كلينتون .. وفقدت هيلاري جيشا من الاسلحة الجرثومية والسامة البيولوجية .. المتمثلة في رؤوس الدواعش التي أطيح بها وكانت خزانات ملئية بالغباء والكراهية والنذالة والخسة والوحشية والبهيمية .. ولاشك ان قطع رأس الثعبان المتمثل في جيش الاسلام كان الهدية التي لم يتوقعها أحد لأن جيش الاسلام كان مكلفا بأن يقدم دمشق على طبق من فضة لأميريكا .. وكان يحيط بدمشق كما لو انا صارت على طبق من فضة ليغمس اوباما يديه في اللحم والدم ..
الآن مللنا من هذا الانتظار الطويل .. وليس من حق محورنا أن يشيع هذه الروح السلبية التي طالت وهاهو زمن بايدن يشجعنا على ان نتحرك لنهدي بايدن اول هدايانا كما قدم لنا اول هداياه .. ويجب ان تكون الهدية كبيرة وتناسب مشروع بايدن .. ويجب ان تقول له كم نحن نحبه ونرحب به على طريقتنا طالما انه جاء بمشروع لايناسب الا مقاس اسرائيل ..
وأنا هذه الايام حائر واتداول مع الاصحاب في الشيء الذي سيكون أكبر هدية تليق ببايدن .. فلايجوز ان يمر وقت طويل دون ان يرى بايدن كرمنا وسخاءنا .. أنقدم له رأس الأكراد الانفصاليين أم رأس الجولاني وعصابته في ادلب .. أم انه آن الاوان لشيء آخر مع نتنياهو ..
ربما علينا ان نقول بأن زمن ترامب لم يكن بذاك السوء لأننا أدركنا استراحة المحارب وأعددنا أنفسنا جيدا لانجاز المرحلة الحاسمة من هذه الحرب .. وفيم كان الاخرون يخططون ويحضرون .. لم نكن نجلس باسترخاء ننتظر ان يرحل ترامب او لايرحل .. بل كنا نذخّر بنادقنا .. ونشحم محركات دباباتنا .. ونحدث صواريخنا .. ونعزز قوانا ونعيد انتشار جنودنا ..
وربما سيجلب بايدن الكارثة على من سيقدم دعمه لهم .. فاذا كانوا الاكراد الانفصاليين فان مصيرهم لاشك سيكون كمصير داعش لأن داعش كان محميا بالامريكيين ايضا .. ومع هذا لم نتوقف الا عندما قرر الامريكي سحب داعش من الساحة والادعاء ان داعش انتهى وانه لاداعي لاستمرار الحرب في الشرق .. فاذا به يخرج من جيبه قسد بدل داعش .. ومافعله هو أنه غيّر فقط ثياب المقاتلين .. ولم يغير المهمة في استمرار مشروع فصل سورية عن سورية .. وفصل العراق عن سورية ..
ان زمن المساومة والدلال انتهى خاصة ان بايدن يريد ان يقسم الشرق السوري بين الاكراد وبين داعش .. وهذا نموذج تفكير الامريكي .. فهو يحب ان تتعدد كلابه .. ولايحب الصيد بكلب واحد .. كما يفعل في لبنان .. فهو لديه مجموعة كلاب صيد تتوزع بين زعماء الطوائف وأعوانهم .. وهو في الخليج المحتل يقسم الخليج الى عائلات .. وكل عائلة تتهاوش مع العائلة الثانية تحاول ان تنال رضا الصياد الذي زجرها فسكتت بعد تنابح وتهاوش طوال زمن ترامب .. وهو في سورية يريد النصرة وداعش والاكراد والمعارضين بألوانهم .. بنفس الطريقة .. ولكن يبدو انه سيكلف الكرد الانفصاليين بأن يزيدوا النباح .. وهذا يعني ان الكلب الذي سينبح بصوت أعلى هو الذي سيتلقى الحجر الأكبر .. وسينال الضرب المبرح بالعصا كما حدث مع داعش ..
الحقيقة ان مجرد التفكير في هدية تليق باستقبال بايدن وتليق بهداياه الدموية يجعل كل تلك الطاقة السلبية التي سكنتنا منذ أشهر تتبخر .. وتحل محلها تلك الطاقة الايجابية الفاعلة … وجعل كل مشاعر الركود والانتظار تتحرك بنشاط بعد ركود ولزوجة .. يجب ان تكون الهدايا على قدر مهديها وهاديها ..