من بين كثير من المقالات التي تكتب عن الوجع لم أكن ابحث عن الوجع .. بل عن الدواء والعصب الذي يتوجع ويرسل اشارات الالم .. ورغم ان صفحات الفيسبوك تضج بالشكوى والانين .. وأحاديث الناس تتحول الى سكاكين في الروح فانني لم أفكر على الاطلاق في ان أقلل من مستوى الألم لأن أسوأ شيء للألم هو أن نستخف به .. وأن نتعالى عليه .. ومع هذا فان ماهو الأكثر سوءا للألم هو أن نبالغ في الصراخ ونبالغ في العويل ونظن ان العويل والتفجع وتعظيم الألم هو بمثابة المسكنات والمورفينات وتنفيس القلق .. لكن البحث عن مصدر الألم هو أهم من علاجه بالمسكنات .. لأن معرفة مصدر الألم يجعلنا ندرك أحيانا ان الألم حقيقي او أنه بسبب التعود على المورفين .. وان المورفين هو مصدر الالم .. بل وان الالم سيخف دون عقار قوي ..
هذه مقالة من مقالات هانز خليل تستحق التصفيق .. والاستحسان .. وهي من أهم ماكتب عن الوجع الاقتصادي في هذه الحرب .. وتفوق هانز ببساطة شرحه على أساطين المثقفين الذين يتقعرون في الشرح او يستعملون أسماءهم ومهاراتهم اللغوية في الندب والعويل والبكائيات وتضخيم المشكلة دون حلها . ويعتبرون ان مهمة الكاتب هي الاستجابة لطلبات الجمهور وليس قيادة الجمهور .. وهم ربما جاهلون بالفخ الاعلامي الذي وقعوا فيه وصاروا يكتبون عن الغلاء ونقص المواد وكأنهم موظفون في صحف خليجية ويمكنك ان تلاحظ ان ماتكتبه صفحات المعارضة والاعلام الخليجي لايختلف عما يكتبه هؤلاء المثقفون .. وكأنهم وقعوا في فخ قديم كما وقع الجميع في فخ الربيع العربي حيث صار الجميع يدافع عن الحرية والكرامة وصندوق الانتخاب ويستبسل في انتقاد المادة الثامنة من الدستور والتوريث وقانون الطوارئ وتبين لنا ان كل هذا القصف على سياج الاستقرار السياسي كان الغاية منه التمهيد لنشر الفوضى والطائفية .. فحلت المطالبات الطائفية محل المادة الثامنة للدستور .. وبدل قانون الطوارئ ظهرت قوانين الشريعة و “الاسلام هو الحل” وانبثقت داعش والنصرة وتسرب العثمانيون الجدد والاسرائيليون .. ولم يكن هناك فرق بين تدمير قواعد الدفاع الجوي السورية بيد الثورحيين – دون أي مبرر الا لتمكين الطيران الاسرائيلي من الافلات من العقاب في أجوائنا وفتح المجال الجوي السوري له بلا حدود – وبين تدمير بعض مواد الدستور العلمانية التي تسيج النظام السياسي ضد التطييف والمذهبية والتدين .. والتي يحاول اليوم مفاوضو تركيا في استانا ان يفرضوه ..
ربما الشعور بالغبن هو مايثير الناس ويجب ان نساعدهم على التعبير عنه وليس الفوضى والتحول الى صدى ماتثيره قوى الفيسبوك .. أي قوى ذباب الفبسبوك .. لأنه كما يقول الاستاذ ناصر قنديل حدث في الحرب اضطراب في الدورة التقليدية للسلم الاجتماعي كانت تحدث كل 40 سنة تقريبا فيها صعود من طبقة لطبقة بالتراكم التقليدي .. ولكن في الحرب صارت التقلبات لاتخضع لهذا القانون فيصعد صعاليك وحرافيش وصغار وينهار نبلاء وسادة وصناعيون ..
هذه المقالة الجميلة الصادقة لهانز خليل لايمكن أن يقال بعدها لكاتبها ابن حلب الأصيل .. الا .. أبوس روحك
ذكريات من عالم آخر
نحنا تربينا من صغرنا على انو نكتم اسرار بيوتنا خصوصاً الفقراء منا، طبعاً كلمة فقرا نسبيه لأنو سوريا بعمرها ماعرفت الفقر الأسود يلي صرت شوفو اليوم عالصفحات على هاد ماشاف اللحمه من خمس سنين وهاد منزل صورة فروجه وعامل قصيده عم يتغزل فيها والتالت منزل صورة قنينة زيت نباتي وكاتب سعرها مع تعليق (ليكون مفكر حالك ويسكي) الخ؟!!. كمان على زماني كنا تسع أولاد بالبيت والوالد موظف ولحق لشوف؟. يعني الطبخه راح ياكل منها 11 شخص ومهما كانت تكون اللحمه فيها بالاوقيه!!. اسألو اي قصاب (لحام) عجوز راح يقلك البيع معظمه كان بالربع والنص كيلو!.
لكن مع ذلك كانت والدتي تحاول قدر الإمكان نظهر بمظهر الناس العاديين يعني هدوم مقبوله وشعرات مسرحه ونظيفه وهيك شي مع أني اقسم بالله بذكر بأحد السنين كنت بالابتدائي بقيت لكانون الأول اروح بشورت عالمدرسه وتقلي امي (اوعى تقول لحدا انك بردان خلص اسبوع الجاي راح جبلك احلى بنطلون وبس تشوف حالك بردان اركض بالباحه بتدفى)!. والدي كان عندو متل دائماً يقولو:(اذا بتمك دم اوعى تبصقو قدام حدا)؟!. اصلاً بتراثنا كلمة الحمد لله يلي منرددها دائماً جواباً لكلمة شلونك هي كلمه غامضه بتعبر عن الرضا بالحال شو ماكان!. الشيء الوحيد يلي كان متوفر دائماً بالبيت هو الخبز والزيت والزعتر ودبس البندوره!. صندويشة المدرسه معروفه وحده زعتر والتانيه دبس بندوره مرشوش عليها شوية نعنع وكام نقطة زيت زيتون حتى مايشر الزيت على تيابنا والوصيه الدائمه من امي (مسوك الصندويشه من تحت حتى مايشر الزيت على تيابك وبس اكلت غسل ايديك مو تمسحهم بالصدريه ها)؟!

بكل حارتنا ممكن تلاقي ولد عندو طابه وعادة كان شايف حالو واخلاقو زباله لذلك نضطر نتملقو مشان نلعب معو بالطابه مع انو ماكان سعرها غالي بس مو قدرة أهالينا؟.
لما كبرنا شوي صرنا ندور على شغل بالصيف او يلي والدو صاحب مهنه ينزل معو عالشغل!. انا والدي كان عسكري لذلك كنت دور مع رفقاتي على ورش الابنيه الجديده وكنا نحمل بلاط وقرميد ونحاته للطوابق العاليه وتنكسر ظهورنا من التعب مقابل ليرات وقروش حتى نجخ ونروح عالسينما وناكل فلافل ونطلع بالباص ولما صرنا ندخن كنا نشتري الدخان بالسيكاره!. قصة بالباكيت هي شغل خواجات مالنا علاقه فيها وكنا مبسوطين وضحكاتنا توصل للسما وماقلنا في يوم من الأيام نحنا فقرا او محرومين من شي؟.

وكبرنا واشتغلنا وصرنا ناكل يلي بدنا ياه ومرينا بأيام بحبوحه ناكل فيها اللحمه بلا خبز ومرينا بأيام سود متل أيام حصار حلب واكلنا معكرونه بزيت مطبوخه عالفحم يلي اصلاً من باب المطبخ المخلوع لأنو ماكان وقتها في أي نوع من انواع الوقود والتحفنا بالحرامات بالبيت وعالعتمه كنا نقعد واحكي لمرتي واولادي على نوادر معبر الموت “بستان القصر” يلي كنت مضطر اعبره اربع مرات بالاسبوع لكن رغم مأسوية العبور حاول احكيلهم ياها بطريقه كوميديه وانو شلون كنت هرٌب الدخان بكيس من كرتون عملت فيه ارضيه من كرتون وتحتو الدخان وهيك قصص؟!. كنا نضحك اي والله العظيم كنا نضحك عالعتمه والجوع وبلا حمام من اسبوع واحياناً اسبوعين وكنا نضحك ونقول مافي شي بيدوم وقول لأولادي المتل الشهير (إن الضربات التي لاتقصم ظهرك تقويه)؟.

راحت هديك الأيام وراح تروح هالأيام ومافي شي بيدوم!.
طيب انتو الآباء يلي من جيلي، عشتو متلي إلا كنتو خواجات وباشاوات؟. اصلاً بكل حلب ماكان فيه إلا حاره وحده للخواجات هي حارة “الجميليه” اليوم؟. يعني معظمكم عاش متلي ويمكن افضل شوي او اسوأ لكن نفس الطبقه يعني؟.سؤالي:
انتو ليش اليوم صرتو خروق؟. تعلمتو عالعز والدلال وصواني اللحمه والفروج عالسيخ وأكل المطاعم؟. نبيكم يلي قال وهو أصدق الصادقين (اخشنوا واخشوشنوا فإن النعم لاتدوم)!. اي خيو حتى ماحدا يصرع طيزي بكلمة انت بالمانيا وتعا دوق وتعا جرب وتعا كول فلق متلنا وانت مابتعرف شي والحكي مو متل الشوف الخ!!.
اي انا بالمانيا بس يلي عم يشكي من جوع كذاب لأنو بسوريا ماحدا بجوع، قولو محرومين صواني اللحمه والفروج وصندويشات الشاورما والقعده بالمطاعم والكراسين عم تفتل حواليكم واهلين يا استاذ ومية السلامه وانتو مجعوصين وعم تحكو من روس مناخيركم وافتكرتو حالكم اساتذه بحق وحقيق— مع انو لقب استاذ هي حصراً للبروفيسور الجامعي بس يلا فشو عقدكم مو مشكله– تفضل استاذ والكرسون واقف بكل ادب واحترام وماسك القلم وانت عم تطلب: هاتلنا صحن مشاوي مشكل ومتبل وسلطه وصحن برك وبعدين بتلفت حضرتك لمعازيمك وتسألهم وغيرو شباب قولو لاتستحو؟. ناخد ويسكي إلا عرق انت شيخ مابتشرب جبلو كولا!. هيك احكو لاتقولو جوعانين لأنو عيب انتو ماعرفتو الجوع بحياتكم!. بكرا عندي منشور خاص عن الشعوب الجوعانه يلي كان ياكلو الحشرات من الجوع الحقيقي ويشربو المياه الملوثه والمرض والموت حدث عادي بحياتهم ومعدل طويل العمر فيهم 42 سنه؟!
بايدن فتح الفيسبوك تبعكم وافتكركم استويتو من قيصر واتصل بإبن ناقص بالإمارات حتى يقول بدنا نساعد الشعب السوري الميت من الجوع بس المشكله بقانون قيصر والحل السياسي يلي رئيسنا عم يرفضو وهو دستور طائفي متل العراق وإسرائيل 2 للأكراد في شمال شرق سوريا!!.
يلي ما اخدوه بالحرب بدهم ياخدوه بقيصر والبركه طبعاً فيكم؟. والله لايوفق كل واحد عم يشوح وينوح عالفيسبوك وهو ماسك موبايل وعم يفتري عالعالم بقصد او عن غير قصد وقال انو عم ينقل معاناة الناس يعني الواحد مابصير يعبر عن المعاناة؟. تعبر عليك مدحله وانت شغال طابور خامس قادر ياكريم..
بايدن فتح الفيسبوك تبعكم وافتكركم #استويتو من قيصر واتصل بإبن #ناقص بالإمارات حتى يقول (بدنا نساعد الشعب السوري الميت من الجوع بس المشكله بقانون قيصر والحل السياسي) يلي رئيسنا عم يرفضو وهو #دستور_طائفي متل العراق وإسرائيل 2 للأكراد في شمال شرق سوريا!!.يلي ما اخدوه بالحرب بدهم #ياخدوه_بقيصر والبركه طبعاً فيكم؟. الله لايوفق كل واحد عم يشوح وينوح عالفيسبوك وهو ماسك موبايل وعم يفتري عالعالم بقصد او عن غير قصد وقال انو عم ينقل معاناة الناس يعني الواحد مابصير يعبر عن المعاناة؟. تعبر عليك مدحله إلهي وانت شغال #طابور_خامس قادر ياكريم..
بسم الله الرحمن الرحيم
وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فاذاقها الله لباس الخوف والجوع بما كانوا يصنعون)))
اشعر ان هذه الآية تلخص مانحن فيه!!
فعلا بما صنعت ايدينا…
عشنا سنوات من الرفاه !! لكننا ما حمدنا الله ولا شكرناه!! وكفرنا بنعمه..
والحمد لله دائما وأبدا..
وتبقى مقالاتك بلسما لوجعنا
وتوازي الخبز في طعامنا..
ربي يطول بعمرك ويعطيك حتى يرضيك..
وترجع سوريا آمنة مطمئنة … يا رب العالمين