كلما دخلت الجامع الأموي .. استوقفني مقام يوحنا المعمدان ووقفت حائرا أمامه .. ففي وسط الجامع الأموي ينتصب مقام ورمز مسيحي عملاق .. كما القلب في الجسد .. كأنه يصلي معنا .. وكأننا نصلي معه .. بل انه يصلي معنا واننا نصلي معه .. قلب مسيحي ينبض في جسد الجامع الأموي .. وكأنه يجسد كل علاقة الاسلام بالمسيحية في بلاد الشام .. حيث يكاد الجامع الاموي يموت اذا خرج منه قلبه .. ويكاد قلبه يتوقف عن الخفقان اذا مات الجسد حوله ..
أعترف انني في هذه الحرب شككت بالأديان وشكوتها كلها الى الله .. لأنني رأيت كيف قفز أبو لهب من القرآن ووثب علينا مع امرأته حمالة الحطب .. وكيف قتلنا ابو جهل بحد السيف وحد الجهل .. ورأيت يهوذا الأوروبي يقبلنا ويبيعنا ويصلبنا .. ولكني سأعترف أيضا انني في هذه الحرب ثبت قلبي في جسدي كما ثبت ضريح يوحنا المعمدان في قلب الجامع الاموي .. لأنني سمعت صوت الراهب بحيرا في أذنيّ .. يقول لي لاعليك ياابن أخي ..
نعم أنه صوت الأب الياس زحلاوي كنت أستمع اليه بصوته الهادئ الوديع ومبادراته في هذه الحرب .. وهو يخفف عنا .. وسط ضجيج الفحيح الاسلامي الاخواني والنباح الوهابي والعواء العثماني والنفاق الاوروبي .. كأني أستمع الى صوت راهب في الشام ردد على مسامع النبي قولا كريما .. وأحاطه بالتراتيل والصلوات ..
لاتلوموني ان قلت ان قلبي صار عاصمة للحب في زمن الحرب بسبب صوت راهب .. لأنني كنت أحس بايمان بحيرا في صوت الياس زحلاوي .. وأسمع يقين المعمدان في دم الشهداء .. فأزداد يقينا بالنصر ..
وعندما كنت أستمع اليه وهو يهدئ من روع الناس ويثبت قلوبهم كلما هدم الارهابيون كنيسة كي يمنعوا أجراس الكنائس في شرقنا كنت أقسم على أن أدق الأجراس من على مئذنة الأموي وأن أرتل المجد لله في علاه من محراب الأموي .. كيلا تتوقف الأجراس ولاتهدأ التراتيل .. فكيف لانحب صوت بحيرا ولانرفع اسم المعمدان مع الأذان من بعد ماسمعنا صوتهما في صوت الياس زحلاوي الوطني؟؟..

ماذا أهديك أيها الأب العظيم في الذكرى العاشرة لانتصار وصية الراهب بحيرا على جحافل المشركين وأحبار خيبر؟؟ ماذا يهدى من كان بمكانة الأب للجميع؟؟ .. وكيف يمكن أن يكرّم جرح المسيح الذي ضحى من أجل الانسان ؟؟ ..
اعلم ياأبت .. كم ستحزن دمشق عندما تدرك كم علقت أوسمتها على صدور لاتستحقها وخانتها .. وأن من يستحق الأوسمة مشغول عن التكريم والأوسمة بالصلاة لها والترتيل لها .. ويحمل الحجارة في هذا العمر كي يبني سورية حجرا حجرا .. وهو بشخصه وسامها الأغلى .. ووسامها الاعلى ..
أما آن الأوان كي يعلق وسام دمشق الأعلى على صدر بحيرا؟
أتمنى ياأبت أن تكرمك دمشق كما أكرمتها .. عرفانا منها بجميل فعلك .. واخلاصك لوصية بحيرا .. ولقلب الجامع الأموي يوحنا المعمدان وشجاعته والذي لم يخش في الحق لومة لائم ..
شعرت للحظات اني في اتلانتس بهذا الكلام الطاقة الجميلة