أغنية رددها طلاب استنفرت على إثرها وزارة كأن كارثة حلت بها ثم أصدرت بيانا فيه من الحمية ما يثير الغرابة .. بيان خطير و قضية تافهة بل حادثة لا ترقى لتكون قضية .. البيان ذكر أن ذلك السلوك يشكل خطرا على ما أسماه ” منظومة القيم الوطنية و الاجتماعية للأطفال ” .. انظروا العنوان العريض .. و ذكر شيئا عن ” المنهاج الخفي ” الذي يحمل بمعناه سعي الأشرار لإفشال الخطط الموضوعة لتنشئة الأجيال المناسبة .. تخيلوا بلدا يواجه أمريكا و نصف العالم يخشى أغنية .. لا أعلم كيف وصل خبر الخطب الجلل إلى الوزارة عبر وسائل التواصل أم عن طريق ناقل حاقد يمكن أن يعد من جيش المجاهدين المندسين .. ماذا لو ردد الطلاب ” طلع البدر علينا ” لامتلأ قلب الوزارة حبا للحياة ربما و لأصدرت بيانا تثني فيه على الطلاب و المعلمين و سيكون الحدث دليلا على ما ينتظر سورية من مستقبل مشرق ..
البيان كان أشبه باعتذار و ورقة اعتماد باهتة قدمت لجهة مسؤولة متزمتة يسوؤها الغناء ..
وجود تيار متطرف في المجتمع السوري حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها و لا أن ينكر سطوتها على كثير من السياسات الداخلية الأكثر أهمية و خطرا المتعلقة بالتربية و مناهج التعليم و قطاع الإعلام .. ..

من حق الوزارة أن تستنفر و أن توجه كتبا لمنظمات الشبيبة و الطلائع و تناشد الأهالي و أن تطلب مؤازرة وزارة الداخلية حرصا منها على المنظومة .. لكن ماذا فعلت بعد أن شاهدت بأم عينها الفشل الذريع لتلك المنظومة حين حمل من فرختهم السواطير و جاؤونا بالذبح و الاغتصاب و اللواط و السرقة و كل ما ينافي الأخلاق و الفضيلة و الدين و الإنسانية ما هي الخطة الصارمة التي وضعتها لتعالج ذلك الوباء .. ليس الخطر في أغنية و لا فيما ورد في البيان و إنما فيما أظهرته الحادثة ككل من وجود جهة رقابية مريضة أهدي لها حرص الوزارة المبتذل .. هي ذات الجهة التي قدم لها التلفزيون الرسمي اعتذارا و أظهر ندما لمشهد من مسلسل ساسوكي الكرتوني ” أو غرندايزر لا أذكر ” وصف وقتها بأنه مخل بالآداب .. الآداب و العلوم التي ينشأ عليها الملائكة العرب و المسلمين .. حيث النساء بلا أثداء .. أطفال اليابان لأجيال متعاقبة رأوا ذلك المشهد و غيره و لم يهنوا و لم ينحرفوا و لم يحملوا السواطير ثأرا لآلهة الكوجيكي ” كتابهم المقدس ” و إنما أعادوا بناء بلد حطم عسكريا و نفسيا و ما زالوا يبنون ..
للأسف هناك تيار خطر مفقود منه الأمل يراعى و يحابى منذ نشأة الدولة كلما سنحت له الفرصة يظهر أنيابه و أظافره و يضعها قيد مواجهة منهكة عبثية
.. تيار خفي و ظاهر بآن معا يسعى دائما لتنشئة أجيال مدجنة غارقة في العقد تخشى الحياة و تبغضها فترى في ثارات الغابرين حلا ..