هذا الشتاء سيكون قاسيا”، تجمعت الكلاب كما هي العادة لتدفئ بعضها البعض.
أول ليلة أشعر بشدة البرد هذه السنة حدث الكلب ذو الأنف المشقوق نفسه ، تلفت حوله المجموعة كلها هنا تقريبا، إلا البني يغيب كثيرا” هذه الأيام ، منذ تلك الحادثة يغيب كثيرا” ، لا بأس سيعود في النهاية لا مكان آخر يذهب إليه فهو كلب جعاري بالنهاية، وسيعود لا محاله مهما خيل له غروره غير ذلك ، مهما كان لونه البني جميل ب لون التراب بعد المطر هو في النهاية كلب جعاري
أغمض عينيه و غفا، الريح تشتد خلف الصخرة التي يحتمون بها ولكنه غفا ،استيقظ عند الفجر، الشمس تبدأ ببسط ضوءها على الصخور بتؤده ، أسرع قبل الآخرين و قفز فوق الصخرة ليدفء نفسه ، نظر نحو الأسفل ليلاحظ أن البني ليس موجودا”، حسنا لا يهم ، لقد تغير فيه الكثير منذ تلك الليلة.
بدء الجميع يستيقظ و انتشروا متمددين ليكسبوا دفء الشمس، نادى ذو الأنف المشقوق كلبا” أسودا” يتميز يذيل عريض كمن طرق بالمطرقة ، كانوا ينادونه أبو ذنب ، سار أبو ذنب باتجاهه بهدوء رأسه متجه نحو الأرض حتى يكاد يلامسها و يقفز قفزا” خفيفا” على أرض أكثر مما يمشي مشيا” عاديا”
اقترب من الصخرة و لكنه لم يصعد إليها ، فزجره ذو الأنف المشقوق حتى صعد إلى الصخرة و قرب رأسه منه ،

لم يعد البني أليس كذلك؟
لم أره منذ يومين هنا
هل رأيتموه في مكان ما ؟
أنا لم أره ثم التفت باتجاه المجموعة و صرخ قائلا” هل رأى أحدكم البني في مكان ما ؟
أجاب كلب مهزوز، يهز رأسه كما الرقاص
بأنه كان يراه مستلق أمام أحد ابواب المزارع التي تقيم الحفلات دائما” و كان يبدو سعيدا”
سكت الكلب ذو الأنف المشقوق ونهض أشار لأبو ذنب و للمهزوز أن يتبعوه فقد بدأ النهار .
بدأت الكلاب تسرح ، تسرح بشكل جماعات صغيرة و تتجول في الشوارع و الطرقات .
وجد ذو الأنف المشقوق البني واقفا” أمام باب المزرعة كما أخبره المهزوز
لماذا لم نعد نراك ؟
تفاجئ به البني و ووقف قبالته ثم أجابه
لا مكان لي بينكم
لماذا ماالذي حدث؟
تعرف جيدا” ما حدث
أراد ذو الأنف المشقوق أن يحيبه بغضب و لكن احساسه باقتراب سيارة خلف باب المزرعة جعله يتراجع للخلف بحركة مستعجلة و قال له تعال اليوم مساء” لدينا الكثير لنتكلم به مع الجميع
و انطلق بعيدا” واثناء ابتعاده التفت ليجد سيارة بيك آب سوداء تقف قرب البني و تداعبه وترمي له قطع لحمة ، أطلق عواء” طويلا” ليراه البني ، لم يعره البني حتى التفاتة ، فتأمله ثم أنطلق مسرعا”.
في المساء تردد البني في أن يذهب أو يبقى مكانه ، كان يسير بحركة دائرية عندما اقترب منه المهزوز ووقف قبالته
تعال معي
لماذا؟؟ ليس لي مكان بينكم
تعلم أنك لن تستطيع العيش بدون القبيلة ، تعال معي حتى نتكلم و نوضح كل شيء
سكت البني و نظر باتجاه المزرعة
فتابع المهزوز هذا ليس لك سيتخلون عنك في ثانية و قد تكون نهايتك رصاصة لا أكثر
نظر إليه البني بحيرة، في قرارة نفسه يعلم ان كلامه صحيح.
حسنا” هيا بنا … أين تجتمعون ؟
في تلك البناية المهجورة على أطراف المدينة تعرفها
أجل أعرفها هيا بنا
البناء كان متطرفا” في شارع جانبي مسكون ،الأبنية فيه مكتملة إلا هذا البناء
كل الكلاب التي يعرفها مجتمعة و لاحظ وجود وجوه جديدة
هناك خطر من بقاءكم هنا فالشارع مسكون
رد عليه ذو الأنف المشقوق
هنا يتوفر الكثير من الطعام في القمامة و في أماكن أخرى فاغلب البيوت ندخلها ، ثم أنهم جبناء جدا” نستطيع الآن الخروج إلى الشارع و لن يجرؤ أحد على الخروج من بيته و إلا فهو سيعلم ما هو مصيره
أجابه البني باستهزاء
معك حق هم جبناء و أنت قوي على الجبان والضعيف و المحتضر
نظر إليه ذو الأنف المشقوق بازدراء
واقترب منه متحديا” بصوت عالي
هذه هي الحكاية إذا” رجل محتضر! ابتعدت عنا ووقفت بباب مزرعة ذليلا” بسبب هذا !
هل تظن أنهم سيقبلون بك كلب حراسة مدلل ! أنت واهم … ستبقى كلب جعاري لاغير … لا تستحق سوى الموت بنظرهم، لن تخرج من نظرتهم أبدا”
ابتعد البني قليلا” للوراء وصرخ
لقد أكلت لحما” ملعون ، أكلتم جميعكم لحما” ملعون … هذه لعنة ستلحق بكم لعنة في كل أرواحكم و إلى الأبد
اقترب منه ذو الأنف المشقوق وصرخ بصوت أعلى
من نحن ؟… اخبرني … هيا …
ماذا نأكل؟ … هيا تكلم ؟
لم يجبه البني
نحن نأكل اللحم هذا نحن… لا فرق بين لحم ولحم عند الجوع … تتحدث بغباء … عندما تجوع لافرق بين لحم ولحم .. الفرق هو بين حياة و موت …
تماما كما الفرق بين الجوع و تذللك على باب المزرعة
أجابه البني
هناك فرق كبير … لا تستطيع أن تأكل لحم رجل جريح يحتضر و هو يراقبك … هذا لحم ملعون ..وأصبحتم جميعكم ملعونون ،ألم تسمعوا أنينه وأنتم تنتزعون لحمه عن عظمه ؟ … ألم تشعروا بروحه بين أسنانكم و انتم تمزقون أعصابه ؟ ألم ترعبكم نظرات عينيه عبر الدماء التي تغطي وجهه ؟ … ماذا أنتم؟ … أخبروني … أنتم لستم كلاب لقد انتهكتم ناموس الآباء ستبقون بلا ذاكرة ،ستبقون مسعورين ، الآباء قالوا أن من يلعق دم بشري و يأكل لحمه سيتحول لوحش و ينسعر ، أنتم ملعونون … ملعونون .. و ستلحقونه بطريقة وحشية
قال عبارته الأخيرة بصراخ شديد
قاطعه ذو الأنف المشقوق
هل تتكلم عن الناموس؟
لقد شق أنفي وأنا أحاول أن أهرب بعد أن ربطني انسان من رقبتي و أبقى علي جائعا و عطشا” لفترة طويلة حتى بانت عظامي ، كل يوم كان يأتي و يجلدني و يذهب و عندما تمكنت من الهرب لم استطع السير لمسافة طويلة فاختبأت في حفرة وانتظرت الموت، حتى جاء المهزوز و جلب لي قطعة لحم عفنه من الحاوية ، هذا هو الناموس؟
المهزوز يتعثر بكلامه و رأسه يهتز بشكل دائم لأن أحدهم أمسك به و هو جرو صغير و أخذه لطفله الذي يبلغ من العمر عشر سنوات ليتسلى به فكان الطفل يضربه بأقصى قوته بقضيب من حديد حتى يغمى عليه ،هذا هو الناموس؟
أبو ذنب كان يتقاسم طعام الحاوية مع طفل منهم ، اعتبروه كلب جعاري لا يمكن ان يسكن بيوت عادية فنام في الحاوية ، هذا هو الناموس الذي تتحدث عنه ؟
كل كلب هنا و حتى أنت لك قصة مشابهة معهم
كل كلب هنا أكل من لحم ذلك الرجل الجريح الملقى على جانبي الطريق ، لأنه لحم و لأنه جائع و لاننا نأكل اللحم ،لقد استطعت على الأقل أن اسكت جوعهم .
أكد على كلامه كل من كان في البناء المهجور من الكلاب
رددت … نعم هذا صحيح
سكت البني أجال نظره بينهم يتأملهم جيدا”، عرف أن الأوان قد فات فلا فائدة من الحديث ، رائحة الدم البشري تخرج من أفواههم و عيونهم و جلدهم ،أدار ظهره قائلا” حسنا” اذا علي أن انسحب و كلوا ما شئتم .. لا تستطيعون سماعي ، أنا أتذلل على باب مزرعة و أعرف أنهم قد يغدرون بي في أي وقت ، و لكن … لا أحتمل اللحم الملعون … تريد أن تكون زعيما” حسنا” …
و التفت لكي يخرج و يبتعد
حاصره ذو الأنف المشقوق و أوقفه مستنفرا”
نحن لسنا ملعونين ، وعليك أن تكف عن قول ذلك
نظر إليه البني و وقف بوضعية القتال
استنفرت الكلاب جميعها بوضعية القتال
أعاد ذو الأنف المشقوق تأكيده
كف عن قول أننا ملعونون
اجابه البني لا لن أكف عن ذلك …
أكلتم لحما” ملعونا” … مالذي يغير ذلك لا شيء
وهجم على ذو الأنف المشقوق
فهجمت الكلاب جميعها عليه و تطاير لحمه بين اسنانهم
نسيبة مطلق