كما تتسلق الشمس أبراج السماء كي تعلن نفير الضوء على محافل الليل يتسلق الفكر التقي معارج العقل كي يشرق كلمة حق في عالم يغزوه الماديون بفضائل معاشر الضياع التي تحقق أحلام أباطرة المادة .إننا اليوم في زمن تجلي مجازر الفكر المقفر من الروح فعلى أرض الواقع حروب لامفر من ملاقاتها عقليا عبر قراءة دقيقة ليتحقق الوضوح لمن أراد معرفة الحقيقة فمن يظن بأننا نقاوم كي نبقى فقط فهو متأخر عن معرفة الوجود بل نقاوم لأننا نؤمن بجمال معتقداتنا التي شيدت على أسس أخلاقية عليا والتي تجعلنا نفرق بين الحقد و الإيمان وبين المجرم والفارس وبين العبد والسيد وبين المؤمن والمتدين إذ إن جميع الكائنات على هذه الأرض تصارع من أجل البقاء ولكن القلة القليلة هي التي تصارع لأنها أقرت بالإنسانية مذهبا لمن فر من التوحش المادي ذاك الوباء الذي خسف الإنسانية في الإنسان ..من يريد أن يدافع عن شرف قضيته عليه أن ينتسب إلى السمو حتى لا تعلو فكره اسقف الجسد بل اسقف السماء.
لايمكن لعقل بلغ مجد الفكر أو بساطة النفس التقية أن يحاكي الحرب على سوريا من ثقب في باب بل لايمكن النظر إلى الحرب من خلال حالة فقط فكل مانشهده اليوم هي متولدات عن عدة صراعات عميقة فالمتولد المادي الذي نراه اليوم يتحكم بعيش السوري لم يقع إلا من بداية ارتباطه بالأكذوبة الشهيرة التي ترجمها ثوار أكذوبة الاظافر المقتلعة التي كانت تمثل شرارة حرق سوريا فكانت تلك الشرارة مبتدأ لنشوب مخالب من نار وحديد غرزت في حياة كل سوري واقتلعت حياة مئات الألاف من السوريين ولاتزال تلك المخالب مستمرة في افتراس خبز السوريين هكذا فقط استمرت ثورتهم الدموية في قتل السوريين بشراكة إخوان الفساد المادي فلا يمكن فصل ثوار الدم عن الفاسدين لأنهما كل من بعض .

لم يقع سوء الحال في سوريا نتيجة سياسة سورية ما قبل ٢٠١١ فلو كانت السياسة السورية سادية أومادية لماكان للغرب أن يقف خلف أمريكا ومعهم أعراب النفط ليحاربوا سوريا بل كانوا سيجدون اتفاق محاصصة فما كان لأنظمة الخطأ الأعظم في المنطقة أن تعلن الحرب على دمشق لأنها تريد آمان دمشق الذي كان موجودا ومحققا إذ لا يعقل أن يهاجم دمشق كل من تركيا و تل أبيب والرياض وقطر مجتمعين ليعيدوا دمشق إلى جادة “الصواب” والإستقرار ؟؟ بل لتنهج بسياسة تلك البلدان أو لتصبح عراقا أو لبنان جديد.
من ساهم في قتل صدام حسين وتدمير العراق من حكومة اردوغان انذاك والخليج ماجاء ليحرر دمشق بل ليدخل الامريكي ناهبا ومدمرا والعراق أبلغ حجة على ذلك
من يلجم اعلامه وسياساته خلال سنين حكمه الاخواني عن بناء (فدائي) واحد لقتل سفير امريكا أو تل ابيب بعد كل مافعلوه في الفلوجه وبغداد وشنق رئيس مسلم في العراق وحرق غزة هو سياسي يتبع نهج مصالح دول فمن استطاع اعلامه في عدة اشهر أن يصنع ((فدائيا)) لقتل سفير روسيا ولم يستطيع صنع قاتل للامريكي او رماة للحصى على قاعدة الناتو التي قتلت من المسلمين مالايعلم منذ قيامها هو مسلم عندما تريد منه المصلحة ذلك أي أننا في مواجهة الفكر المادي القبيح وهناك جمهور لهذا النفاق .إن ما يحدث في سوريا هو نتيجةلسياستها الوجودية في مواجهة فرض الأمريكي لسياسته إذ لايمكن لأي دولة في المنطقة والعالم أن تلقى رضا أمريكا إلا إذا كان لأمريكا في سياساتها وجود قوي فلننظر إلى تركيا نجد قاعدة للناتو الصهيوني وعلاقات للعدو الصهيوني فوق عادية و أما الخليج فمستعمرات عسكرية واستخباراتية وللعراق بلد النفط نجد فيه فقرا لايطاق بعد تحريره امريكيا وهو خارج أي حصار وحرب وليس كما سوريا . إن سوريا كانت تسير اقتصاديا نحو تحقيق قوة اقتصادية بعامل الاستقرار الأمني والسياسة الخصبة بالمرونة والاستيعاب لأضداد السياسة العربية وهذا ماكان يؤسس لقوة اقتصاد آمنة مستقرة على الرغم من دعمها للمقاومة فمن كان يستطع فعل هذا إلا لمعرفته فن خوض المواجهات إن ماحدث في سوريا هو نتيجة عقم العقل العميق وانعدام القرار السيادي للدول المحيطة بدمشق ولو كان لأحد من العرب الرؤية البعيدة ماكان ليهاجم دمشق او يصمت بل كان ليستثمر بعلاقاته مع دمشق ويفرضها في سياساته كقوة له مع الامريكي ولكن من لم يكن سيدا لن يفرض شيئا على سيده ولذلك اتحد الأضداد جميعا ضد سوريا أخواني و وهابي وعلماني غربي وعربي فما جمع الاضداد سوى أن سوريا باتت تشكل تهديدا
فلا يسمح لسياسة مستقلة في منطقة غير مستقلة أن تسمو في قلب مستعمرات السياسة الأمريكية. إن من يريد أن يحاسب لايجب أن يربط المحاسبة فقط بالفاسدين الحمقى في الداخل لأن الجميع في المنطقة مسؤول عن الغدر بسوريا وحرقها وإن كان قد وقع الفقر فقد وقع بسبب فقر العقول التي تظاهرت بعدم الحياة الكريمة فأقحلت سوريا بقحل عقول من صرخ أين الكرامة وهو في عاصمة الكرامة والشرف في عاصمة كلما صنعت صاروخا كان يذهب إلى المقاومة في فلسطين وجنوب لبنان..إن سوريا المتهمة بالطائفية كانت تدعم حماس السنية كما لم تدعم حزب الله الشيعي والغرب لم يحارب دمشق لأنها تدعم حزب الله فقط إنها أكذوبة نشرتها ثورة الطائفية في سوريا لقدحارب العالم المادي دمشق لأنها كانت توفق بين المسلمين والعرب وتنفي الطائفية وتدعم بقوة مباشرة فصائل المقاومة الفلسطينية ومنها الجناح العسكري لحماس والمكتب السياسي لها و الذي عرض دمشق لضغوط غير عادية فمن ينسى هذا كله ..
وحدهم الطائفيون شاهدوا أن سوريا تربطها علاقات طائفية مع حزب الله ولم يشاهدوا علاقات سوريا مع الفصائل المقاومة في فلسطين حتى بعد انقلاب حماس ولجوء مكتبها السياسي إلى إمارة أول المستسلمين الأعراب قطر الأمريكية تابعت دمشق دعمها للمقاومة في فلسطين فهل دمشق مجرد جغرافيا أم أعين تبصر في جسد أمم عمياء .
على الرغم من واقعية هذه الحقائق هناك من يدعو الناس إلى قراءة مغايرة ويحرضهم على الإستسلام إلا أن الفكر الحق هو من يزرع الإنسان في أرضه و لايقتلعه وهو من يحدد الظرف الذي يريد عندما يؤمن بنفسه كنواة تأثير إيجابي .والمفكر من يتحول قلمه إلى منجل يحصد النار من حول المتألمين ولا يدعها تحاصرهم ولايجعلها عاملا محرضا على التعاسة والفرار من المواجهة لأنه وبكل بساطة سوف يفر هذا الإنسان من كل ظرف ينتج عن أي مكان يلجأ إليه عندما تتهدده أبسط الأمور الحياتية كما أنه لن يكون محل ثقة الآخرين ممن لجأ إليهم فمن فر من معقله الوطني فهو محكوم عليه فكريا بالفناء ولو ملك الوجود لأنه تداعى أمام الظرف الوحشي وثمة فرق رهيب بين من يتغرب لأجل عون أهله ووطنه ومن يفر لغير ذلك فذاك لأن العلاقة الوجدانية مع وطنه قد انتهت بعامل ظرف مؤقت.إن المفكر الحق لايغادر موطنه حتى لوغادره جسدا إذ أن سوريا اليوم ليست قضية وطن جغرافي فقط لقد تعدت سوريا حالة الجغرافيا ولهذا لاأستطيع أن أتحدث عن كارثة هناك وفاجعة ظرفية تحيط بالسوريين وأنا لم أتعرف بعد ماهي الحرب التي أخوض ..جميع الأمم تعرضت للفناء بطرق شتى ولكن سوريا اليوم تتعرض لفرض فكر على فكر لفرض الدم على السلم والحقد على المحبة والجريمة على الأمان والبهيمية على الإنسانية والداء على الدواء سوريا تحيا ملحمة فكرية بين الهزيمة والنصر بين الصدق والكذب و بين المجهول والمعلوم انه صراع بين شعاع عقل و دماغ يتقيء الجهل. سوريا ليست مجرد جغرافية مستقرة على وجه الأرض سوريا موقع تجلي حقائق الأنفس في المحن واستقرار الجبال البشرية في الزلازل الظرفية الوجودية في سوريا لاتتكلم البندقية بالرصاص بل بالحياة ولايقود المعارك فيها محارب عادي بل إنسان يقود الصلح قبل وبعد الحرب فلا يذهب إلى المعركة بقرار هزيمة ابن وطنه بل بإستعادته من قرار هزيمته إلى قرار عودة الأخ لأخيه هكذا تتكلم في سوريا البنادق لأن الفكر التقي هو ما يذخرها وليس الحقد..بعض الأحاديث تحرض السوريين على اليأس والهجرة وتتخذ من الأحوال الآنية مذهبا في فرض فلسفة الهروب قبالة فلسفة المواجهة أيا كان الواقع ولنفترض أن الرؤية منفصلة عن باقي صراعات الحرب هي واقع وأن جيوش الفساد احتلت سوريا فهل يجيز عاقلا الهروب أم المقاومة؟؟ هل لعاقل أن يكفر بدماء ملاحم فرسان الجيش العربي السوري ويدع الأرواح التي قدمت قرابين لأجل بقاءه لأنه ذاق ذرة مما ذاقه ذبيح في الجيش العربي السوري ؟!! ايها السوريين من تبع الإسلام فإن النبي الكريم محمدا واجه كل الغدر والكفر و من ظن إن عليا أوصى بهجر الأوطان فإن عليا قال : ( النفس الكريمة لاتؤثر فيها النكبات) وعليا لم يفر من معركة وواجه الفقر العقلي بالكلمة والسيف ومن بعده آل البيت لم يهجروا ارضهم رغم القتل والتنكيل ومن يتبع نبي الله عيسى فإن المسيح قاوم كل الشر ولم يخش أحد لذلك كان يخاطبهم قائلا : ياأولاد الأفاعي وهنا سار يسوع كالشمس في بحر الليل ومن يتبع روح آرنستوا تشي غيفارا فإن تشي كان يذهب إلى كل وطن يتألم جوعا وكرامة لكي ينقذه فكان يهاجر هجرة تخالف هجرة فلاسفة اليأس ممن يدعون اليوم مفكرين ..نحن في منطقة تغوص في الخيانة وتغرق في العار وتعلو في بنيان الأبراج ولاتجرؤ على أن تعلو بالإنسان علو حبة رمل عن الأرض قبالة الأمريكان والعدو الصهيوني شاهدوا فقط أين تعلو هذه الأمم أما في مواجهة الباطل لاتعلو أبدا ..