لبنان المصاب بالتشمع والتليف السياسي .. كيف رآه جبران خليل جبران؟؟
رغم كل الجعجعة والضجيج والتلوث الصوتي في بيئة المشرق الذي تسببه أصوات الانعزاليين اللبنانيين الذين يريدون ان يكتبوا شهادة ميلاد بالقوة للكيان اللبناني فان كل هذه الاصوات وكل الخطوط والحدود لاتلغي ماتقوله الجغرافيا في خريطة لبنان من انه لايوجد شيء اسمه لبنان ككيان مستقل .. والخريطة تبدو غير طبيعية بل أنها ضد الجغرافيا وضد التاريخ وضد المنطق وهي تظهر لبنان المستقل .. لأن سورية الكبيرة تبدو جسدا ولبنان مثل الكبد فيه .. والكبد يريد ان يعيش مستقلا عن الجسد فيصاب بالتشمع والتليف والتنخر وتعشش فيه الجراثيم .. ويؤذي نفسه ويؤذي الجسم الذي يحتضنه ..
في النهاية هذه مرحلة عابرة ستزول وستصحح الجغرافيا نفسها ويعتذر التاريخ عن هذا الخطأ .. لأن التاريخ لايستمع لهذه الحثالات السياسية مثل جعجع والقوات ووليد بيك جنبلاط وآل الجميل وذرياتهم الخائنة .. التاريخ يستمع للعمالقة مثل أنطون سعادة .. ويستمع للمفكرين الذين هم ضمير الجغرافيا والتاريخ والمنطق .. بل يكفي ان نسمع ماقاله جبران خليل جبران حتى نطمئن ان التاريخ سيغسل هذه المرحلة ويعقم لبنان من هذه الوجوه والاصوات الصدئة ..
اذا كان جبران صاحب (النبي) يقول هذا الكلام فلا شك ان التاريخ يصغي ويهز رأسه موافقا جدا .. وسيمسك بالقلم ويشطب من الصفحات كل من خالف جبران .. ويكتب بطاقتي اعتذار .. واحدة لجبران .. وواحدة للزعيم انطون سعادة ..
اقرؤوا ماقاله جبران .. كي تعرفوا كم كان جبران سوريا وليس لبنانيا .. رغم ان الأصوات والكتابات الملوثة تريد ان تقنعنا ان جبران لبناني وانه من بلاد الحئيئة والحكيم المجرم ووليد جقل لبنان وثعبان المختارة .. وطبعا جبران كان يرفض هذه الحئيئة اللبنانية ويطلب الحقيقة التاريخية .. وهي ان لبنان جزء سليب ومسلوخ من سورية مثله مثل لواء اسكندرون .. وان جبران سوري صرف .. كما هي فيروز وصوت فيروز .. وسيبقى مصابا بالشمع والتليف السياسي الى ان يعود الى جسده ..
نارام
======================
هذا المقال الجميل للكاتب هاني شاهين جدير ان يقرأ بعناية:

لبننة الأديب “جبران خليل جبران” كانت من أكبر عمليات التزوير التاريخي التي دأب أصحاب الفكر القومي اللبناني الإنعزالي على تسويقه وإشاعته.
رغم أنَّ رسائل جبران كانت مليئة بما يُثبت ولعه بسورية وإنتمائه لها إلاَّ أنّ هؤلاء القوم أصرّوا على تزوير حقيقة إنتماء جبران وإخفاء توجهاته السورية.
يقول جبران عام 1912: «أنا لست وطنياً… غير أن فؤادي يكتوي من أجل سورية».
«لو أن موتي سيفعل شيئاً عظيماً من أجل سوريا، فلتأخذ سوريا حياتي»
وفي تمثيليته الحوارية: «بين الليل و الصباح 1919» يقول: «أوه ما أعظم بليتك يا سوريا، إن أرواح أبنائك لا تدبّ في جسدك الضعيف المهزول، بل في أجساد الأمم الأخرى، لقد سلتك قلوبهم وبعدت عنك أفكارهم، يا سوريا، يا سوريا، يا أرملة الأجيال وثكلى الدهور، يا سوريا يا بلاد النكبات، إن اجسام ابنائك لم تزل بين ذراعيك، أما نفوسهم فقد بعدت عنك، فنفسٌ تسير في جزيرة العرب، و نفسٌ تمشي في شوارع لوندرة لندن ، ونفسٌ تسبح مرفرفة فوق قصور باريس، ونفس تعدّ الدراهم وهي نائمة. يا سوريا يا أماً لا ابناء لها».
ويكمل: «اسمعوا أيها المسجونون في سجن ضمن سجن ضمن سجن، ليست سوريا للعرب، ولا للإنكليز، ولا للفرنسيين، ولا لليهود، سوريا لكم ولي. إن اجسامكم التي جُبلت من تربة سوريا، هي لسوريا، وارواحكم التي تجوهرت تحت سماء سوريا هي لسوريا، وليست لبلاد أخرى تحت الشمس. فأنا سوري وأريد حقاً سوريا، وحرية سوريا لسوريا».
كانت سورية هاجسه، فعن تعلقه بها ورفضه تركها، قال: «لو أنني كنت انكليزياً، أو فرنسياً، لتركت بلادي تذهب الى الجحيم، من حيث انقطاعي عن العمل من اجلها وحملي إياها في فؤادي. لكن سوريا ضعيفة والأم عليلة، فليس بوسع المرء ان يتركها لمجرد أنها عليلة» ـ 1919. ويردف قائلاً: «عندما تحقق سوريا حريتها، فإني لن أتدخل في شؤونها بعد ذلك» «مسكينة سوريا، ما برحوا يحفرون في صدرها، طيلة المائة سنة المنصرمة، وما عثروا عليه مدفوناً في صدرها المقدس كان ليكون تاجاً نبيلاً يتوّج رأسها.
وكان لجبران رأي راسخ في الأتراك، فكان يتحدّث عن إنحطاطية الأتراك المطلقة، فكان يقول «إن هذا الطعم المر في فمي، يجعلني أحسّ كأنني قد ابتلعت تركيا».
وعندما نشبت الحرب التركية – البلقانية عام 1912 كتب جبران رسالة وجدانية تضجّ وجعاً وحباً لسوريا لصديقته ماري، فيقول:
«إني ارجو واتضرّع الى الله، أن تؤوّل هذه الحرب الى تجزئة الامبراطورية العثمانية، كيما تحيا من جديد دول الشرق الادنى المسكينة المنسحقة، كيما تفتح الأم سوريا عينيها الحزينتين، وتحدّق من جديد في الشمس». ويتابع: «أنا لست وطنيا يا ماري، غير ان فؤادي يكتوي من أجل سوريا، لقد كانت الأقدار قاسية عليها الى أبلغ حد. آه، لقد كانت أكثر جداً من قاسية. إن آلهتها ماتوا، وأبناءها قد تركوها، ليطلبوا القوت في اصقاع نائية، وبناتها بكماوات عمياوات، ومع هذا فهي ما تزال حية، حية، وهذا اشد شيء إيلاماً، انها حية في وسط تعاستها».
بتاريخ 27 تموز 1917، يقول جبران لماري في رسالة: «ان المشكلة، مشكلة حقيقية لنا في سوريا، نظراً للحركة الصهيونية، وامكانية قيام دولتين في ذلك البلد الصغير، جنوبية وشمالية».. وكان يقصد هنا تجزئة سورية الى دولتين وبالفعل هذا ما حصل لاحقاً.
كما كان جبران يتشارك مع الريحاني بثلاث نقاط مهمة:
1 – الوقوف في وجه الفينيقية.
2 – اعتبار الوحدة السورية الاساس، وكثيراً ما كان يصيح كل منهما جبران والريحاني انا سوري أولاً ولبناني ثانياً، أو يدعو الى وحدة سورية قومية جغرافية سياسية.
3 – اعتبار الإرث القومي للجدود عرباً وغير عرب إرثاً مشتركاً للجميع.
هذا هو جبران خليل جبران، الروح السورية المجنحة التي رفّت ذات يوم من بشري اللبنانية، فوق مسطحات البحار والمحيطات، الى عالم الغرب، حاملة روح هذا الشرق السوري وهمومه وقضاياه مصورة عبقريته مكاناً وبشراً.
