رسالة من محارب سوري سابق الى اللواء البحري أوليغ جورافليوف – بقلم: د. أمجد بدران

سيادة اللواء البحري “أوليغ جورافليوف” البطل نائب مدير مركز حميميم… وبعد تصريحاتك:


خضنا في الحرس الجمهوري السوري “جيش أولاد الفقراء” ولسنوات مئات المعارك من الاشتباك الميداني المنهك للروح والجسد وكثير منها بالسلاح الأبيض كمثل مافعل أشجع أبطال الجيش الأحمر من العمال والفلاحين في الحرب العالمية الثانية الذين لا أظنك تقبل بإهانتهم: لا إهانة شجاعتهم ولا إهانة سوية عقولهم كما فعلت بتصريحاتك!!…
لم أكن وقت قتالي بمستوى رتبتك ومكانتك العسكرية لكني:
أرفض كلامك العسكري ولا أراه يتفق مع بديهيات العلم العسكري وهو كلام سياسي لايهتم بالكرامة فلو هوجمت قاعدة حميميم وهي “عسكرية” بالصواريخ أو لو هوجم مرفأ روسي هل كان وجود طائرة نقل عسكرية بحالة هبوط!! ستمنعك من الرد؟!
فكيف لانرد نحن على طائرتي F16 تهاجم مرفأ حيوي ملاصق لمناطق آهلة بآلاف السكان الأبرياء؟!…
سيادة اللواء:
لأيام من الحرب تشاركت نقطتي العسكرية مع ضباط روس من رتب متوسطة وكان العدو في السنتيمتر الأول بعد جدران النقطة…
حين أتى مساء أول يوم طلبت من العقيد الروسي أن ينام في سريري فرفض وقال بالحرف أن السرير لي وأنه:
“لم يأت لينام في سريري”…
فأجبته:
أنت الأعلى رتبة وسأنام على الأرض بجوارك مع الضباط البقية وهذا ماتسمح به رتبتي!!…
رفض في المرة الأولى وأحرجته في المرة الثانية بأن تركت له السرير ونمت عند أبطالي واقتنع في المرة الثالثة واشتركت الأرض مع ضباطه…
وفي صبيحة اليوم التالي هوجمنا بشدة بالقذائف وتسلل العدو باتجاهنا بأعداد كبيرة وحاول الضباط الروس صد الهجوم معي وطلبوا مني تحديد مواقع العدو بدقة قبل أن يتوقفوا بعد أن أتتهم الأوامر بترك الاشتباك للضابط السوري ورجاله بسبب صعوبة التمييز بين العدو والصديق…


وفي معركة أخرى حين ابتعد أحد ضباط الحرس الجمهوري الشجعان جدا ملازم أول كثيرا خلف خطوط العدو وأصابه العدو بالرصاص في رجله… غضب ضابط روسي شاب بعد أن سمعه يطلب على “التترا” من قادته الكبار أن يتركوه لكثرة رجال العدو حوله الذين بدأ يراهم!! وقد ترجم له الكلام… فصرخ الضابط الروسي يومها بشكل هيستيري وكأن الضابط المصاب أخاه وأشار بيده للرقم أربعة وهو يحمل قناصته باليد الأخرى.. وبينما كان يأخذ موقع قتالي للقنص خرجت من فمه الكلمات الأتية:
أربع ساعات… أربع ساعات.. سأمنع أي ارهابي من الوصول لضابطكم لأربع ساعات… اذهبوا واحضروه…
لكن القرار الذي اتخذه الضابط الجريح بتركه للعدو لينهشه كان هو القرار العسكري الصحيح وهو ما تم…
سيادة اللواء البطل:
لطالما أعجبت بالأبطال من ضباطكم الذين قاتلت معهم لأيام قليلة… وأعجبت بالعقيد فلاديمير ابن بحيرة البايكال في بسالته في البادية السورية واشتباكه البدني وكتبت بعض أفضل مقالاتي عنه قبل ويعد مقتله في سوريا…
ولطالما كان البطل الاسطوري اللواء بانفيلوف قائد الفرقة 316 في معارك “فولوكولامسك” عام 1941 وكان رجاله المغاوير أهم من أتذكره وأنا أقاتل وأدافع عن بلدي حين تتم محاصرتي!!…
فأرجوك سيادة اللواء:
حين تريد تقديم تبرير في المرة القادمة… تذكر أبطالك… اقرأ عنهم ثم قدم تقرير بمستواهم… وأثق برجولة عقلك…
أشكر الجيش الروسي البطل الذي أنقذ حياتنا وإن كنت أؤكد لك:
أننا ماكنا لنموت جبناء لو لم تتدخلوا!! لكن كان موتنا أكيد وإن كان اعترافنا بجميلكم هذا يرضي غروركم الذي هو حقكم كدولة عظمى واكتسبتموه بالعمل والدم عبر الأجيال… إلا أنه لاينقص جسارتنا فعشرات الدول هاجمتنا ولكل حجمه!!… وحتى حليفنا الإيراني لم يكن كافيا لمنع الموت عنا إن كان اعترافي الإضافي هذا يرضيك أكثر!!…
وأؤكد حاجتنا الاستراتيجية لبقائكم سنوات قادمة لنبني بها بلدنا…
لن أرجوك أن تنظروا لمصالحنا بشكل أفضل وبكثير مما تفعلون لأن ذلك واجبنا نحن وعلينا نحن أن نجبركم على ذلك بإثبات كفاءتنا وبإبراز شخصيتنا…
ونحن نفهم مصالحكم ومفاوضاتكم على أماكن أخرى من العالم وقد نكون نحن مجرد تسعيرة فيها!! ونفهم نظرتكم لإسرائيل ولليهود الروس ولخريطة سوريا ومكوناتها التي قد لا تتماشى وكامل مصالحنا… ومع ذلك:
أظن يجب أن تدرسوا تصريحاتكم أكثر في المرة القادمة!!…

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

1 Responses to رسالة من محارب سوري سابق الى اللواء البحري أوليغ جورافليوف – بقلم: د. أمجد بدران

  1. Ebtissam elaghbar كتب:

    ما هكذا يكون الحليف !

اترك رداً على Ebtissam elaghbar إلغاء الرد