اوكرانيا عقب أخيليس الغربي .. بوتين أصاب الهدف ..

يستميت الاوروبيون في سبيل تحقيق هدف واحد وهو تحويل اوكرانيا الى أفغانستان ثانية لروسيا .. او الى أن تكون كويتا لروسيا كما كانت الكويت فخا للرئيس صدام حسين .. او ان تطول الحرب الاوكرانية الروسية الى سنوات كما كانت حرب الخليج الاولى بين ايران والعراق .. ففقه السياسة الاوروبية وقلب فلسفتها هو ان الحروب تفيد الغرب كيفما كانت سواء شنها الغرب او انها قامت نيابة عن الغرب .. طالما ان الغرب هو الذي يستفيد من الحرب اما ببيع سلاحها او سرقة الاطراف المتحاربة ..
فكل حروب الغرب التي قام بايقادها وصب الزيت عليها كانت الغاية منها هي فائدته الاقتصادية والتجارية والسياسية .. منذ حروب نابوليون الى الربيع العربي .. ففي أفغانستان كانت فرحة الاميريكيين لاتضاهى وهم يرون ان اعداءهم الذين قهروهم في فييتنام قد دخلوا الفخ دون ان يخطط الاميريكيين له .. بل انهم بمجرد دخول السوفييت لافغانستان صنعوا الفخ على عجل .. وكان السوفييت يخططون للبقاء شهرين فقط في افغانستان قبل ان يغادروا ويتركوا رفاقهم الشيوعيين يديرون البلاد .. ولكن الاميريكيين خلقوا القلاقل بسرعة في افغانستان .. وجعلوا خروج السوفييت اهانة واستجابة للضغوط واضطر الروس للبقاء .. وكان ماكان ..


وعندما ظهر خطر ايران التي خرجت من تحت العباءة الامريكية ومعها تركة السلاح الضخمة من زمن الشاه أصيبت اميريكا بالرعب من ان توضع هذه الترسانة في خدمة محور معاد لاسرائيل والغرب .. فقررت احراق هذا السلاح بوصفة الحرب نفسها التي هي قلب الفلسفة الغربية .. ولكن كانت الحرب بالكفالة هي الاقل خسائر .. فبدل ان يتم شن ضربات عسكرية على القواعد والجيش الايراني فقد تم تكليف العرب باحراق الترسانة العسكرية الايرانية من باب حماية البوابة الشرقية .. وأبلى العرب بلاء حسنا وحاربوا نيابة عن الغرب الذي لم يفقد رصاصة واحدة با باع كل خردته ومخازنه القديمة للعراقيين والايرانيين ودفع العرب الكلفة .. وفقد العراقيون مئتي ألف ضحية عراقي كان من المفروض ان يدفعها الغرب من جيوشه لمعاقبة الشعب الايراني .. فيما خسر الايرانيون جيش الشاه وسلاحه .. وانتصر الغرب بفكره الجهنمي الشيطاني ..


ولكن تبين ان العراق قد انتشى بالمعركة وصار يفكر ان يمتلك اسلحة دمار شامل .. فتم دفع الكويت كفخ لاستفزاز العراقيين .. وكان كل من يتابع التفاوض العراقي الكويتي يدرك ان الكويتيين ليست معهم اي صلاحية لاعطاء اي وعد او موافقة .. بل عناد في عناد لامبرر له رغم ان العراقيين كانوا يتوسلون اليهم الا يغالوا في عنادهم من باب الاخوة العربية والنخوة .. وكان ماكان .. فقد باع الغرب سلاحه وخردته وخزائنه للعرب الذين دفعوا كل تكاليف الحرب من جيوبهم على داير مليم .. وأحرق الغرب الجيش العراقي بكامله في محرقة رهيبة ..


وعنددما أفلس الغرب في أزمة الرهن العقاري قام بملء الخزائن من جديد عبر الربيع العربي الذي تم فيه اطلاق حروب عبثية بينية واجتماعية عربية لم تنته حتى اليوم .. وسرقت كل اموال الليبيين في البنوك الغربية وهربت كل اموال العرب في دول الربيع العربي الى بنوك الغرب .. ثم عاد العرب النفطيون واشتروا مخازن السلاح الغربي .. واعطوها للثورجيين الاسلاميين الذين دمروا مئات المدن والقرى والمعامل وقاموا نيابة عن الغرب بشن حرب على بلدانهم .. ولم تكلف الغرب اي قتيل .. بل ملئت بنوكه وخزائنه من ثروات العرب للمرة الرابعة .. وفق فلسفة وفقه ادارة الحروب الغربية ..


في الحرب السورية تنبه الغرب الى ان روسيا لم تمت كما كان الكثيرون يعتقدون .. بل روسيا حية .. ولاتموت .. وان عوامل الخطر والتمرد الروسي اكثر مما يعتقد الكثيرون .. بل ان روسيا لديها القدرة على تدمير المشاريع الغربية بدليل انها دمرت المشروع الغربي في سورية بأقل التكاليف .. وعلى الفور بدا التخطيط لمواجهة روسيا بالوكالة .. الاسرائيليون والاتراك والعرب .. كلهم أجراء بيد اميريكا .. كما هي اوروبة حذاء في قدم اميريكا ..


يفكر الغربيون بعقلية ان على الطرف الاخر من لايفهمهم ولايحلل الدروس القديمة .. ولكن الروس أثبتوا انهم لاعبون بارعون .. فقد تمكنوا في سورية من دخول حرب دون ان تتحول الى أفغانستان لهم كما حاول الغرب ان يصنع منها .. وهم يبحثون في وضع اوكرانيا منذ عام 2014 عندما حاول الغرب التسلل في المرة الاولى .. وكان الرئيس بوتين يطلب عشرات الدراسات والخطط المدنية والاجتماعية والعسكرية .. ووضعت أمامه كل سيناريوهات الردود الغربية وقدمت الاستخبارات الروسية التي ملأت اوكرانيا تقييمها لكل الخطوات الاوروبية الاقتصادية والاعلامية .. وهم مستعدون لحرب طويلة ولحرب النهاية لها ولحرب نووية .. ولايكترثون باي خزعبلات وحملات اعلامية معروفة سلفا .. وهم ليسوا في بيئة أفغانستان.. بل في بيئة روسية وشبه روسية وكانت روسية ٣٠٠ سنة.. وهم يعلمون من الحرب السورية ان روسيا كانت في قلب العاصفة الاعلامية التي صورت الرئيس بوتين على أنه حامي الأنظمة الديكتاتورية الشمولية .. ومن يراجع الاعلام العربي يجد ان روسيا نالها مانالها من هجوم وتشويه .. حتى ان موسم الحج تم استغلاله بالدعاء لاهلاك روسيا .. ووصلت التهديدات الى حد ان الرئيس بوتين تلقى تهديدا بنقل الانتحاريين الى قلب موسكو .. ولكن العقل الروسي ليس عقلا سوفييتيا .. بل شيء جديد لم يتعود الغرب عليه ..


موسكو لم تعد تدار بعقلية الرفاق الطيبين الشيوعيين .. بل هناك فلسفة روسية جديدة مفادها أن الغرب لن يترك روسيا .. ولذلك فان المعركة اليوم هي معركة لانهاك الغرب وليس لانهاك روسيا .. اوكرانيا التي أراد الغرب تطبيق فلسفة حرب الاستنزاف بالوكاله .. هي سلاح روسي جديد سيغرق الغرب فيه .. رغم كل مايبدو انه احتفالية غربية بغرق روسيا .. واوكرانيا ستكون عقب اخيليس القاتل للغرب ..


العقل الغربي أصيب بلوثة الانتصارات لأنه لم يقتل بعد في كل حروبه .. وكأنه أخيليس الفارس الطروادي الذي لايموت لأن جسده كله مغموس في ماء الخلود .. ولكن اوكرانيا هي عقب أخيليس كما سيظهر لاحقا بعد ان ينتهي غبار وضجيج التصريحات والتهديدات الغربية .. ومنها سيتلقى ضربة قوية جدا .. فروسيا تنطلق من اوكرانيا .. والغرب سيشهد سقوطا مريعا في اوكرانيا على غير توقع .. فهناك في الكرملين عقول ذكية جدا .. وفلسفة هذا العقل هي التي لاحقت نابوليون حتى نهايته .. ولاحقت هتلر الى لحظة سقوطه .. وستلاحق بايدن وكل فلسفة الغرب الشريرة الى ان تسقط .. انها حكمة تولستوي .. ووعي تشيخوف .. وعبقرية معرفة النفس البشرية لديستويفسكي .. حيث لكل جريمة عقابها ..

هذا المنشور نشر في المقالات. حفظ الرابط الثابت.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s