
هل مرور السّنين يبطلُ الصّلاة ، أو يغيّرُ موعدها ؟
هل نمَلُّ من ذكر الله في أيّ وقتٍ من الأوقات ؟
هل للحبّ ، والعهد ، والوفاء لهم له موعدٌ ، أو مكانٌ ، أو زمان ؟
أوليس بذكر الله تطمئنُّ القلوب ؟!
لا تستغربوا هذه المقدمة ، فإنه يومٌ لا يشبهُ الأيّام ، وتاريخٌ حُفر بذاكرة التّاريخ ٤ / ١ / ٢٠١٤ كما هذا اليوم .
ولذلك : ابدأ بالصّلاة على أرواح شهداءِ مستشفى الكنديّ في حلب ، كوكبةُ المجد إلى العلا .
كلّ عام وأنتم سرُّ ، ونسلُ الخلود ، وشفعاؤنا عند ربٍ رحيمٍ كريم .
فايز شناني
____________________________
كتبت السيدة العظيمة سهيلة العجي والدة البطل الشهيد بنيان ونوس:
كنّا نطلبُ من الله المُعجزة في بقاءِ أسرى الكنديّ على قيدِ الحياة ، وكنتُ أقولُ في نفسي أنّي لم أسمع يوماً في دينٍ من الأديان ، ولا في كتبِ التاريخ ، ولا في حديثٍ مرّ عبر العصور يقضي بإعدام أسرى حربٍ ، وجرحى بالطّريقة الوحشيّة التي مرّت على هؤلاء الرّسل ، رسلِ الخير والجمال والسّلام ، رسل محاربة السرّ والقبح والقتل .
ربّما تضحكون ، أو تقولون بأنني أهذي عندما أقول أنهم رسلٌ ، لكن لو نظرتم ودقّقتم في وجوههم التي اختصرت الحياة في عشرين ربيعاً ، فسوف تدركون أنّهم تحوّلوا من بشرٍ عاديّين إلى أنصاف آلهة بعد حصارٍ دام قرابة عامٍ لبثَ فيه أهلُ الكهفِ كأنّهم غابوا أكثر من ثلاثمائة عامٍ عنّا .
في هذا اليوم قتل إرهابهم ماتبقّى لنا من أملٍ عندما أظهروا وحشيّتهم بعد نشرِ فيديو إعدام رجال الله في الكنديّ حيث تصدّرهم ولدي بنيان ، ودون خجل من الله أولاً ، وأمام العالم الذي يعاني الموتَ السّريري لأنهم بالتأكيد لايعرفون الله .
فكيف لي أن أصدّقهم ، فبنيان أسمعه ينبض في روحي ، وتنبضُ به عيوني ، ودقّاتُ قلبه تناغمُ دقّات قلبي .
إنّني المقيّدة في عاداتٍ ، وتقاليد موروثةٌ من أمواتٍ لها مئات السّنين ، فالكلّ ينظرُ إليّ بحسرةٍ على أنني لا أعرفُ شيئاً ، وأنّني فقدتُ توازن منطقي في رفضي لواقعٍ مؤكّدٍ ، ولذا كنتُ أماشيهم نفاقاً ، وأتقبّلُ التّعازي بفرحِ القلب وأنا أهزأُ بهم سرّاً في قلبي ، يبكونَ وأنا أبتسمُ ، يواسونني وأنا أجاملهم ، يرقبونني باستغرابٍ وأنا في نفسي لا أريد أن أردّ على جهلهم .
مالسرّ يا ترى ؟
لا أصدّق أن بنيان هو هذا الرّجل الذي يبدو عليه ملامح رجلٍ خمسينيٍ ، أو أكثر حتى لو أتى العالم بأسرهِ ليقنعني أنّه ولدي .
كان العزاءُ بالنسبة لي عرساً أزفُّ به ولدي زفّة المجدِ ، والخلود .
صدّقوني لم أُطفئ تلفازاً ، ولم أشعر لحظة إلا بأن بنيان كان حاضراً ، ولم أرَ إلا وجههُ الباسمُ ، وضحكتهُ التي تملأُ قلبي عزّاً ، وفخراً .
صدقوني كلّ من حولي لايعرف شيئاً من حقيقة أنّه وإلى اليوم ، وبعد عشر سنوات الملاك غاب جسداً ، لكنّ روحه سكنت روحي .
سلامٌ عليك يومَ ولدتَ ، ويومَ استشهدتَ ، ويوم تبعثُ حيّاً.
سأبقى أكتبُ إليكَ إلى أن أنسى ولن أنسى أنّ الرّوح التي تنبضُ هي روحكَ التي أحاكي فيها عالم يجهل حقيقة الموت .
أحبك يا ولدي .. كلّ عام وأنتم سرّ حياتي ، وجمال قلبي ، وسعادتي ، وإيماني .
………. كل عام وانت بخير ………………………..
سهيلة العجي
والدة الشهيد بنيان ونوس
